ساهم ظهور متحور دلتا، التابع لسلالة فيروس كورونا المميت، فى وضع دول جنوب أوروبا فى موقف لا تحسد عليه من الاضطرار إلى تقييد السياحة الأجنبية أو المخاطرة بالانتشار السريع للمتحول، إذ يحذر خبراء الاقتصاد من موسم آخر مخيب للآمال فى كلتا الحالتين.
عارضت الدول المعتمدة على السياحة مثل إسبانيا دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لاستجابة منسقة من الاتحاد الأوروبى للمسافرين من الدول التى سجلت ارتفاعاً فى حالات الإصابة بمتحور دلتا الذى تم اكتشافه لأول مرة فى الهند.
ومع ذلك، يقول خبراء الاقتصاد إنه لا يزال يتعين عليهم الموازنة بين الترحيب بالسياح من دول منها المملكة المتحدة وروسيا؛ حيث انتشرت السلالة الوبائية الجديدة، مقابل مخاطر الإقلاع فى بلدانهم.
وقالت جيسيكا هيندز، الخبيرة الاقتصادية فى «كابيتال إيكونوميكس»، إنَّ المفاضلة واضحة بالفعل، حيث تقول دول مثل اليونان وإسبانيا إنها مفتوحة للجميع، بينما نظرت دول شمال أوروبا بوضوح إلى معادلة التكلفة والفائدة بشكل مختلف تماماً.
وشكلت السياحة الوافدة 10% من الناتج المحلى الإجمالى فى البرتغال واليونان، وما يقرب من 6% فى إسبانيا فى عام 2019، وهو العام الذى سبق تفشى الوباء، بحسب منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
لتوضيح رغبتهما فى جذب السياح، قررت إسبانيا والبرتغال فى مايو رفع معظم قيود الاختبار والحجر الصحى على الوافدين من دول مثل المملكة المتحدة.
كما اتبعت اليونان نهجاً مماثلاً مع الوافدين الذين تلقوا اللقاح من 53 دولة، بما فى ذلك روسيا.
ومنذ ذلك الحين، شهدت كل من المملكة المتحدة وروسيا ارتفاعاً حاداً فى الإصابات المشخصة بمتحور دلتا.
وتشير «إكسفورد إيكونوميكس» إلى أن الإقامة الليلية فى الاتحاد الأوروبى انخفضت بنسبة 55% فى يونيو عن مستويات ما قبل الوباء، لكنها تتوقع أن تتراوح نسبة الانخفاض بين 25% و15% فقط فى أغسطس.
كما انتعشت عمليات البحث على «جوجل» عن أماكن إقامة فى إسبانيا إلى مستويات 2019، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
كانت شركة الاستشارات «ماكنزى» أكثر كآبة وتشاؤماً، فقد توقعت أن يصل إجمالى إيرادات السياحة فى إسبانيا والبرتغال إلى نصف مستويات ما قبل الوباء هذا العام وأن يتعافى تماماً بحلول عام 2024.
وقال توم جينكينز، الرئيس التنفيذى لجمعية منظمى الرحلات السياحية الأوروبية، إن عدم اليقين من شأنه أن يردع الكثيرين فى المملكة المتحدة عن السفر هذا الصيف، فالتقلبات من حيث المخاطر الوبائية والسياسية تعنى أن أى حجز محفوف بالمخاطر.
أحد الأمثلة على السرعة التى يمكن أن تتغير بها الأمور جاء بعد أن رفعت البرتغال القيود المفروضة على السياح البريطانيين فى 17 مايو، وذلك قبل وقت قصير من إضافة حكومة المملكة المتحدة البلاد إلى «القائمة الخضراء»، لكن بعد ثلاثة أسابيع فقط أزالت المملكة المتحدة البرتغال من القائمة، ما دفع العديد من السياح إلى العودة مبكراً لتجنب الحجر الصحى.
ومنذ ذلك الحين، أدى ارتفاع أعداد الإصابات بتسجل البرتغال لأحد أعلى مستويات الإصابة بكوفيد- 19 فى أوروبا، ما دفعها إلى فرض حظر مؤخراً على السفر من وإلى لشبونة.
وبعد ذلك، وجهت ألمانيا ضربة أخرى للبرتغال؛ حيث أضافت البلاد إلى قائمة الدول التى تعانى من متحور دلتا لفيروس كورونا، وحظرت معظم المسافرين من البلاد باستثناء السكان الألمان، الذين يتعين عليهم الحجر الصحى لمدة أسبوعين عند العودة.
كما فرضت البرتغال قواعد حجر صحى مماثلة للوافدين غير الملقحين من المملكة المتحدة.
عن ذلك، يقول خبراء الاقتصاد إن برنامج التطعيم فى الاتحاد الأوروبى تعتبر بمثابة سباق لإنقاذ الموسم السياحى فى المنطقة من متحور دلتا.
ويقول رافائيل دومنيك، رئيس قسم التحليل الاقتصادى فى بنك «بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا» الإسبانى، إنَّ أفضل استجابة لهذا التهديد هو تسريع حملة التطعيم ضد الوباء.








