مع تطبيق الحد الأدنى للضريبة العالمية تتصاعد الدعوات لتبنى مصر آلية لتطبيقها خاصة أن الحوافز الضريبية ستفقد فعاليتها مع تطبيق الركيزة الثانية لمنع تآكل الوعاء الضريبى وتحويل الأرباح.
وقدمت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية “إطار الركيزة الثانية”، والذى يهدف إلى معالجة التحديات التى تفرضها ممارسات تآكل القاعدة وتحويل الأرباح من جانب الشركات متعددة الجنسيات، إضافةً إلى خلق نظام ضريبى أكثر عدالة وشفافية.
ويطرح تنفيذ الركيزة الثانية تحديات وفرصًا لدول مثل مصر، لا سيما فيما يتعلق بتطبيق قوانين ضريبة الدخل المحلية ومعاهدات الازدواج الضريبى الحالية، وحتى الآن لا يوجد سوى دولتين فقط فى منطقة الشرق الأوسط بدأتا اتخاذ إجراءات تطبيق متطلبات الركيزة الثانية هما قطر والإمارات العربية المتحدة.
نصر: شركات أوروبية تدرس التخارج بالمناطق الحرة مع اقتراب تطبيق الحد الأدنى للضريبة 15% عالمياً
وقال حسام نصر، شريك الضرائب “بمكتب إرنست أند يونج للاستشارات المالية والمراجعة” إن الانضمام إلى قواعد مكافحة تآكل الوعاء الضريبى العالمى هو اختيارى للدول، لكن مصر من مصلحتها الانضمام لضمان الحفاظ على حقوقها الضريبية وتعزيز جاذبيتها كوجهة استثمارية.
وكشف أن هناك بعض الشركات الأوروبية بالمناطق الحرة تدرس التخارج منها مع اقتراب تطبيق الحد الأدنى للضرائب عالمياً 15% فى 2025، حيث إن تلك المناطق لم تعد جاذبة للمستثمرين.
ولفت إلى أن استمرار مصر فى نظام الحوافز الضريبية للشركات متعددة الجنسيات لن يكون له تأثير فى خفض الالتزامات الضريبية على هذه الشركات، بل سيؤدى إلى أعباء إدارية إضافية لتحقيق الالتزام بالنظام العالمى الجديد.
وطالب نصر الحكومة بضرورة تعديل قانون الاستثمار ومنح المزيد من الحوافز لتشجيع الاستثمار الأجنبى، لمنح ميزة تنافسية للدولة عن غيرها من الدول الإقليمية.
ويُقدر أن الحد الأدنى لمعدل الضريبة العالمى البالغ 15% سينتج حوالى 150 مليار دولار أمريكى من الإيرادات الضريبية الجديدة على مستوى العالم سنويًا، وذلك وفقاً للتقديرات الأولية لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وقال كريم قطاوى مدير الضرائب الدولية، بمكتب “صالح وبرسوم وعبدالعزيز- جرانت ثورنتون”، إن هناك عدة تحديات فى ظل تطبيق الحد الأدنى العالمى للضرائب بنسبة 15% للشركات متعددة الجنسيات الكبيرة حيث يتطلب النظام الجديد فرض ضرائب إضافية على أرباح هذه الشركات إذا كانت تدفع ضريبة فعلية أقل من الحد الأدنى، ما يفقد بعض الحوافز الضريبية فى مصر فعاليتها كإحدى الأدوات فى جذب الاستثمارات.
وطالب قطاوى بالإسراع فى إعداد قانون لتطبيق الحد الأدنى من الضرائب الإضافية المحلية، كما فعلت العديد من الدول الأخرى التى اتخذت خطوات فعلية نحو ذلك.
وسيتم تطبيق قواعد الركيزة الثانية على الشركات متعددة الجنسيات والتى يبلغ حجم مبيعاتها على الأقل 750 مليون يورو، ولن تْطبق على الكيانات الحكومية أو المنظمات الدولية أو المنظمات غير الهادفة للربح أو صناديق المعاشات أو صناديق الاستثمار التى تعتبر كيانات أم نهائية.
وأشار إلى أهمية الانضمام إلى الاتفاقية متعددة الأطراف التى تعمل منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية على إعدادها من أجل تطبيق قاعدة المدفوعات الخاصة للضريبة “إس تى تى آر”، والتى ستمكن مصر كدولة مصدر من فرض ضرائب إضافية على المدفوعات فى حالة عدم فرض ضريبة على بعض المدفوعات فى دولة الإقامة، أو فرض ضريبة بنسبة تقل عن 9% ، بما يضمن الحفاظ على حقوقها الضريبية الكاملة من المدفوعات التى تجريها الشركات متعددة الجنسيات.
