يجلب الحديث عن تحولات الطاقة النظر إلى رؤية أمريكا والاتحاد الأوروبى والصين بالإضافة إلى روسيا والمملكة العربية السعودية لمستقبل هذا القطاع لأنها فى النهاية ستؤدى إلى فريق من الفائزين وآخر من الخاسرين.
وبالنسبة للبعض فإن استقلالية الطاقة كاستراتيجية أمريكية قد تعنى أن سيطرتها على العالم معرضة لخطر وأنها ستهدر الريادة المبكرة التى حققتها باستخدام الغاز الطبيعى والطاقة المتجددة لخفض الانبعاثات وتعزيز التكنولوجيا النظيفة والمساعدة فى إطلاق اتفاقية باريس فى حين تسعى الصين للتفوق عليها بسرعة لكن من الواضح أن المملكة العربية السعودية وروسيا فى خطر لا يغفله عاقل.
قدمت السنوات القليلة الماضية من الاعتماد الأمريكى المتنامى على الذات وضبط النفس الصينى لمحة عن الآثار المترتبة على السياسة الخارجية لنظام الطاقة الجديد. وبالنسبة لأمريكا يرى البعض أنها عاصقة كما يشير عنوان كتاب صدر مؤخراً من قبل ميجان سوليفان من جامعة هارفارد حول تغيرات الجغرافيا السياسية للطاقة. وتقول ميجان إن ثورة البترول الصخرى ساعدت فى تخفيف توقعات التراجع الأمريكى وجعلت من السهل فرض عقوبات على الخصوم، وساعدت فى إنشاء سوق غاز عالمى أوسع لتخفيف القيود الروسية على أوكرانيا وخفض التوترات بشأن سعى الصين للحصول على موارد الطاقة، وتصف استقلال الطاقة الأمريكى بأنه «نعمة للقوة الأمريكية، ونقمة للقوة الروسية”.
قد يكون هذا التصور مفرطاً فى التفاؤل فروسيا ومنظمة أوبك التى تمثل الدول المصدرة للبترول نجحتا بشكل مفاجئ فى خفض الإنتاج لمواجهة وفرة البترول الصخرى كما تحولا أيضا نحو الصين التى تضخ المال فى البنية التحتية للطاقة.
والأهم من ذلك أن البترول الصخرى الأمريكى يخاطر بتعزيز الاعتماد على البترول بشكل أعمق فى الاقتصاد العالمى مع عواقب محفوفة بالمخاطر على المناخ بدلاً من تشجيع مزيد من الاستثمار فى الطاقة النظيفة، فإذا ركزت أمريكا كثيرا على إنتاج الوقود الأحفورى فقد يغيب عن بالها الحاجة إلى تطوير طاقة أنظف للمستقبل.
وستكون التأثيرات الجيوسياسية للانتقال الأوسع للطاقة أكثر تعقيدا مما يظن البعض فعندما جرى فى يناير 2018 إنشاء لجنة عالمية لدراسة الجغرافيا السياسية للطاقة النظيفة تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومقرها أبوظبي، كان الأمل الأساسى هو أن هذا التطور سيجعل العالم «أكثر سلما واستقرارا».
فعلى عكس الهيدروكربونات، فإن الطاقة المتجددة قد تكون متاحة فى أى مكان تقريبا ما يعنى تخفيف نبرة الصراع والتحديات العسكرية عالميا وبالتالى يضرب الكساد سوق السلاح الدولي.
وأطلقت التحولات المنتظرة للطاقة سباقا عالميا لأفضل التقنيات ولكنه سلط الضوء على آثار المخاوف بشأن صراع جديد حول الوصول إلى الأتربة النادرة والمعادن الضرورية اللازمة لصنع الأجهزة الإلكترونية. وكما يقول فرانسيس أوسوليفان من مبادرة أم أى تى للطاقة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أنهم يتحركون من عالم حيث تكون قيمة الطاقة مضمنة فى المورد الطبيعى إلى حيث التكنولوجيا هى المورد البديل.