عزف المستثمرون فى الآونة الأخيرة عن تأسيس صناديق الملكية الخاصة “الاستثمار المباشر” فى ظل الظروف الاقتصادية التى كانت تمر بها البلاد خاصة وأن صناديق الاستثمار المباشر أغلب مساهميها مؤسسات أجنبية يقوم مدير الاستثمار بتحويل أرباحهم من الصناديق بالدولار مما جعلها تعانى خلال الفترة الماضية.
إلى جانب صعوبة تنفيذ استثمارات أو صفقات استحواذ بسبب صعوبة التقييم، وارتفاع معدل المخاطر الاستثمارية الناجمة عن عدم اليقين فى السوق، لكن مع تغير الأوضاع وعودة السيولة الدولارية والتقاط الاقتصاد المحلى بعضًا من أنفاسه هل تعود صناديق الملكية الخاصة لنشاطها المحلى مرة أخرى؟.
يتوقع الخبراء أنه مع حل أزمة العملة واستقرار الجنيه المصرى بشكل نسبى، عودة النشاط تدريجياً إلى صناديق الملكية الخاصة، لأسباب أهمها استعادة الثقة فى السوق، فمع استقرار الأوضاع الاقتصادية تعود الثقة للمستثمرين، مما يُشجعهم على ضخ الأموال فى صناديق الملكية الخاصة مرة أخرى، وانخفاض المخاطر الاستثمارية بسبب استقرار الجنيه.
مصطفى: ضرورة تطوير الجوانب التنظيمية لعمل صناديق الملكية الخاصة
ويرى محمد مصطفى، العضو المنتدب لشركة العربى الأفريقى لإدارة الاستثمارات، أن غالبية المستثمرين كانوا فى انتظار الإصلاحات النقدية وخاصة تحرير سعر الصرف، مشيراً إلى أن الخطوات التى حدثت ستكون من عوامل تشجيع الاستثمارات غير المباشرة سواء كانت فى إجراء استحواذات أو بدء استثمارات جديدة وخاصة.
ويرجح مصطفى أن هناك عدة قطاعات تتمتع بفرص واعدة فى السوق المصرية أهمها الصحة والتعليم والطاقة الجديدة والمتجددة، ستكون محل اهتمام المستثمرين خلال الفترة المقبلة سواء من خلال تأسيس شركات جديدة للاستثمار المباشر أو صناديق الملكية الخاصة، وبالتالى فمن المتوقع أن نشهد دخول استثمارات جديدة فى تلك القطاعات خلال الفترة المقبلة.
وعلى الجانب الآخر، يرى ضرورة الاهتمام بتطوير الجوانب التنظيمية لعمل صناديق الملكية الخاصة ومنها آليات التأسيس والمعاملة الضريبية.
وأشار إلى أنه من المفضل أن تقدم السياسات الحكومية خلال الفترة القادمة مزيدا من الحوافز الاستثمارية وتخفيف الإجراءات ودراسة منح إعفاءات ضريبية للمشروعات الجديدة وخاصة فى قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة.
وتابع أنه يجب توسيع قاعدة المشروعات التى يمكن ان تحصل على الرخصة الذهبية، والتى من الأفضل أن تمنح لكافة المشروعات الجديدة خلال عامى 2024 و2025 لزيادة حجم الاستثمار المباشر الأجنبى مما يعيدة الثقة بالسوق المصرية.
وتعد صناديق الملكية الخاصة أداة استثمارية لضخ الأموال فى الشركات ذات إمكانات النمو العالية، مما يُساهم فى خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النشاط الاقتصادى، وهى عبارة عن كيانات استثمارية تُجمع الأموال من مستثمرين أفراد ومؤسسات، وتقوم باستثمارها فى شركات قائمة بهدف تحقيق عوائد مرتفعة.
حامد: أوضاع الاستثمار المباشر ستتحسن تدريجيًا بعد استقرار سعر الصرف
وتوقعت راندا حامد، العضو المنتدب بشركة عكاظ لتكوين وإدارة محافظ الأوراق المالية، أن تشهد صناديق الاستثمار رواجًا خلال العام الجارى بصفة عامة، وصناديق الملكية الخاصة بصفة خاصة، وذلك بعد استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار.
