وفد هندى بالقاهرة لمناقشة مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بعد أسبوعين
«التنمية الصناعية» تناقش مع مستثمرين أجانب الفرص الواعدة فى القطاع
السيد نجيدة: يجب تفعيل قانون الإسكان لإلزام المدن الجديدة بالسخانات الشمسية
د. محمد سعدالدين : نقص الوعى والقوانين المنظمة التحدى الأصعب لزيادة الاعتماد على طاقة تدوير المخلفات
د. محمود الجرف : الاستعانة بـ«قطر» فى هذا الملف أمر مستبعد لعدم امتلاكها الخبرة الكافية
د. إبراهيم زهران : 8% أقصى ما يمكن توفيره من طاقة المصانع عبر الطرق الجديدة
خالد أبوالمكارم : انقطاع الكهرباء المتكرر يكبد المستثمرين خسائر فادحة
فكرى عبدالشافى : المصادر البديلة عامل مساعد ولا يمكن الاعتماد عليها كمصدر أساسى
محمد الخشن : اعتماد قطاع التصنيع على بدائل النفط أمر مستبعد
محمد السيد : يجب أن تتعاون الدولة مع المستثمرين لمواجهة هذا التحدى
تسير الحكومة والقطاع الخاص فى اتجاه البحث عن مصادر بديلة للطاقة التقليدية أملاً فى حل الأزمات المتكررة التى تؤثر على القدرات الإنتاجية للمصانع وتقلص من قدرتها على التوسع، وتحد من امكانية إقامة مشروعات جديدة، حيث رهنت الحكومة طرح رخص للأسمنت وغيرها من الصناعات التى تحتاج إلى الغاز، بالقدرة على إيجاد منظومة جديدة لتوفير الطاقة .
وتبحث الحكومة ممثلة فى وزارة الصناعة والتجارة الخارجية مع المستثمرين فى جولاتها الخارجية امكانية تدبير الطاقة اللازمة لتشغيل المشروعات الواعدة التى يحتاجها السوق المصري، فضلاً عن أنها تعمل على الترويج لفرص الاستثمار الواعدة فى قطاع الطاقة، وتحديداً مشروعات توليد الكهرباء من الطاقات البديلة.
قال د. محمود الجرف ، رئيس هيئة التنمية الصناعية، ان وفداً من الشركات الهندية يزور مصر بعد أسبوعين لاستكمال المباحثات، التى بدأت خلال زيارة الرئيس محمد مرسى إلى الهند مؤخراً، وذلك بهدف الاستعانة بها فى إقامة مشروعات لتوليد الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة.
وأوضح د. الجرف فى تصريحات لـ«البورصة» انه شارك الاسبوع الماضى فى مؤتمر دولى متخصص فى بدائل الطاقة الجديدة والمتجددة، لعرض فرص الاستثمار فى هذا المجال بمصر، وأنه ناقش مع شركات أمريكية وألمانية وبلجيكية متخصصة هذه الفرص، وأنه لم يلتق بشركات قطرية متخصصة فى هذا المجال، وأنه من غير الوارد مشاركة قطر فى هذه المشروعات لعدم امتلاكها الخبرات اللازمة فى هذا الصدد.
وفى سياق متصل، لجأت مصانع الأسمنت مؤخرا إلى بحث امكانية تحويل جزء كبير من مصادر الطاقة إلى الفحم بدلاً من الغاز والمازوت، الذى ارتفعت أسعاره مؤخرا بالاضافة إلى النقص الدائم فى امداداته لمصانعهم.
وأكد خبراء وصناع أهمية الإسراع فى إقامة مشروعات لتوليد الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة، وبحث بدائل للوقود التقليدى المتمثل فى الغاز والمازوت مثل توليد الطاقة من المخلفات الصلبة والزراعية، أو اللجوء إلى الفحم، وذلك فى الوقت الذى قلل البعض من امكانية الاعتماد على هذه البدائل فى حل أزمة الطاقة بسبب تكلفتها العالية.
ولم تفلح خطط الحكومة – حتى الآن – فى استيراد الغاز لسد احتياجات المصانع كثيفة استهلاك الطاقة، فيما تستعد خلال الأيام المقبلة لمنح القطاع الخاص رخصا لاستيراد الغاز اللازم لمحطات الكهرباء.
قال السيد نجيدة ، رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب سابقاً، ان الاتجاه إلى استخدام الطاقة البديلة يعد الحل الأمثل لحل أزمة الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي، الذى تتعرض له مصر سنوياً، وتبلغ ذروتها فى موسم الصيف.
