على مدى العقدين الماضيين، كان محللو الصناعة يحاولون التنبؤ بالاتجاهات المستقبلية لطريق التكنولوجيا فى صناعة السيارات؛ وكانت معظم التوقعات متشابهة، إذ أجمعت على فسح التكنولوجيا المجال للسيارات الكهربائية والهجينة ومركبات خلايا الوقود الهيدروجينية -السيارات الهيدروجينية- كخيار نقل طويل المدى.
لم يكن هؤلاء المحللون بعيدين بتوقعاتهم فى الماضى عن حاضرنا اليوم، باستثناء أن السيارات الهجينة قد تجاوزت التوقعات بشكل كبير؛ ولا يزال هناك احتمال لصناعة نموذج أكبر شامل لجميع المتطلبات من استدامة وحيادية الكربون بل وخال من جميع المتاعب التى تواجهها السيارات من هذا النوع الآن.
فى حاضرنا ركز الحديث بشكل أساسى على أهمية نوعية التكنولوجيا التى قد تكون موجودة فى السيارات، إلا أن الإمكانيات الحقيقية تكمن ليس فقط فى توافر التقنيات التكنولوجية وجعل إحداها أكثر فعالية وبأسعار معقولة، ولكن فى اكتشاف مواد جديدة واستخدامات جديدة مقابل القليل من التكلفة.
على سبيل المثال بطاريات الحالة الصلبة قد تغير قواعد اللعبة على أساس تكنولوجيا المواد الجديدة، فمن المرجح أن تظهر هذه البطاريات فى السنوات القليلة المقبلة. ففى العام الماضى، كان معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ولامبورجينى يعملان على تطوير الهياكل المعدنية العضوية لاستخدامها فى المكثفات الفائقة لزيادة كثافة الطاقة. مما يعنى أنه إذا نجح ذلك، فقد تكون النتيجة مكثف فائق وبطارية تتميز بقدرة الشحن والتفريغ بشكل أسرع بكثير من أى بطارية تقليدية، مع توفير مدى مناسب أيضًا.
اللجنين يصنع الفارق فى صناعة بطاريات السيارات الكهربائية
من بين التقنيات الحديثة التى يعمل عليها الباحثون ما يعرف باللجنين وهو منتج ثانوى لصناعة الورق، ويتم إنتاج عشرات الملايين من الأطنان منه كل عام، ويتم حرق معظمها لإنتاج الطاقة.وفى بيئته الطبيعية يحتل اللجنين الفراغات بين جدران الخلايا للنباتات، وقد وُصف بأنه ما يجعل النبات «خشبيًا»، ويقاوم الآفات والطقس.
وللجنين العديد من الاستخدامات المحتملة الأخرى أيضًا، كواحد من أكثر البوليمرات التى تحدث بشكل طبيعى على هذا الكوكب، فإن اللجنين متجدد، ويزداد الاهتمام به فى مجموعة من المجالات المتعلقة بصناعة السيارات.
وتعتبر المكثفات الفائقة القائمة على الكربون اليوم باهظة الثمن، لكن العلماء فى إمبريال كوليدج لندن اكتشفوا مؤخرًا أنه يمكنهم استخدام اللجنين ليحل محل الكربون القائم على الجرافين المستخدم فى المكثفات الفائقة اليوم. يمكن للمادة المشتقة من اللجنين تخزين مزيد من الطاقة الكهربائية لحجم معين مقارنة بالمكونات القائمة على الكربون وهى أرخص.
تقوم شركة ستورا إنسو الفنلندية بتجربة إنتاج بديل مستدام من الجرافيت لأنودات بطارية ليثيوم أيون المصنوعة من اللجنين. ويشكل المدى والأداء أهمية بقدر ما يشكله تخفيض الوزن وتخزين الطاقة.
اللجنين بديل أقل تكلفة من ألياف الكربون
تتعاون «ستورا إنسو» أيضًا مع الشركة المصنعة للألياف «كوردنكا» لتطوير ألياف الكربون من اللجنين المتجدد بدلاً من المادة الخام القائمة على الزيت بولى أكريلونيتريل (PAN).
أيضًا، كجزء من مشروع «ليبر» لمدة أربع سنوات، والذى انتهى فى عام 2020، نجح العلماء فى المعهد الألمانى لأبحاث النسيج والألياف (DITF) فى استخدام اللجنين كمواد خام مستدامة لتقليل تكلفة ألياف الكربون بشكل كبير. لذلك يبدو أن الدافع لتقليل انبعاثات الكربون قد أحدث زخمًا هائلاً فى إيجاد طرق مبتكرة لاستخدام المواد المستدامة بطريقة لم يكن أحد يتوقعها قبل عامين.
كتب- أحمد حسن عبد الكريم








