تعتزم شركة “نيسان” لصناعة السيارات إقالة رئيس مجلس إدارة الشركة ورئيسها التنفيذي كارلوس غصن بعد أن تم إلقاء القبض عليه في طوكيو بتهمة سوء السلوك المالي، مما يجعل التحالف العالمي الأكبر لصناعة السيارات في حالة اضطراب.
وقال الرئيس التنفيذي لصانع السيارات الياياني “نيسان” هيرتو سايكاو، في تصريحات أدلى بها للصحفيين في مدينة يوكوهاما اليابانية، إن غصن، وهو شخصية بارزة أنقذت “نيسان” من الانهيار وأنشأ تحالفا بينها وبين “ميتسوبيشي”، اعتُقل اليوم الأثنين في طوكيو بسبب الاشتباه في خرقه للقوانين المالية اليابانية.
ونقلت وكالة أنباء بلومبرج عن سايكاو قوله إن غصن والمدير التمثيلي للشركة غريغ كيلي يخضعان الآن للتحقيقات اللازمة، كما أنه من المقرر اجتماع أعضاء مجلس إدارة الشركة الخميس المقبل لإقرار إقالتهما.
وقالت “نيسان”، في بيان صادر عنها، إن كلا من غصن وكيلي كانا يقدمان تعويضا إلى منظمي الأوراق المالية في طوكيو ولكن هذه التعويضات كانت أقل من المبلغ الفعلي، أما فيما يتعلق بغصن وحده كشفت الشركة عن العديد من الأعمال الهامة الأخرى لسوء السلوك الماضي، مثل استخدام أصول الشركة بشكل شخصي، كما أنه تم تأكيد تورط كيلي بشكل كبير.
وأوضح سايكاوا أن الشركة ليس بإمكانها الكشف عن مزيد من التفاصيل حول المخالفة المزعوم.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” اﻷمريكية إن المخالفات المالية المزعومة التي اتهم بها غصن تلقي بظلالها على مستقبل أكبر إنجاز له، وهو التحالف المنعقد بين “نيسان” و”ميتسوبيشي” وصانع السيارات الفرنسي “رينو”، الذي يعرف بكونه أكبر تحالف لتصنيع السيارات في العالم.
وتعود العلاقة بين شركتي “رينو” و “نيسان” إلى قرابة العقدين، ولكنها أصبحت مؤخرا مفعمة بالمنافسات والخلافات حول السيطرة على قطاع التكنولوجيا اﻷساسي.
وأعرب المساهمون في نيسان عن قلقهم من إمكانية خضوع الشركة اليابانية تحت سيطرة “رينو”، ولكن الرئيس التنفيذي لشركة “نيسان” سايكاوا عارض علن فكرة دمج الشركتين.
وكان غصن يشكل دورا محوريا في التحالف، وبالتالي سوف يحدث رحيله غير المتوقع فجوة كبيرة، فليس من المؤكد بعد ما إذا كان هناك أي شخص في الشركات الشريكة يمتلك المكانة أو المصداقية اللازمة للتقدم والحفاظ على ما بناه غصن من الانهيار.
في طوكيو، أعرب سايكاوا عن ثقته في استمرار التحالف دون غصن، موضحا أنه يتعين على الشركاء ضمان أن السلطة لم تعد مقصورة على شخص واحد فقط.
وأضاف سايكاوا أن سنوات المخالفات المالية الطويلة هي الجانب السلبي لولاية غصن، لذلك سوف يتم التأكد في المستقبل من عدم الاعتماد على شخص بعينه، بل إنه سيجرى البحث عن هيكل أكثر استدامة.
ويذكر أن شركات “رينو” و”نيسان” و”ميتسوبيشي” باعت سويا ما يصل إلى 10.6 مليون سيارة في العام الماضي، وهو عدد يزيد عن العدد الذي سجله منافسيها، كما أنها كانت تتمتع ببصمة قوية في أسواق السيارات الأمريكية والآسيوية والأوروبية.
وكان غصن يعتقد أن التحالف الذي شكله في عام 1999 حقق نجاحات كبيرة لسنوات، ولكن المحللين يقولون الآن إن التحالف لا يحقق اﻷهداف المرجوة المتعلقة بتوفير التكاليف والربح.
وقالت جولي بوتي، المحللة المتخصصة في شؤون السيارات لدى شركة “بيلهام سميثرز” للوساطة المالية، إن مستقبل خطط التحالف لتعزيز وفورات التكاليف كان موضع شك، مشيرة إلى إدارة نيسان لم تكن راضية بالتوجهات التي كان غصن يقود بها الشركة، لذلك بدأت الإدارة في عكس مسار بعض الاستراتيجيات الخاصة بغصن.
وأوضحت أن غصن ركز في الولايات المتحدة على نمو حصص السوق على حساب الربحية، لذلك أقدمت الإدارة على تغير هذه الاستراتيجية بشكل كامل.
وبموجب الصفقة، تحتفظ كل من “رينو” و”نيسان” بحصص متساوية في تحالف “رينو- نيسان”، وتمتلك “رينو” ما نسبته 43.4% من أسهم “نيسان”، التي تملك بدورها حصة نسبتها 15% في “رينو”، وتمتلك “نيسان” 34% من “ميتسوبيشي”، التي انضمت إلى التحالف في عام 2016، كما أن الحكومة الفرنسية تمتلك حصة نسبتها 15% في “رينو”، مما يجعلها لاعبا رئيسيا على الطاولة.
في عام 2005، شغل غصن منصب المدير التنفيذي لدى كل من “رينو” و “نيسان”، ليعد بذلك أول شخص على الإطلاق يعمل على إدارة شركتين من الشركات المدرجة ضمن قائمة “فورتشن جلوبال 500” في الوقت ذاته.
وتولى غصن زمام الأمور في كلا الشركتين حتى عام 2017، حيث استقال من منصبه كرئيس تنفيذي لشركة “نيسان” ليحل مكانه سايكاوا، الذي كان يعد واحدا من المحاربين القدامي منذ 40 عاما في الشركة.