وأضاف نجيدة أن هناك احدى الشركات المصرية الهولندية، التى رفض ذكر اسمها، طرحت مؤخراً مشروعاً لتوليد الكهرباء فى احدى العمارات السكنية مكونة من 6 أدوار بمحافظة الإسماعيلية باستثمارات تصل إلى 25.000 جنيه للشقة الواحدة.
وتابع ان المشروع يعتمد على أن يقوم صاحب الشقة بدفع 25.000 جنيه كاملة، مقابل عدم دفع فاتورة للكهرباء لمدة 20 سنة، على أن يتمتع بميزة عدم انقطاع التيار الكهربائى أو الارتفاع المفاجئ فى أسعار الطاقة من خلال عمليات إعادة تسعيرها.
وأشار نجيدة إلى أن احدى الشركات الهولندية العاملة فى مجال تطوير استخدام الطاقة البديلة طلبت عقد لقاء مع محافظ شمال سيناء للحصول على 3000 فدان، وذلك لإنشاء مجمعات لتدوير القمامة والاستفادة من الطاقة الكامنة بها.
وأوضح أن لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب كانت قد وضعت مسودة مشروع قانون الطاقة الموحد، أثناء فترة رئاسته للجنة، الا أن حل البرلمان حال دون مناقشة المشروع واصدار القانون، وأن ملامح مشروع القانون تحددت فى آليات لرفع الدعم تدريجيا عن الطاقة، والسعر المناسب للمستهلك، وسبل التعامل مع المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، ونص مشروع القانون أيضاً على عدم رفع الدعم بصورة مفاجئة.
وشدد نجيدة على ضرورة عرض مشروع القانون على لجنة الإنتاج الصناعى والطاقة فى مجلس الشورى لحل ازمة الطاقة فى السوق المحلي، وأنه فى فترة رئاسته للجنة الصناعة والطاقة عرضت مجموعة من المشاريع لاستخدامات الطاقة البديلة والاستفادة منها خاصة فى منطقة الساحل الشمالى والمناطق السياحية الأكثر استهلاكا للطاقة، وأنه فى سبيل هذه الأزمة يجب تفعيل قانون الإسكان رقم 401 لسنة 1987 الخاص بضرورة استخدام السخانات الشمسية فى المبانى السكنية بالمدن الجديدة.
من جانبه، أكد د. محمد سعدالدين، رئيس جمعية مستثمرى الغاز السائل ونائب رئيس غرفة البترول باتحاد الصناعات، أنه فى ظل نقص السولار وصعوبة استيراد الغاز من الخارج ومشاكل التشغيل من الخارج تصبح الطاقة البديلة المتمثلة فى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الناتجة عن تدوير المخلفات، هى الحل الأمثل لمواجهة مشكلات الطاقة التى زادت حدتها خلال الآونة الأخيرة.
وقال د. سعد الدين ان المشكلة التى تحول دون استخدام تلك الطاقة هى نقص الوعى بأهميتها ومدى قدرتها على حل مشكلات السوق المحلي، وأن تكلفتها لا تعد مرتفعة مقارنة بما يدفعه اى مصنع لسداد فاتورة الكهرباء، وأن تكلفة بناء محطة لتوليد الطاقة للصناعات الاستراتيجية مثل الحديد والاسمنت تصل إلى 100 مليون جنيه، لكن فى المقابل يمكن أن تستمر هذه المصانع فى العمل بكامل طاقتها الإنتاجية، ولا تتعرض لانقطاع التيار الكهربائي، مما قد يترتب عليه تلف ماكينات المصنع أو انخفاض عمرها الافتراضي.
وأضاف أن أصحاب مصانع الحديد والأسمنت والأسمدة يخضعون لتسعيرة الكهرباء المتغيرة شهريا، وأن كل مصنع يدفع شهرياً بين 4 و5 ملايين جنيه وذلك بمتوسط سنوى يقدر بنحو 50 مليون جنيه، علاوة على ما يتعرض له المصنع من مخاطر نتيجة انقطاع الطاقة المتكرر.
وشدد على ضرورة تعاون الجهاز المصرفى فى توفير التمويل الكافى والميسر لمشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، وذلك من خلال القروض منخفضة الفائدة ذات الشروط الميسرة بفترات السماح الطويلة، وأنه من الضرورى أيضاً تكليف الشركات الموردة للسخانات الشمسية بمسئولية تركيبها ومتابعة عمليات صيانتها خلال عمرها الافتراضي، على أن يتم دفع تكاليف أعمال التركيب والصيانة بالتقسيط.
