تعاني روسيا من نقص العمالة بعد إغلاق الحدود للتصدي لتفشي جائحة فيروس كورونا المميت، الأمر الذي أدى إلى انخفاض حاد في تدفقات الهجرة التقليدية عبر الحدود من آسيا الوسطى.
أصبح كلا الجانبين يعتمد بشكل كبير على حركة الناس. فبالنسبة لروسيا، يعد المهاجرون مصدر عمالة رخيصة تشغل الوظائف التي عادة ما يرفض السكان المحليون العمل بها.
أما دول آسيا الوسطى، فتحويلات المهاجرين تساهم في جزء كبير من ناتجها المحلي الإجمالي ومغادرتهم تحد من البطالة في الوطن.
لكن بحلول أوائل أبريل، كان هناك 5.5 مليون أجنبي في روسيا- أقل بنسبة 42% عما كان عليه قبل عام، بحسب الأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة.
ووفقا لهذا الصدد، تأثر قطاعي البناء والزراعة بشكل خاص، حسبما نقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
وخلال شهر أبريل، قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: “كان لدينا عدد قليل جدا من المهاجرين المتبقين خلال العام الماضي، نحن في أمس الحاجة إلى هؤلاء المهاجرين لتنفيذ خططنا الطموحة”.
وأضاف بيسكوف: “يجب أن نبني بشكل أكثر مما نبنيه الآن، فنحن بحاجة إلى بناء المزيد بشكل ملحوظ، لكن هذا الأمر يتطلب أيدي عاملة، التي انخفضت أعدادهم بسبب الوباء”.
وقدر نائب رئيس الوزراء الروسي، مارات خوسنولين، أن نقص العمال المهاجرين في قطاع البناء فقط يتراوح بين 1.5 مليون و2 مليون شخص.
وأشار خوسنولين، في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية، إلى أن أجور عمال البناء ارتفعت بنسبة 50% بسبب نقص العمالة، وتضاعفت في بعض الأماكن، لكن رغم دفع ضعف القيمة، لايزال يصعب العثور على أشخاص.
وأضاف: “نعتقد أن هذا هو أحد العوامل الرئيسية التي تعوق تطوير البناء ككل”.
فيما يتعلق بالزراعة، قال نائب وزير الزراعة الروسي، جمبولات هوتوف، في بداية هذا العام، إن الزراعة تواجه أيضا خطر الاضطرار إلى وقف بعض العمل بسبب الافتقار لوجود 38 ألف عامل مهاجر يقومون عادة بوظائف موسمية. كما أنه طالب موسكو بفتح الحدود أمام هؤلاء العمال.
وأوضح أن الأجانب في بعض المناطق الجنوبية، مثل فولجوجراد وأستراخان، يشكلون 60% من القوة العاملة في موسم الذروة، مشيرا إلى أن السكان المحليين يفتقرون إلى المهارات اللازمة ويرفضون الخروج إلى الحقول حتى في ظل الحصول على أجور أعلى.
وفي ديسمبر، مدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الموعد النهائي للمهاجرين الموجودين بالفعل في روسيا للتقدم بطلبات لتمديد تصاريح عملهم لمدة 3 أشهر إضافية، لكن هذه المهلة ستنتهي في منتصف يونيو.
وفي أبريل، أخبر نائب وزير الداخلية ألكسندر جوروفوي ما يقدر بمليون مهاجر غير مسجل يعيشون في روسيا أنه يجب عليهم الخروج بحلول ذلك الوقت وإلا فإنهم سيواجهون خطر الترحيل.
وقال أيضا، إن روسيا يمكنها إغلاق حدودها مع الدول التي لا يمتثل مواطنوها لمثل هذه المطالب.
قالت أولجا جولينا، مؤسسة معهد سياسة الهجرة في ألمانيا: “من الخاطئ اعتقاد أن الهجرة من آسيا الوسطى ستظل موجهة فقط نحو روسيا، فهي تزداد سرعة في الاتحاد الأوروبي أيضا. النسب صغيرة جدا، لكنها لم تكن موجودة قبل 20 عاما”.
وذكرت “فاينانشيال تايمز”، أن المشاكل الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية التي عانت منها روسيا، والتي أدت إلى فرض لعقوبات غربية وانخفاض قيمة الروبل منذ عام 2014، جعلت البلاد وجهة أقل جاذبية للعمال الأجانب.
فعلى سبيل المثال، انخفض تدفق المهاجرين من دول ما بعد الاتحاد السوفيتي الأوروبية، مثل دول البلطيق ومولدوفا وأوكرانيا، بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، مما جعل روسيا تعتمد بشدة على آسيا الوسطى، بحسب الزميل في الأكاديمية الرئاسية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العام، نيكيتا مكرتشان.
وقال مكرتشان: “في المستقبل، يمكننا الاعتماد على زيادة محدودة جدا في المهاجرين وعلى نطاق ضيق من الدول التي تزودنا بهم”.
لكن على الرغم من تراجع تأثير العمال الأجانب في سوق العمل في روسيا، لا توجد مؤشرات تذكر على استعداد السكان المحليين لسد مثل هذه الفجوة.








