أوروبا كانت محط أنظار مع تخفيف العقوبات.. لكن بكين لم تتغير
استطاعت إيران توسيع شبكة مترو اﻷنفاق، وضاعفت حجمها تقريبًا، خلال العقد الزمنى الذى عانت فيه البلاد من العقوبات، عندما تم استبعادها إلى حد كبير من التجارة العالمية.
ولم يكن الأمر سهلا.
فطبقا لوكالة أنباء «بلومبرج»، فإن المساعدة الصينية، كانت هى اﻷمر الثابت على مدار تلك السنوات.
فالمساعدات شملت كل شيء بدءا من تشييد سكك حديدية ووصولا إلى تصنيع العربات، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يوسع الاتفاق النووى لعام 2015 ورفع العقوبات الكبرى فى العام التالي، الخيارات المتاحة أمام إيران.
وفى ظل ذلك، كان على عبدالله بور، نائب المدير التنفيذى لدى الشركة الإيرانية لتشغيل السكك الحديدية فى المناطق الحضرية وشبه الحضرية، يضع أوروبا أمام عينيه، لكون الأوربيون يتمتعون بتكنولوجيات أفضل، من أجل أنظمة الإنذار والكبح الأساسية.
ومع ذلك، عندما كان هناك عقد كبير لمناقصة، لتوريد أكثر من 600 عربة، حازت عليه وحدة من شركة «سي.أر.أر.سي» الصينية لتصنيع القاطرات، التى تغلبت على عطاءين أوروبيين للفوز بعقد بقيمة تزيد على 900 مليون دولار خلال العام الحالي، فهذا اﻷمر يعد جزءاً من نمط أوسع نطاقاً.
ولم تسفر الصفقة النووية عن أكثر من مجرد استثمارات غربية ضئيلة من المتوقع أن تختفي، بعد أن انسحب الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب من الاتفاق الإيرانى النووي، وقوله إنه سيعيد فرض العقوبات مرة أخرى.
وقالت الوكالة اﻷمريكية، إن إيران اضطرت للاعتماد على الحلفاء السياسيين فى الشرق من أجل تطوير اقتصادها البالغ حجمه 430 مليار دولار.
وازدادت التجارة مع الصين بمقدار يزيد على الضعف منذ عام 2006، لتبلغ 28 مليار دولار، وأصبح الجزء الأكبر من صادرات إيران من البترول يتجه إلى الصين، أى ما يقدر بنحو 11 مليار دولار سنويا وفقا للأسعار الحالية، ويبدو أيضا أن الاستثمار الصينى المباشر قادم رغم صعوبة الحصول على بيانات موثوقة تدل على ذلك.
وقالت الباحثة فى مركز دراسات العلوم والأمن بكلية «كينغز» فى لندن، دينا إسفندياري، والمشاركة فى تأليف الكتاب القادم «المحور الثلاثي.. علاقات إيران مع روسيا والصين»، إن الصين هى الرابح الفعلي.
وأشارت إسفندياري، إلى أن إيران تخلت ببطئ عن فكرة الانفتاح على الغرب، مضيفة أن الصينيين كانوا يتواجدون فى إيران على مدى الـ30 عاما، ولديهم معارفهم ورجال على الأرض وروابط مع البنوك المحلية.
ويبدو أنهم أكثر استعداداً للتصدى لضغط الولايات المتحدة، حيث يستعد الرئيس اﻷمريكى لإعادة فرض العقوبات مرة أخرى.
وتتسبب احتمالية إعادة فرض عقوبات من جانب ترامب، فى إبقاء العديد من البنوك اﻷوروبية والشركات المصنعة بعيدا عن القيام بأى أعمال تجارية مع إيران.
كما أن بعضاً من هؤلاء الذين كانوا مستعدين لاتخاذ هذه الخطوة بإمكانهم إعادة النظر فى اﻷمر فى ظل القواعد اﻷمريكية اﻷكثر صرامة.
وتوقفت بالفعل صفقة شركة صناعة الطيران اﻷوروبية «إيرباص»، التى تستهدف بيع 100 طائرة نفاثة بقيمة 19 مليار دولار إلى إيران، وسط مشاكل التمويل، كما قال وزير الخزانة اﻷمريكى ستيفن منوشين، الثلاثاء الماضي، إنه سيتم إلغاء رخصة التصدير، وبالتالى يمكن للشركات المصنعة الروسية الاستفادة من هذا اﻷمر،
من جانبها أشارت شركة البترول الفرنسية توتال، التى تمتلك عقدا لتطوير حقل غاز الشمال بالتعاون مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية، إنها ستنسحب من تلك العملية، إذا أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات ولم تتمكن من الحصول على إعفاء، ولكن إيران قالت، فى هذه الحالة، إن الشريك الصينى سيتولى زمام اﻷمور بدلا من توتال.
ولا تقع الشركات الصينية بعيدا عن متناول المنظمين الأمريكيين، حيث يقال إن شركة هواوى تكنولوجيز تخضع للتحقيق فى انتهاكات محتملة بشأن مبيعات إلى إيران، وقد تم حظر شركة «زد.تي.إي» لخدمات الاتصالات والصناعات وتوفير حلول الشبكات من شراء المكونات الأمريكية لارتكاب جريمة مماثلة.
وبالمقارنة مع عهد ما قبل فرض العقوبات، قال اسفنديار باتمانغيلدج، مؤسس مجموعة «أوروبا إيران بزنس فوروم»، إن الشركات الصينية أصبحت متعددة الجنسيات وعالمية بشكل أكثر بكثير، كما أنها باتت تتمتع بسمعة تجارية أكثر أهمية بالنسبة لها.
ويمتلك الصينيون بعض الحلول البديلة التى يفتقر إليها الأوروبيون، فهناك الكثير من الشركات الصينية التى لا تتعرض على الإطلاق إلى الولايات المتحدة، وبما أن العديد من الشركات الصينية العاملة فى إيران يتم إدراتها من قبل الدولة، فإنه من السهل نسبيا إنشاء سيارات ذات أغراض خاصة لتجاوز اللوائح الأمريكية، فقد قال إسفندياري: «كل ما يجب عليهم فعله هو إنشاء شركة تابعة منفصلة عن الكيان الأصلي».
وتقوم الشركات الصينية ببناء أو تمويل خطوط السكك الحديدية إلى مدينة مشهد الإيرانية وميناء بوشهر، بموجب صفقات بقيمة 2.2 مليار دولار تم التوقيع عليها فى العام الماضي، وكان من المفترض أيضا أن تقوم الهند بتطوير ميناء تشابهار الإيرانى الاستراتيجى على بحر العرب، ولكن التأجيل المتكرر دفع المسئولين الإيرانيين إلى اللجوء إلى الصين على أمل تسريع عملية البناء.
وقال وزير الخارجية الصينى وانغ يي، عندما التقى بمسئولين إيرانيين فى بكين فى العام الماضي، إن الصين تنظر إلى العلاقات مع إيران من منظور استراتيجي.
فالمساعدات شملت كل شيء بدءا من تشييد سكك حديدية ووصولا إلى تصنيع العربات، مشيرة إلى أنه كان من المفترض أن يوسع الاتفاق النووى لعام 2015 ورفع العقوبات الكبرى فى العام التالي، الخيارات المتاحة أمام إيران.
كتب: منى عوض
