بقلم- حسن المستكاوي
●●فى الإجازة يسمح الوقت لك بممارسة متعة القراءة التى لاتتعلق بعملك، فمازال للكتاب سحره. وكنت بدأت فى قراءة مكررة لكتاب «إقرار الإيمان» للفيلسوف جان جاك روسو أشهر الفلاسفة فى عصر العقل الأوروبى. وكان من ضمن مقولاته أن الأشرار لايهتمون بالحقيقة ولا يسعون إليها. وهو لم يضع تعريفا لدرجة الشر عند هؤلاء. لكنه تعبير صحيح.. يجعلك تتساءل: لماذا لم تظهر حقيقة الكثير من الألغاز حتى الآن على الرغم من مرور عشرات السنين عليها..؟ الإجابة واضحة: من يخفى جريمة يظل حريصا على غياب سرها..
●● الكتاب عميق ومهم.. وقد يجهدك وأنت تجلس أمام لون البحر الأزرق تنظر فى الأفق باحثا عن الراحة الذهنية والنفسية، التى تعانيها طوال العام من جراء العمل، والتفكير فيما مضى وفيما هو قادم، والزحام الشديد الذى يحاصر شوارع القاهرة. لذلك عدت إلى جريدة الديلى ميل البريطانية، لقراءة مقال بعنوان: «داخل عقل مانشينى».. وهو مدرب مانشيستر سيتى، ويقول كاتب المقال إن المخرج الشهير وودى ألان الفائز بجائزة الأوسكار يعتبر الصداقة مثل سمكة القرش.. إذا توقفت عن الحركة فإنها تموت. ثم يضيف الكاتب: هكذا يرى مانشينى أيضا فريق كرة القدم. فهو التحرك والتقدم والتجديد باستمرار.. لاحظ كيف يعبرون عن أفكارهم بأمثلة ترسخ فى العقول..
●● أعتقد أن أى عمل أو مؤسسة تموت حين تتوقف عن التحرك والتجديد.. لكن فى كرة القدم تكون الحركة هى الحياة بالنسبة للفريق داخل الملعب.. ومعروف أن أسماك القرش تموت إذا توقفت عن الحركة. إنها الكائن الذى لاينام.. (إعصار ساندى الذى ضرب شرق الولايات المتحدة ودمر مدنا وأغرق مترو الأنفاق فى نيويورك ألقى بالعشرات من أسماك القرش إلى الشوارع..)
●● نعود إلى الموضوع الحركة هى سر الفرق الكبيرة.. فالحركة تصنع المساحات، وتسمح بالتمرير والاستحواذ. وامتلاك الكرة أكثر يعنى صناعة فرص أكثر. فالفريق الذى يفقد الكرة، لا يستطيع بناء هجمات تهدد مرمى المنافس. تلك هى القاعدة. لأن هناك استثناء معروفا وهو الهجوم المضاد، فيمكن أن يمتلك فريق ما الكرة بنسبة 70% مقابل 30% للمنافس. إلا أن الأخير يخرج فائزا بهجمة مضادة يسجل منها هدفا واحدا..
●● الكرة المصرية تطورت نسبيا فى السنوات الأخيرة، بحركة أكثر، لارتفاع مستوى التدريب وبالتالى مستوى اللياقة. إلا أن الصراع فى الكرة الجديدة أصبح مركبا، تمتزج فيها المهارات الفردية بالجماعية. والحركة بالتمرير. واللياقة البدنية باللياقة الذهنية..
●● القراءة متعة تجدها فى الإجازة التى ترتاح فيها من أخبار البث الفضائى، والمعسكرات الخارجية التى تفشل دائما، ويدهشك أنها تستمر على الرغم من فشلها. والإجازة تمنحك الفرصة كى تلتقط أنفاسك من طريقة إقرار عودة الدورى من عدمها اعتمادا على أسلوب «كلوا بامية»، واللعبة بالمناسبة أصلها جملة فرنسية وترجمتها «من الفائز أو من الأول». وقد حرفها المصرى العبقرى إلى «كلوا بامية» منذ أيام الحملة الفرنسية فأصبحت الكثير من قراراتنا تتخذ بتلك الطريقة… خنقتنا البامية؟!