وتابعت أن الحكومة الجديدة خاصة مع عودة وزارة الاستثمار مرة أخرى سيكون لها دور كببر فى تشجيع القطاع الخاص وقيد شركات جديدة للبورصة وتسهيل إجراءات قيد تلك الشركات، لذلك فتلك العوامل ككل ستعمل على تنشيط البورصة وصناديق الاستثمار خاصة صناديق الملكية الخاصة.
وأضافت حامد أنه يجب الاستفادة من حلول أزمة العملة وتحقيق انتعاش حقيقى فى قطاع الاستثمار المباشر، من خلال تحسين بيئة الاستثمار، وتبسيط الإجراءات، وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين، وتعزيز الشفافية والحوكمة فى الشركات وتنويع مجالات الاستثمار لتشمل قطاعات جديدة وواعدة، فضلاً عن دعم الشركات الناشئة لكونها محرك هام للاقتصاد.
وقال محمود نجلة، المدير التنفيذى لأسواق الدخل والنقد الثابت فى شركة الأهلى للاستثمارات المالية، أن مصر شهدت خلال السنوات الماضية عزوف الاستثمار الأجنبى المباشر خلال فترة كورونا ومن ثم الحرب الروسية الأوكرانية وظلت تلك الأزمة حتى تم التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى استكمال برنامج الاصلاح الاقتصادى.
وتابع أن التوصل لاتفاق أدى إلى استقرار سوق الصرف ومن ثم شهدنا عودة دخول الاستثمارات مرة أخرى.
وفى مارس 2024، توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى للحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار بهدف دعم استقرار الجنيه المصرى وتعزيز الاقتصاد المصرى.
وتوقع أن يكون لبرنامج الإصلاح الاقتصادى آثار إيجابية على الاقتصاد المصرى على المدى الطويل. ولكن على المدى القصير، قد يُؤدى البرنامج إلى بعض التحديات، مثل ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الدخل الحقيقى للأسر.
وتطرق نجلة إلى أهمية دور الحكومة الجديدة وخاصة وزارة الاستثمار التى من المتوقع أن يكون لها دور قوى وفعال لجذب الاستثمارات فى مختلف المجالات.
وأكد نجلة أن الهدف الرسمى والأساسى من عودة وزارة الاستثمار مرة أخرى هو زيادة معدلات الاستثمار الأجنبى المباشر وبالتبعية زيادة السيولة الدولارية، والأهم من ذلك هو علاج التضخم.
عبدالمجيد: خلق بيئة استثمارية جيدة بات ضرورة لإنقاذ الصناعة
وترى مينوش عبد المجيد، الرئيس التنفيذى لشركة ميزان للاستثمارات، أنه بالنظر إلى حجم الاستثمارات فى صناديق الملكية منذ بداية العام الحالى بالأخص منذ حدوث التعويم يدل على مدى تأثر تلك الصناديق بأزمة العملة خلال الفترات السابقة، خاصة وأن معظم تلك الصناديق بالدولار والجزء الأكبر هى شركات قائمة داخل مصر.
وترى عبد المجيد أن تلك الصناديق ستعود تدريجيًا بعد عودة الثقة فى الاقتصاد المصرى على خلفية الإصلاحات الهيكلية الشاملة شملت تعويم الجنيه، وتبنى سياسة نقدية صارمة لمكافحة التضخم، وتحفيز الاستثمار الأجنبى.
وشددت عبد المجيد على ضرورة تنويع مجالات الاستثمار فى صناديق الملكية الخاصة، لتشمل قطاعات استراتيجية ذات إمكانات نمو عالية، وتكون متنوعة وأكثر اختلافاً عن القطاعات التقليدية، موضحة أنه يجب على صانعى القرار فى مصر البحث جيداً عن أهم القطاعات التى تكون ذات أهمية للاقتصاد، مما سيساهم فى تحقيق التنمية المستدامة وخلق فرص عمل جديدة.
وأكدت على أهمية تطوير التشريعات الضريبية المنظمة للاستثمارات وصناديق الملكية الخاصة، لخلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية. وتُطالب بضمان المزيد من الشفافية والوضوح فى تلك التشريعات، لتسهيل اتخاذ القرارات الاستثمارية وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية ومن ثم اكتساب ثقة المستثمرين.