يذكر أنه هناك ما يقرب من 11 شركة تعمل فى مجال تصنيع السخانات الشمسية لتسخين المياه من أهمها الهيئة العربية للتصنيع والشركة المصرية لانظمة الطاقة الشمسية، وشركة أوليمبيك اليكتريك وغيرها، وأن أسعار السخانات الشمسية تتراوح بين 4 آلاف جنيه للسخان الاستيل المجلفن بسعة 180 لتراً تصنيع محلي، و14 ألف جنيه للسخان ستانلس ستيل تصنيع محلى سعة 750 لتراً.
بدوره استبعد محمد الخشن، رئيس مجلس ادارة شركة مصر للاسمدة، امكانية اعتماد مصانع الاسمدة والأسمنت على مصادر الطاقة البديلة، لأنها طاقة غير دائمة على مدار اليوم، وأنها لا تسد احتياجات مصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وقال الخشن فى تصريحات لـ«البورصة» ان التكلفة الاستثمارية للحصول على الطاقة المتجددة مرتفعة نسبيا لنظم تسخين المياه بالطاقة الشمسية مقارنة بتلك السخانات التقليدية، التى تستخدم الكهرباء والغاز والبوتجاز، بجانب عدم وجود حوافز لاستخدام الطاقة المتجددة مثل الاعفاءات الجمركية وخفض الضرائب على مكونات تلك الآلات.
وأضاف أنه من ضمن المعوقات أيضا غياب التشريعات وعدم وجود اجراءات إلزامية لاستخدام السخانات الشمسية، وعدم متابعة تطبيق قرار وزارة الإسكان 401 لسنة 1987، الخاص بضرورة استخدام السخانات الشمسية والطاقة البديلة فى المدن الجديدة.
ولفت الخشن إلى أن الطاقة الجديدة والمتجددة تناسب استخدامات المناطق السكنية، الا أنها لا تصلح للاستخدام فى المصانع، خاصة تلك الكثيفة الاستخدام للطاقة.
وأوضح رفيق الضو، العضو المنتدب لشركة السويس للصلب، أن الاتجاه إلى استخدام الطاقة البديلة الحل الأمثل لخروج أصحاب المصانع من أزمة تسعير الطاقة وانقطاع التيار الكهربائي، وأن شركات الاسمنت اتجهت مؤخرا للبحث عن تشغيل المصانع بالفحم بدلا من الغاز، وهو ما يؤكد اتجاه المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة للبحث عن بدائل للطاقة التقليدية والاتجاه للطاقة البديلة لحل أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
وفى سياق متصل، قال د. إبراهيم زهران، خبير بترول، ان الطاقة البديلة يمكن استخدامها كبديل مساعد للغاز والسولار والمازوت حال رغبة المصانع التوسع والتنوع فى استخدام الطاقة، مشيرا إلى عدم امكانية استخدام الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية أو النووية أو طاقة الرياح كبديل نهائى لمصادر الطاقة الحالية.
وأوضح زهران فى تصريحات لـ«البورصة» أن مصادر الطاقة البديلة لا يمكنها تحقيق أكثر من 8% من اجمالى الطاقة اللازمة للمصانع، وأن هذا الوضع قائم فى البلاد المتقدمة، وأن توفير 8% من مصادر الطاقة البديلة غاية تأمل مصر تحقيقها.
ولفت إلى أن تكلفة الميجاوات فى المحطات الحرارية تصل إلى 6 آلاف دولار والشمسية 5 آلاف دولار، فيما ترتفع الميجا وات للمحطات النووية لتصل تكلفتها إلى 7 آلاف دولار، وأن جميع أصناف الطاقة لها تأثير على البيئة، وأنه لا يوجد عمليا ما يطلق عليه بـ«الوقود صديق البيئة»، لكن مصادر الطاقة البديلة يمكن التغلب على الأضرار الناتجة عن استخدامها.
فيما قال خالد أبوالمكارم، رئيس شعبة البلاستيك بغرفة الصناعات الكيماوية، انه لا مفر من استخدام الطاقة البديلة خلال العشر سنين المقبلة، وذلك لتجنب الكوارث التى ستحدث للمصانع لعدم توافر الكهرباء مع بداية مايو المقبل، فضلاً عن انقطاعها المتكرر فى الوقت الحالي.
وأضاف أن المصانع التى لا تملك بديلاً للطاقة غير الكهرباء ستتأثر بشكل كبير بسبب الانقطاع المستمر لها، فضلا عن عدم توافر السولار الذى يستخدم كبديل لتدوير مولدات الكهرباء، وأن هناك بدائل متعددة لاستخدام الطاقة متمثلة فى الطاقة الشمسية واستخدام الغاز الطبيعى لتشغيل محركات الكهرباء بديلاً للسولار.
