تُخطط مصر لتعزيز وجودها داخل السوق الأمريكى، مدفوعة بزيادة الاهتمام بالصناعات المصرية القادرة على المنافسة، وعلى رأسها الصناعات الغذائية والملابس الجاهزة والغزل والمنسوجات.
وتعمل الجهات الحكومية والمجالس التصديرية على إعداد خطط توسعية تستهدف تعظيم الاستفادة من الاتفاقيات التجارية وزيادة جاذبية السوق أمام الاستثمارات الأمريكية.
وبحسب تقرير صادر عن جهاز التمثيل التجاري، فقد سجَّل حجم التبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية نحو 5.6 مليار دولار خلال النصف الأول من 2025 مقابل 4.9 مليار دولار خلال الفترة نفسها من 2024.
وسجَّل حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر حتى نهاية فبراير 2025 نحو 9.44 مليار دولار موزعة على 2016 شركة فى قطاعات متنوعة تشمل التمويلية، والصناعية، والخدمية، والإنشائية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحية والزراعية.
وبحسب التقرير، يعمل جهاز التمثيل التجارى على إعداد خطة متكاملة لتعظيم الاستفادة من مزايا الاتفاقيات التجارية وجذب مزيد من الشركات الأمريكية للاستثمار فى السوق المصري، مع التركيز على تعزيز الشراكات بين مجتمع الأعمال فى البلدين والاستفادة من موقع مصر الاستراتيجى كبوابة رئيسية للأسواق الإقليمية.
«الضوى»: الولايات المتحدة أصبحت ثانى أكبر مستورد للغذاء المصرى بعد السعودية
قال تميم الضوي، نائب المدير التنفيذى للمجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إن حركة التبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة تشهد تطوراً ملحوظاً خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أصبحت ثانى أكبر مستورد للغذاء المصرى بعد السعودية.
وأضاف لـ«البورصة»، أن قيمة الواردات الأمريكية من الصناعات الغذائية المصرية سجَّلت 371 مليون دولار خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر من العام الحالي، ما يمثل 6.4% من إجمالى صادرات القطاع.
وأشار «الضوى» إلى أن الصادرات الغذائية المصرية إلى السوق الأمريكى حققت نمواً استثنائياً خلال العامين الماضيين، إذ ارتفعت من 212 مليون دولار خلال عام 2023 إلى 273 مليون دولار العام الماضي، ثم إلى 371 مليون دولار منذ يناير 2025 وحتى الآن، بإجمالى نمو تراكمى يتجاوز 75%، ما يعكس تنامى ثقة المستهلك الأمريكى فى المنتجات المصرية وقدرتها على المنافسة داخل أحد أكثر الأسواق صرامة فى العالم.
وأوضح أن عدة قطاعات قادت طفرة النمو داخل السوق الأمريكى، أبرزها الأسماك والتى ارتفعت من 25.5 مليون دولار فى 2023 إلى 51.1 مليون دولار فى 2025 بنمو 100%، ثم الملح الذى ارتفع من 12.9 مليون دولار إلى 36.3 مليون دولار بنمو 180%، والزيتون المُصنَّع من 10.2 مليون إلى 30.8 مليون دولار خلال عامين، بالإضافة إلى الفراولة المُجمَّدة التى ارتفعت من 16.8 مليون إلى 30.4 مليون دولار.
وأشار إلى أن معدل النمو السنوى للصادرات الغذائية المصرية إلى الولايات المتحدة خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024 بلغ 36%، وهو أحد أعلى معدلات النمو منذ بدء تسجيل الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكى، لافتاً إلى أن بعض السلع تجاوزت نسبة نمو 100% مثل الأسماك والملح.
وتوقع «الضوى» استمرار نمو الصادرات إلى السوق الأمريكى بمعدل يتراوح بين 30 و40% سنويًا، مدعوماً بعدة عوامل، أبرزها ارتفاع ثقة المستهلك الأمريكى فى جودة المنتجات، والتشديد الرقابى من الهيئة القومية لسلامة الغذاء على الشركات المصدرة، وزيادة الوعى بالاشتراطات الفنية ومعايير سلامة الغذاء.
«طلبة»: صادراتنا للسوق الأمريكى تمثل 16% فقط من إجمالى قيمة «كويز»
وقال مجدى طلبة، رئيس شركة T&C للملابس الجاهزة، إن أرقام زيادة التبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية لا تزال دون التوقعات، مشيراً إلى أن مصر استوردت من أمريكا ما قيمته 4.8 مليار دولار فى 2024، بينما بلغت صادرات مصر نحو 2.2 مليار دولار خلال العام نفسه.
وأضاف لـ «البورصة»، أن صادرات مصر لأمريكا حتى سبتمبر 2025 وصلت إلى 2.8 مليار دولار، موضحاً أن الاتفاقية التجارية بين مصر وأمريكا (الكويز) تمنح مصر ميزة دخول الصادرات الأمريكية لمصر برسوم جمركية، بينما تدخل المنتجات المصرية السوق الأمريكى دون جمارك، لاسيما المنسوجات والملابس.
وأشار «طلبة» إلى أن “كويز” استهدفت أن تصل صادرات مصر لأمريكا إلى نحو 15 مليار دولار، بينما الأرقام الحالية لا تتجاوز 2.5 مليار دولار بنسبة 16%، مشدداً على ضرورة التركيز على تحليل الميزان التجاري، ورفع القيمة المضافة للمنتجات، وتحديداً القطاعات الواعدة لضمان نمو مستدام للتبادل التجاري.
