ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص السيولة وعدم دفع الأجور منذ سيطرة الحركة
ارتفعت أسعار السلع الأساسية اليومية فى أفغانستان، ومنها الدقيق، وزيت الطهى، والوقود، وتوقف دفع الأجور للموظفين.
كما يصطف المواطنون الباحثون عن النقد فى صفوف خارج البنوك وأمام ماكينات الصراف الآلى.
فمنذ تولى طالبان السلطة فى بداية شهر أغسطس، عانى الأفغان انهياراً اقتصادياً يقول محللون وجماعات الإغاثة، إنه قد يتحول إلى انهيار مالى وجوع واسع النطاق.
وأفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية بأن الدولة غير الساحلية التى تعتمد على الاستيراد معزولة عن العالم. فحدودها مغلقة فى الغالب، وحكامها الجدد غير قادرين على الوصول إلى حوالى 9 مليارات دولار من الاحتياطى الأجنبى المجمد. وأوقفت الدول المانحة مثل الولايات المتحدة، والمجموعات مثل صندوق النقد الدولى، والبنك الدولى، التمويل الموجه إلى أفغانستان، إذ تمثل المساعدات الخارجية أكثر من 40% من الناتج المحلى الإجمالى.
وانخفضت عملة البلاد (الأفغانى) بنحو 10%، مع توقف الشحنات المادية للدولار الأمريكى التى دعمت قيمتها.
فى كابول، هناك مؤشرات على تصاعد مستوى الإحباط؛ حيث خرج المتظاهرون، بمن فيهم بعض الموظفين الحكوميين، إلى الشوارع، يوم السبت؛ للمطالبة بإعادة فتح البنوك، ودفع أجورهم المتأخرة منذ عدة شهور فى بعض الحالات.
قال كبير الاستشاريين فى مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، جرايم سميث، إنَّ أفغانستان تعانى «نهاية مفاجئة لاقتصاد حرب قيمته تعادل مليارات الدولارات»، مشيراً إلى وجود فجوة تزداد اتساعاً، وهو الأمر الذى يثير بعض الذعر.
وحذرت مديرة إدارة مخاطر الدول الآسيوية لدى مؤسسة «فيتش سوليوشنز»، أنويتا باسو، من أن الناتج المحلى الإجمالى لأفغانستان قد يتراوح بين 10% و20% فى العامين المقبلين.
وقالت إن هذا «هو حجم الانكماش الذى شهدته الاقتصادات التى واجهت انهياراً سياسياً مشابهاً مثل سوريا ولبنان وميانمار»، مضيفة أن التضخم المفرط «لا يمكن استبعاده» إذا استمرت العملة فى التراجع.
فى الوقت نفسه، حذر الاقتصادى الآسيوى فى شركة الأبحاث «كابيتال إيكونوميكس»، جاريث ليذر، من أنه من المرجح أن تتسبب عودة أفغانستان إلى وضع البلد المنبوذ عالمياً فى سحب البساط من تحت الاقتصاد؛ نظراً إلى أن الكثير من التقدم الاقتصادى خلال الـ20 عاماً الماضية قد شُيد وفقاً للدعم الخارجى، مشيراً إلى أن الانكماش الكبير فى الناتج المحلى الإجمالى، والتراجع فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية يبدوان أمرين مؤكدين.
ويشهد الأفغان بالفعل زيادات مقلقة فى الأسعار، مع احتمال حدوث نقص فى الأشهر المقبلة، ويزيد من الضغط موجة جفاف شديدة من المتوقع أن تحد من المعروض من المحاصيل الحيوية مثل القمح.
وقال برنامج الغذاء العالمى، التابع للأمم المتحدة، إنَّ 14 مليون أفغانى، أو ثلث السكان، يعانون بالفعل الجوع، وإنه «من الصعب الآن رؤية مستقبل هؤلاء السكان بدون أطفال يعانون سوء التغذية».
فى هيرات، ثالث أكبر مدينة فى أفغانستان، قال السكان، إنَّ المتاجر والأسواق تخزن أصنافاً أقل من السلع، مع انخفاض الأحجام، وارتفاع الأسعار، ويخشى الكثيرون من السكان تفاقم الأزمة مع حلول الشتاء القارس فى البلاد.
فى الوقت نفسه، أغلقت البنوك أبوابها فى الغالب منذ تولى طالبان زمام الأمور قبل أسبوعين، ثم أعيد فتح القليل منها، وهى تواجه الآن حشوداً من الناس اليائسين فى استنزاف مدخراتهم، وتأمين السيولة التى هم فى أمس الحاجة إليها.
يذكر أن طالبان حددت خلال عطلة نهاية الأسبوع السحوبات المصرفية بما يعادل 200 دولار فى الأسبوع؛ بسبب مخاوف بشأن نقص السيولة.
ومن المتوقع أن تعتمد الأسعار الاقتصادية لأفغانستان، خلال الأشهر المقبلة، على اتجاه العلاقات بين طالبان والدول الأخرى؛ حيث يمكن أن يساعد تعامل البلاد مع دول الجوار مثل باكستان وإيران، وحتى مع الولايات المتحدة وأوروبا، فى تمهيد الطريق للتجارة البرية عبر الحدود، واستئناف المساعدات الدولية.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن بعض الدول فى الغرب تدرس فرض عقوبات على أفغانستان، وهو الأمر الذى قال عنه سميث، من مجموعة الأزمات الدولية، إنه «سيؤذى شعب أفغانستان» أكثر من القادة الإسلاميين الذين صُمِمت هذه العقوبات لمعاقبتهم. وذكرت الصحيفة، أنَّ مئات الآلاف من الأفغان يجدون الآن سبل عيشهم فى خطر، بمن فيهم موظفو الخدمة المدنية الذين عملوا فى ظل الحكومة السابقة وأفراد القوات المسلحة.
وقالت طالبان، إنها ستواصل دفع أجور موظفى الحكومة، لكنَّ كثيرين يشككون فى هذا الأمر، كما أنه من غير الواضح ما إذا كان سيتم السماح للنساء بمواصلة العمل، إذ حذرت الأمم المتحدة من أنه فى بعض المقاطعات صدرت لهن أوامر بالبقاء فى المنازل.