ووصف أبوالمكارم الوضع الذى وصلت إليه الصناعة فى الوقت الحالى بـ«الكارثى»، وطالب بضرورة التدخل العاجل لوقف تصدير الغاز الطبيعى للخارج، واستخدامه فى تدوير المصانع والمنازل والسيارات كحل مؤقت للأزمة.
وأوضح أن جمعية الصناع المصريين قدمت دراسة عاجلة للجنة الصناعة بمجلس الشورى تطالب فيها برفع أسعار البنزين للسيارات غالية الثمن وبيعه بسعر التكلفة بقيمة 6.80 قرش مع استخدام الغاز الطبيعى للسيارات العادية والأجرة بدعم من الحكومة.
ولفت إلى أن الحكومة تقدم دعم على المواد البترولية «سولار وبوتاجاز» بقيمة 130 مليار جنيه، وأن جمعية الصناع المصريين من خلال دراستها المقدمة لمجلس الشورى ستساعد فى توفير المبلغ مع وصول الدعم لمستحقيه.
وأكد محمد فكرى عبدالشافى، عضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، ان الطاقة البديلة لا يمكن أن تستخدم سوى كعامل مساعد أو مكمل لمصادر الطاقة المستخدمة حالياً، وأن مصادر الطاقة البديلة تساعد فى تقليل التكلفة الكلية واستهلاك الطاقة الأصلية.
وأشار إلى أن الطاقة البديلة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية تستخدم فقط مع بعض الصناعات ويكون استخدامها أكثر فى النواحى التجارية والمنزلية، خاصة أنها عالية التكلفة، وبالتالى فإنه من الصعب الاعتماد عليها فى تشغيل المصانع وخلافه بل من الممكن زيادة الاعتماد عليها فى المنشآت السياحية أو الوحدات السكنية فى المناطق الراقية، التى يمتلك أصحابها القدرة على الدفع.
لكن محمد السيد، رئيس لجنة الطاقة باتحاد المستثمرين، أكد امكانية تشغيل المصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة عن طريق موارد الطاقة البديلة أو المتجددة، وأنه جار الآن اجراء مباحثات بين المستثمرين والهيئات المعنية مثل وزارة الكهرباء ووزارة البترول والبيئة لبدء تنفيذ تلك المشاريع، التى ستوفر الطاقة اللازمة للعديد من الصناعات، وكذلك تعتبر آمنة تماما على البيئة وعلى صحة الانسان.
وقال السيد ان تكلفة هذه المشاريع تتراوح ما بين 5 ملايين دولار لمشاريع إنتاج طاقة من إعادة تدوير المخلفات، وقد تصل إلى 100 مليون دولار بل قد تصل إلى التكلفة إلى مليار دولار فى بعض الأحيان للمشاريع التى تولد طاقة عن طريق الطاقة الشمسية أو الرياح.
وأضاف أن إقامة هذه المشروعات قد تفوق طاقة غالبية المستثمرين، وبالتالى على الدولة أن تعاون المستثمرين عن طريق سن تشريعات لقوانين تسمح بنقل الغاز والكهرباء من الشبكة القومية للغاز والكهرباء إلى تلك المشاريع، وفى نفس الوقت تساهم اما بتمويل تلك المشاريع بالمساهمة مع البنوك بفوائد بسيطة مقابل جزء من الربحية أو عن طريق توفير الأراضى للمستثمرين بتسهيلات وأسعار مناسبة أو توفيرها بحق الانتفاع للمستثمرين خاصة أن هذه المشاريع ستوفر المئات من فرص العمل، وكذلك تعد مشاريع قومية تخدم البيئة والصناعة.
وأوضح رئيس لجنة الطاقة باتحاد المستثمرين أن تلك المشاريع أصبحت هى الحل الوحيد امام الدولة الآن لانقاذ الصناعات التى أصبحت تتوقف الآن بسبب عدم توفر الطاقة اللازمة لها أو الاستثمارات الجديدة، التى لا تستطيع الدولة توفير الطاقة لها للبدء فى عملها، خاصة أن البديل لهذه الطاقة هو الغاز الموجود على اعماق كبيرة فى باطن الأرض أو البحار، وبالتالى فإن تكلفة استخراج هذه الطاقة ستكون عالية جداً مقارنة بأسعار توليد طاقة من مصادر متجددة.
كتب – نهال منير ومصطفي فهمي ومروة مفرح