ولفت إلى أنه إذا لم تطبق مصر آلية الحد الأدنى من الضرائب الإضافية المحلية، ستفقد إيرادات بدون تحقيق جدوى اقتصادية، وستحصل الدول الأخرى على نصيب مصر من الضرائب على الإيرادات المحققة فى مصر.
جدير بالذكر إنه عند زيادة الحد الأدنى للضريبة (15%) الذى تتطلبه الركيزة الثانية عن الضريبة المسددة “معدل الضريبة الفعال” فى كل أو بعض البلاد التى تمارس فيها المجموعة نشاطها، ستقوم السلطات الضريبية فى كل دولة من تلك الدول بتحصيل ضريبة تسمى ضريبة زيادة الرصيد “توب أب تاكس”، وذلك من خلال قاعدة ضريبة الحد الأدنى من الضرائب الإضافية المحلية.
وبالتوازى مع اتجاهات الضرائب الدولية فى تفعيل منع ممارسات تآكل الوعاء الضريبى وتحويل الأرباح أصدر مجلس معايير المحاسبة الدولية فى 23 مايو 2023 “إيضاحات نموذج إصلاح الضرائب الدولية الركيزة الثانية”، والذى تم من خلاله تعديل معيار المحاسبة الدولى رقم 12 الخاص بالضرائب على الدخل، بهدف تقديم الدعم فى الوقت المناسب بالنسبة للشركات التى سوف تتأثر بتطبيق الركيزة الثانية، وتجنب التفسيرات المختلفة عن تطبيق متطلبات الركيزة الثانية، وتحسين جودة المعلومات التى يتم تقديمها لمستخدمى القوائم المالية قبل وبعد تطبيق الركيزة الثانية.
حشيش: ضرورة تعديل معيار المحاسبة المصرى رقم 24 لضرائب الدخل ليتوافق مع القواعد الدولية
وقال طارق حشيش الشريك التنفيذى بشركة “آر إس إم للاستشارات المالية والمراجعة مصر” إن تلك التعديلات نصت على وجود إعفاء ضرورى ومؤقت لأثر تطبيق الركيزة الثانية على الأصول والالتزامات الضريبية المؤجلة للشركات سواء من حيث الاعتراف أو الإفصاح عن ذلك الأثر.
ونوه إلى أنها أوجبت إفصاح تلك الشركات فى قوائمها المالية السنوية للفترات التى تبدأ فى أو بعد 1 يناير 2023 عن قيامها بتطبيق ذلك الإعفاء الضرورى المؤقت الذى يتطلبه المعيار.
وأوضح أن مجلس معايير المحاسبة الدولية عند إصداره التعديلات لم يقدم معلومات إضافية للشركات تمكنها من تحديد متى يمكن اعتبار الضرائب الإضافية الناتجة عن تطبيق متطلبات الركيزة الثانية من ضرائب الدخل الخاضعة لمعيار المحاسبة الدولى رقم 12 ضرائب الدخل.
وذكر أنه لم يطلب من الشركات معالجتها على أنها ضرائب دخل، لذلك ترك للشركات الحكم لتحديد ما إذا كانت تلك الضرائب الإضافية هى ضرائب دخل تخضع للمعيار 12 بناءً على اعتبارات معينة أم لا مع إيضاح الأسباب.
ونوه إلى أن التعديلات لم تتضمن التعديلات ضرورة الإفصاح عن أثر تطبيق الركيزة الثانية على القوائم المالية الدورية للفترات التى تنتهى فى أو قبل 31 ديسمبر 2023.
وبالنسبة لمجموعة الشركات متعددة الجنسيات التى تعمل فى دول تطبق معدل ضريبة على الدخل يزيد أو يساوى 15%، أوضح حشيش بأنه يجب على تلك الشركات أن تفصح عن ذلك بقوائمها المالية المجمعة، كما قد يكون الأثر الضريبى قليل نسبياً بالنسبة للشركات التى تعمل فى دول تطبق معدل ضريبة أقل بنسبة هامشية من 15%.
وأشار إلى أن فى حالة عدم تطبيق الركيزة الثانية على مجموعة الشركات التى يقل إيرادها السنوى عن 750 مليون يورو، فيجب على تلك الشركات الإفصاح عن ذلك بقوائمها المالية.
