شهدت الحوسبة السحابية، نمواً هائلاً يصل إلى حد فاصل، وسط ظهور العملاء المهتمين بالتكلفة بشكل متزايد والضغط الاقتصادي.
وتسبب هذان العاملان في تثبيط أحد أهم أسواق النمو بالنسبة إلى شركات التكنولوجيا الكبرى.
قال الرئيس التنفيذي السابق في شركة “مايكروسوفت”، باري بريجز، والذي يعمل الآن محللا لدى “دايريكشنز أون مايكروسوفت”، إن “ثمة ضغط كبير من العملاء لخفض تكاليفهم”.
وأضاف: “بعد أن شهد العملاء ارتفاع فواتيرهم المتعلقة بالخدمات السحابية مع نقلهم أجزاء أكبر من الحوسبة لمنصات تديرها شركات مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل، أصبح كثير منهم أكثر ذكاء في تدبر كيفية تقليص التكاليف من إنفاقهم على الخدمات السحابية”.
أشارت شركتا “أمازون” و”مايكروسوفت” إلى الجهود التي يبذلها العملاء لتحسين إنفاقهم على الخدمات السحابية في كونها سبب حدوث انخفاض مفاجئ في نمو الحوسبة السحابية في الربع الأخير من العام الماضي.
كذلك، نمت إيرادات منصة “أزور” السحابية التي تملكها “مايكروسوفت” بنسبة 42% قبل الآثار التي نتجت عن تحركات العملات الأجنبية، وهي نقطة أدنى من التوقعات، بينما نمت مبيعات “أمازون ويب سيرفيسيز” بنسبة 27%، وهو أبطأ معدل نمو ربع سنوي منذ بدأت “أمازون” فصل مبيعات الحوسبة السحابية من إجمالي الإيرادات.
يأتي الضغط على النمو في وقت واجهت فيه كثير من الشركات الكبيرة فواتير متزايدة بشكل حاد مع نقلها مزيدا من حوسبتها إلى السحابة، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
واشتكى كبير مسؤولي التكنولوجيا في أحد البنوك الكبيرة، من أن أكبر شركات الحوسبة السحابية لم تتحرك بالسرعة الكافية لخفض الرسوم الثابتة لأمور مثل التخزين والحوسبة مع ارتفاع حجم أعمالها، رغم الكفاءات الأكبر التي تأتي من التشغيل على نطاق واسع.
حاولت الشركات أن تبدي تفاؤلها، بينما كانت تواجه انخفاضاً في النمو، قائلة إنها “تعمل مع العملاء لمساعدتهم على الحصول على قيمة أكبر من خدماتها، وإن هذا سيؤتي ثماره على المدى الطويل”.
قال ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة “مايكروسوفت”، للمحللين إنه “في هذه الفترة تحديداً، أعتقد أننا سنعمل على تحسين الاستفادة من خدماتنا في سبيل كسب ولاء العملاء على المدى الطويل”.
لكن النتيجة فاجأت وول ستريت وأشارت إلى تباطؤ غير متوقع في سوق السحابة المحمومة، التي يعتقد معظم الخبراء أنها لا تزال في مهدها.
تحاول الشركات تحويل تقليص النفقات إلى مصلحتها وتعويض الضغط على الإنفاق عبر دفع العملاء لشراء مزيد من خدماتها أو المشاركة في الاتفاقيات طويلة المدى.
قالت “أمازون” إن “أحد الطرق التي تساعد بها العملاء على توفير المال هي نقل أعباء عمل الحوسبة التي يواجهونها إلى شرائحها، ما يمكن أن يعزز جهودها لتصبح شركة تكنولوجية متكاملة رأسياً”.
كما بدأ عملاق التجارة الإلكترونية بتصميم معالجات عالية الأداء، تسمى جرافيتون، إضافة إلى مسرعات لتسريع حسابات التعلم الآلي، تدعى تراينيوم، ما يضعها في منافسة مباشرة مع شركات الرقائق الراسخة مثل “إنتل” و”إنفيديا”.
وتقدم “أمازون ويب سيرفيسيز” أيضاً تخفيضات للعملاء الذين يوجهون المزيد من أعمالهم في الحوسبة السحابية إلى مراكز البيانات فيها، ما قد يؤدي إلى الضغط على المنافسين الصغار.
من جانبها، قالت إليزابيث بيكر، نائبة رئيس استراتيجية وبرامج الاتفاقيات العالمية في “أمازون ويب سيرفيسيز”، إن “العملاء الذين يعتمدون على أمازون ويب سيرفيسيز فيما يتعلق بالتزامات أكبر وأطول أجلاً يميلون للتمتع بأفضل الاقتصادات، فنحن لا نخبر العملاء أين يديرون أعباء عملهم، ولا يؤثر اختيارهم البائعين في أسعارنا”.
في الوقت نفسه، تربط “مايكروسوفت” الخدمات السحابية المتميزة سابقا مثل “أزور” و “مايكروسوفت 365” و “دايناميكس” معاً بشكل أوثق “لزيادة ترسيخ نفسها عند العملاء”، حسبما قال بريجز.
يقول المحللون إن شركات الخدمات السحابية أيضاً تقدم اتفاقيات لاستبقاء العملاء لفترة أطول.
كذلك، قال مايكل سيلفر، محلل في شركة “جارتنر” إن العملاء بدأوا يكتشفون أن بإمكانهم الحصول على “نفوذ تفاوضي” على شركات الخدمات السحابية من خلال التخطيط المسبق بشكل أفضل والالتزام بشراء الخدمات قبل إصدارها بخمسة أعوام.
ورغم الضغوط الجديدة التي يفرضها العملاء لجعل إنفاقهم على الخدمات أكثر كفاءة، فإن معظم الخبراء قالوا إن هناك قليلا من الدلائل على أن المنافسة في الصناعة السحابية أصبحت أكثر حدة.
قال سيلفر، إن “الشركات تواجه تكاليف تحول عالية إذا حاولت نقل الحوسبة إلى مشغل سحابي مختلف. وبعد ذلك، عند التحول، يتم تقييدك بمزود جديد، وفي النهاية تواجه المشكلة نفسها معه”.








