بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
منذ العصر الحجرى كان أقصى طموح رجل الكهف أن يحقق له رئيس القبيلة 3 احتياجات رئيسية:
1- الأمن، بمعنى منع الاعتداء عليه وشعوره بالأمان.
2- الرعاية، بمعنى تلبية احتياجاته الأساسية.
3- العدالة والإنصاف.
وتطور الفكر الإنسانى بحيث يحقق زعيم القبيلة أو شيخ الطائفة أو أمير المنطقة أو السلطان أو الملك أو الرئيس له تلك الاحتياجات فى ظل حرية سياسية ينظمها القانون.
ورغم تقدم الحضارة الإنسانية فإن احتياجات الإنسان ومطالبه إزاء الحاكم ونظام الحكم ظلت أساسية لا تتبدل، لا يؤثر فيها أى تقدم تكنولوجى مثل الانتقال بين عصور الفحم والبخار والكهرباء والنفط والغاز والطاقة النووية.
المتغير الرئيسى الذى أعطى لكل عناصر العلاقة بين الحاكم والمحكوم هو تغير شكل تكنولوجيا المعلومات عقب ظهور خدمات الإنترنت ووسائل التفاعل الاجتماعى.
هنا، وهنا فقط، أصبح المجتمع هو صاحب وسائل الرقابة اللحظية والمتابعة للسلطة التنفيذية بشكل ضاغط ومخيف لا يمكن لأى نظام، مهما بلغ استبداده، أن يسيطر عليه أو يصحبه أو يدير توجهاته مهما أوتى من سلطة أو مال.
وينسى الملايين من أهل مصر المحروسة أن شباب هذا الوطن العظيم أطلقوا أول ثورة إلكترونية فى التاريخ كونت فكرها وقاعدتها الأساسية ونظامها الحركى من خلال صفحاتها الإلكترونية.
هذه الوسائل هى التى حركت وتحرك الآن الموجة الثانية من حركات الاحتجاج والرفض وتحرك أيضاً القوى المناصرة لتيارات الإسلام السياسى.
إذن نحن قد نرى فى الشوارع وعلى شاشات التليفزيون ملايين من البشر يؤيدون أو يرفضون، لكن أداة تواصلهم بالدرجة الأولى لا تأتى عبر قوى حزبية منظمة ولكن عبر مجتمع تفاعلى يصعب معرفة تركيبة نظامه القيادى الهرمى.
إذن إذا كنت تتعامل مع قوى لا تملك قاعدة بيانات تنظيمية واضحة مثل استمارات عضوية لحزب أو لديك وسائل تنظيمية مباشرة لإدارة حركتهم فأنت فى حقيقة الأمر إزاء قوى لا يمكن التحكم فى قانون الفعل وقانون رد الفعل لديها.
لذلك كله سوف نستغرق وقتاً طويلاً فى فهم الموجة الثانية من الثورة المصرية.