ولفت إلى أن شركته تصدر نحو 70% من إنتاجها لأمريكا، لكن بعد تصريحات الرئيس الأمريكى وتراجع الطلب من بعض الشركات، انخفضت الحصة إلى حوالى 60%، مؤكداً أن الهدف ليس مجرد زيادة الكميات، بل التركيز على القيمة المضافة والجودة العالية للمنتجات، مع مراعاة المنافسة من دول مثل بنجلاديش وتركيا.
«سلام»: معدلات التبادل التجارى تقترب من 5 مليارات دولار قابلة للزيادة
وقال هانى سلام، رئيس المجلس التصديرى للغزل والمنسوجات، إن السوق الأمريكى يمثل فرصة مهمة لصادرات القطاع، خاصة فى ظل القرارات الأمريكية الأخيرة المتعلقة بزيادة الرسوم الجمركية على الواردات القادمة من عدة دول أبرزها الصين، موضحاً أن هذه التطورات أسهمت فى خلق فرص جديدة أمام دول أخرى، من بينها مصر، للاستفادة من التحولات الجارية فى سلاسل التوريد العالمية.
وأضاف لـ «البورصة»، أن معدلات التبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة عبر مختلف القطاعات اقتربت هذا العام من حاجز 5 مليارات دولار، مع إمكانية تحقيق زيادات ملموسة خلال الفترة المقبلة مع استمرار تحركات المستثمرين وإعادة تشكيل خريطة الإنتاج العالمية.
وأوضح «سلام» أنه من المستهدف أن يصل إجمالى صادرات قطاع الغزل والنسيج إلى نحو 9 مليارات دولار بحلول 2030 فى سيناريو النمو طويل الأمد، والسوق الأمريكى أحد أبرز الأسواق المستوردة لتلك الصادرات.
وأشار إلى تزايد اهتمام المستثمرين الأجانب، وخاصة من الصين وتركيا، بالاستثمار فى مصر أو نقل طاقات إنتاجية إليها، مشيراً إلى أن هذا التوجه يرتبط برغبة بعض المصانع الموجهة للسوق الأمريكى فى تجنب القيود المفروضة على صادراتها، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التشغيل والرواتب فى تركيا، ما يجعل من مصر خياراً أكثر تنافسية لنقل خطوط الإنتاج أو إقامة وحدات تصنيع جديدة.
وذكر أن عدداً من المصانع بدأ بالفعل تنفيذ خطوات عملية عبر الحصول على أراضٍ وبدء عمليات البناء، بينما توجد مصانع أخرى فى مرحلة تجهيز المعدات أو التخطيط لنقلها، متوقعاً أن تسهم هذه الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة القادمة من الصين وتركيا، فى تعزيز القدرات الإنتاجية للقطاع.
وأشار إلى أن صادرات قطاع الغزل والنسيج والملابس والمفروشات تبلغ حالياً نحو 4.6 مليار دولار للأسواق العالمية، متوقعاً نمو هذا الرقم مع دخول الطاقات الإنتاجية الجديدة، وأن يرتفع حجم الصادرات إلى ما بين 6.5 و7 مليارات دولار خلال نحو 18 شهراً إذا استمرت عمليات إنشاء وتشغيل المصانع الجديدة بنفس الوتيرة.
«سمير»: «المصرية السويسرية» تُخطط لزيادة صادراتها 10% العام المقبل
وقالت هدى سمير، مدير التصدير بالمجموعة المصرية السويسرية للصناعات الغذائية، إن الفترة المقبلة قد تشهد رواجاً تجارياً أكبر بين مصر والولايات المتحدة، وهو ما من شأنه أن يمنح الصادرات المصرية دفعة إضافية خلال المرحلة المقبلة، خاصة فى القطاعات الغذائية التى تحظى بطلب متزايد فى السوق الأمريكي.
وأضافت لـ «البورصة»، أن شركتها تُصدِّر حالياً كونتينراً واحداً إلى السوق الأمريكى، لكنها تتوقع زيادة صادرات المجموعة بنحو 10% خلال العام المقبل، مرجحة هذا التوقع إلى التحولات التى يشهدها السوق الأمريكى فى ظل التوترات التجارية القائمة، والتى تفتح المجال أمام موردين جدد فى أسواق المنتجات الغذائية.
وقال محمد عامر، رئيس مجلس إدارة شركة مصر الدولية للبلاستيك «ميبكو»، إن هناك اهتماماً متزايداً بملف التبادل التجارى بين مصر والولايات المتحدة، خصوصاً مع اعتبار قطاع الكيماويات من القطاعات الواعدة التى تمتلك فرصة للتوسع داخل السوق الأمريكى خلال الفترة المقبلة.
وأضاف لـ«البورصة»، أن القطاع يواجه تنافسية عالية داخل السوق الأمريكي، وهو ما يجعل الشركات تحاول إيجاد ميزة تنافسية فى منتجاتها للقدرة على تحقيق تنافسية داخل السوق.
وأشار «عامر» إلى أن الشركة تُخطط لزيادة الطاقة الإنتاجية وتعزيز قدرتها على تلبية الطلب المتزايد من قطاعات متعددة بالسوقين المحلى والتصديري، مع بدء تشغيل خط جديد باستثمارات تصل إلى 15 مليون جنيه خلال النصف الأول من 2026.
