مجموعة بحثية تتوقع ارتفاع الديون الإيطالية إلى %218 من الناتج المحلى فى 2025
ساهم قرار البنك المركزى الأوروبى بشراء سندات إضافية، بقيمة 900 مليار يورو تقريبا، العام الحالى، فى إبقاء العائدات السيادية تحت السيطرة، وتجنب عودة أزمة الديون التى شهدتها منطقة اليورو فى 2010-2012.
ولكن كما أظهرت توقعات صندوق النقد الدولى الجديدة، يبدو أن أزمة انتشار جائحة فيروس كورونا المميت تدفع الدين الحكومى فى منطقة العملة الموحدة إلى نحو %100 من الناتج المحلى الإجمالى.
وحذر محافظو البنوك المركزية وخبراء الاقتصاد، من أن أعباء الديون لاتزال قادرة على خنق آفاق النمو الاقتصادى لمجموعة من الدول الأعضاء الضعيفة على المستوى المالى، مما يجهد التماسك الاقتصادى لمنطقة اليورو.
وقال محافظ البنك المركزى اليونانى، يانيس ستورناراس، إن تجربة بلاده خلال الأزمة الأخيرة أظهرت مدى أهمية الحفاظ على النمو الاقتصادى خلال الفترة المظلمة المقبلة.
وحذر، من فشل حزمة الإجراءات المالية التى اقترحتها وزراء مالية منطقة اليورو مؤخراً فى إحراز أى تقدم كبير.
وأشار ستورناراس، الذى كان وزيرا للمالية فى اليونان قبل توليه رئاسة البنك المركزى للبلاد فى 2014، إلى أن الحفاظ على الفرق بين معدل النمو وسعر الفائدة عند مستوى إيجابى، يعتبر أمراً بالغ الأهمية، موضحاً أن المنطقة بحاجة للحد من تأثير كرة الثلج التى شهدتها البلاد خلال الأزمة اليونانية.
وأضاف: «سواء كنت تسميها سندات الكورونا أو تطلق عليها أى اسم آخر، ما نحتاجه إليه هو العمل المشترك».
وتوقع صندوق النقد الدولى ارتفاع إجمالى الدين العام فى منطقة اليورو بما يقرب من 800 مليار يورو بين عامى 2019 و2020، تاركا إياه عند مستوى %97.4 من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أعلى بكثير من المستويات التى وصل إليها خلال أزمة الديون السيادية الأوروبية.
وبعد اليونان، ستتحمل إيطاليا عبء الديون الأعلى هذا العام بين دول منطقة اليورو، إذ ستتجاوز نسبة ديونها حاجز الـ %155، ولكن المراقب المالى فى صندوق النقد الدولى أظهر أن عددا من الدول الأخرى، بما فى ذلك فرنسا وإسبانيا والبرتغال، ستعانى من تراكم الديون بنسبة تتجاوز %100 من الناتج المحلى الإجمالى.
وقال فيتور جاسبار، مدير إدارة الشئون المالية فى صندوق النقد الدولى، إن الأرقام المسجلة فى دول مثل إسبانيا وإيطاليا مناسبة بالنظر إلى حاجة الحكومات لدعم اقتصاداتها خلال فترة الأزمة، مؤكدا أن ارتفاع الديون يتماشى مع أجزاء أخرى من العالم.
وأشار إلى أن نسب الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى يجب أن تستقر فى إسبانيا وتنخفض فى إيطاليا العام المقبل، وذلك فى ظل انخفاض أسعار الفائدة.
أضاف أن الأسابيع القليلة الماضية شهدت كثيراً من المفاجآت، ولكن يبدو أن منطقة اليورو أقوى بكثير مما كانت عليه فى الفترات السابقة، إذ يجب أن تكون ظروف التمويل والاقتصاد الكلى أكثر ملاءمة بالنسبة لقدرة الدول على تمويل مستويات أعلى من الديون مما كانت عليه فى الماضى.
ومع ذلك، يشعر العديد من الاقتصاديين بالقلق تجاه تسبب الأزمة الحالية فى فرض مزيد من الضغوط على الدول التى تعانى من ضغوط مالية بالفعل، خصوصا فى الجنوب، فأعباء الديون الثقيلة تحد من قدرة تلك الدول على الاستثمار فى انتعاش قوى.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية عن لورينزو كودوجنو، من «أل.سى ماكرو أدفيزورز»، قوله إن الصدمة الحالية ربما تكون متناظرة، ولكن الاستجابة السياسية ربما تكون مختلفة، نظراً لاختلاف السعة المالية فى الدول المختلفة.
وأشار كودوجنو، إلى ان أوروبا قد تواجه ضغوطاً اقتصادية واجتماعية وسياسية إذا انتهى بها المطاف فى وضع تكون فيه بعض الدول مقيدة فى الاستجابات السياسية وتباين أداء النمو.
وسلطت الصحيفة الضوء على إيطاليا، كمثال على ذلك، حيث عانى اقتصاد البلاد من ركود لأكثر من عقد من الزمان، كما أن الأداء الاقتصادى للبلاد كان الأضعف بالفعل فى منطقة اليورو عندما تفشى فيروس كورونا. وانكمش اقتصاد البلاد بنسبة %0.3 فى الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضى، مسجلة بذلك أكبر انخفاض فصلى منذ نحو 7 أعوام.
وقدرت مجموعة «تى.أس لومبارد» للأبحاث إمكانية ارتفاع ديون الحكومة الإيطالية إلى %218 من الناتج المحلى الإجمالى بحلول عام 2025، فى حين سترتفع الديون الحكومية فى إسبانيا إلى %137، حتى لو ظلت تكاليف تمويلها عند مستوياتها المنخفضة الحالية.
وقال محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين فى مجموعة «أليانز»، إن أوروبا، شأنها شأن مناطق أخرى فى العالم، إذ سيؤدى الإغلاق إلى ارتفاع الديون وانخفاض إمكانات النمو.
أضاف أنه فى ظل غياب بعض أشكال الدعم المقدم من البنك المركزى الأوروبى أو التمويل المدعوم من الدول الأكثر مرونة، فإن القدرة على تحمل الديون طويلة الأجل التى تواجه بعض الاقتصادات الأكثر ضعفاً ستواجه مزيداً من التحديات، مما يضاف إلى كل من مخاطر النمو والاستقرار المالى.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، أن مخاطر الخسارة الفادحة فى ثقة المستثمرين فى حكومات منطقة اليورو انخفضت إلى الحد الأدنى بفضل جزء كبير من إجراءات البنك المركزى الأوروبى، فعلى سبيل المثال شكلت السندات الإيطالية أكثر من ثلث الديون السيادية البالغة 34 مليار يورو التى اشتراها البنك المركزى الأوروبى الشهر الماضى، إذ اتجه إلى أسواق الديون الحكومية لعكس الارتفاع المفاجئ فى تكاليف الاقتراض.
بالإضافة إلى ذلك، اشترى البنك المركزى الأوروبى مستويات أعلى من المعتاد فى سندات الحكومة الفرنسية والإسبانية استجابة لزيادة العائدات على ديون تلك الدول.