●● جمعت الهند 4 ميداليات، فضية وثلاث برونزيات، اثنتين فى الرماية وواحدة فى كرة الريشة، وواحدة فى الملاكمة. وحققها 83 رياضيا. واحتلت فى الترتيب العام المركز 52، بعد مصر 51. وبذلك يكون رصيد الهند 24 ميدالية فى تاريخها الذى بدأ بالاشتراك فى دورة باريس 1900.. وذلك مقابل 2379 ميدالية للولايات المتحدة.. لماذا هذا الفقر الهندى فى الألعاب الأوليمبية؟
●● الإجابة ليست بنفس سهولة طرح السؤال. فالهند دولة كبيرة الحجم، وهى ثانى تعداد سكانى، مليار و200 مليون نسمة. واقتصادها قوى، وهو التاسع عالميا، وهى دولة نووية طبعا، وديمقراطية جدا، وذات حضارة عريقة.. ولكنها لا تلعب كما يجب وبالنسبة لعدد السكان يكون رصيد كل 380 مليون تقريبا ميدالية.
●● كانت الهند تلعب الهوكى وتسبق العالم فى ملاعبه.. نصف ميدالياتها أحرزتها فى الهوكى. فى الفترة من 1928 إلى 1968 فازت الهند بجميع الميداليات الذهبية ماعدا مرتين من نصيب باكستان.. وأحرزت ألمانيا الغربية ذهبية دورة 1972 ثم أصبحت ملاعب الهوكى صناعية بدءا من دورة مونتريال 1976، فخسرت الهند مهارات لاعبيها التاريخية على العشب الطبيعى. بجانب أن تكلفة بناء ملاعب صناعية عالية.. وخلال 40 سنة فازت بميدالية هوكى واحدة.
●● هناك آلاف الرياضيين الهنود فى لعبات مثل السباحة وكرة الريشة والرماية، والهوكى، لكن المشكلة أن عقيدة الدولة والفرد هى أن الرياضة ليست من الأولويات. هناك ما هو أهم. إنه التعليم والعمل بجد. ففى التراث الهندى قول مأثور وهو: «ستضيع حياتك لو لعبت. لكن إذا درست وتعلمت وأصبحت رجلا أكاديميا فسوف تتوج ملكا».
●● يمكن مثلا لبطلة جمباز أمريكية أن تمضى ساعات فى التدريب أثناء الدراسة، وفى الوقت نفسه لن تخسر موقعها الاجتماعى والمادى بسبب هذا التدريب. بينما فى الهند لو تفرغت طالبة للتدريب ولم تنفق ساعات فى العمل، فإنها سوف تخسر ماديا، واجتماعيا.. وهذا فارق مهم فى فلسفة صناعة البطولة بين أمريكا وبين الهند التى ترى أيضا أن الإنفاق على التعليم أهم من الإنفاق على بنية رياضية أساسية.. فالحكومة الهندية لا يقنعها إنفاق مائة ألف دولار مثلا كى يتقدم أحد عدائيها بمقدار 2، ثانية فى سباق مائة متر.
●● هذا بخلاف المشكلات المعروفة. ومنها سوء الحالة الصحية العامة لأطفالها.وصعوبة الانتقال بين المدن الكبرى وبين المراكز التدريبية، فهناك مشكلة مواصلات، وضعف الترابط الاجتماعى. وعدم اهتمام المواطن الهندى بتمثيل بلاده رياضيا. فهو لا يرى فى ذلك مكسبا اجتماعيا أو دلالات وطنية. وإنما يرى دلالات الوطنية فى الدراسة الجيدة والعمل الجاد.
لعل بعض هذا يفسر ضعف الأداء الرياضى والأوليمبى لدولة عظمى مثل الهند.. ولعل ذلك يرفع اللبس هنا عند الكثيرين الذين يرون أن مصر دولة عظمى رياضيا ويجب أن تفوز بكل مباراة فى كل سباق وفى كل رياضة.. لعل هذا اللبس يرفع بعد أن استقر فى الرءوس خمسين عاما دون دليل سوى جسد هذا الرجل القابع فوق هضبة الجيزة ويدعى أبوالهول؟!
بقلم : حسن المستكاوى – الشروق






