يرى وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن الشرق الأوسط يقف أمام “فرصة تاريخية” لإعادة تعريف دوره في الاقتصاد العالمي، مُستفيداً من موجة إعادة التمركز الصناعي التي تتسارع بعد جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية.
الفالح أوضح أن هذه “الفرصة” تنبع من مرحلة إعادة تشكُّل واسعة تشهدها سلاسل التوريد العالمية، بما يُعيد توزيع مراكز الثقل الصناعي، في وقتٍ تتسابق فيه الدول لتعزيز مرونتها الاقتصادية وتقليل اعتمادها على المراكز التقليدية للإنتاج.
وضعت المملكة عام 2023 “المخطط العام للمراكز اللوجستية” بهدف تطوير 59 مركزاً لوجستياً بمساحة تزيد عن 100 مليون متر مربع بحلول عام 2030. ويستند مسعى الرياض لتعزيز مكانتها كمركز لوجستي عالمي إلى موقعها الجغرافي الذي يربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص. وتستهدف رفع تصنيفها لتدخل ضمن أفضل 10 دول في مؤشر الأداء اللوجستي العالمي.
السعودية في موقع محوري لسلاسل الإمدادات
الوزير السعودي ذكر بكلمته اليوم خلال القمة العالمية للصناعة (يونيدو) المنعقدة في الرياض، إلى أن العالم يتجه نحو تكتلات إقليمية جديدة في التصنيع وتدفقات الاستثمار، ما يُمهّد الطريق أمام المنطقة، وبخاصة السعودية، لاحتلال موقع محوري في هذه السلاسل. وأوضح أن الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء تُعيد بناء سلاسل التوريد بحيث تصبح أكثر قرباً واستدامة وقدرةً على التكيف مع الأزمات، وهو اتجاه يمنح الشرق الأوسط أفضلية جغرافية واستراتيجية غير مسبوقة.
ولفت وزير الاستثمار السعودي إلى أن الشرق الأوسط، رغم امتلاكه موارد بشرية ومالية وطبيعية ضخمة، ما زال يُعاني من ضعف التمثيل الاقتصادي العالمي، إذ تستحوذ المنطقة على 6% من سكان العالم و5% من التجارة و4% من الناتج المحلي العالمي، بينما لا يتجاوز نصيبها 3% من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
الاستثمارات الكبرى في القطاع اللوجستي ترسخ موقع السعودية
الفالح اعتبر أن الاستثمارات الضخمة في الموانئ والمطارات والخدمات اللوجستية وشبكات الطاقة النظيفة، بما في ذلك الهيدروجين الأزرق والأخضر، تعمل على ترسيخ موقع السعودية كمحور صناعي إقليمي. كما تسهم البنية التحتية الرقمية المتقدمة وتقنيات الاتصال الحديثة في دعم القدرة التنافسية للصناعات الناشئة، وعلى رأسها التعدين، والبتروكيماويات، والمواد الكيميائية الخضراء. وأشار إلى أن امتلاك المملكة موارد معدنية تُقدَّر بنحو 2.5 تريليون دولار يعزز قدرتها على تطوير هذه القطاعات وتسريع نموها.
تبلغ قيمة الخطة الاستثمارية للسعودية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية خلال الفترة ما بين 2023 و2034 نحو 1.6 تريليون ريال (427 مليار دولار)، عبر شراكات مع القطاع الخاص وعدد من الدول، وفق تصريحات سابقة نقلتها “الشرق” عن وزير النقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر. كما تسعى المملكة لزيادة الطاقة الاستيعابية للموانئ إلى 40 مليون حاوية قياسية، ورفع قدرات الشحن الجوي إلى أكثر من 4.5 مليون طن، وإيصال حركة الركاب إلى 330 مليون مسافر عبر مطارات المملكة، ضمن مستهدفات قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إطار “رؤية 2030”.
يرى وزير الاستثمار السعودي أن إطلاق المناطق الاقتصادية الخاصة، إلى جانب مبادرة مرونة سلاسل التوريد العالمية، تساعد في خلق بيئة صناعية متكاملة قادرة على استقطاب الشركات العالمية، بحسب الفالح، وأضاف أيضاً أن هذه المناطق تُحفز التصنيع المحلي، وتوسع نطاق اقتصاديات الحجم، بما يُعزز موقع السعودية في سلاسل القيمة العالمية.
