فى كل يوم يكسب محمد مرسى أنصارا جددا من المواطنين العاديين فى الشارع، فإنه يخسر مقابلهم عددا كبيرا من المواطنين العاديين المتأثرين بنقص الخدمات وتراجع كفاءتها.
قرار مرسى عصر الأربعاء الماضى بإجراء تغييرات فى مناصب قادة الحرس الجمهورى والمخابرات ومحافظ شمال سيناء والأمن المركزى أكسبه أنصارا ممن يطالبون بأن يكون الرئيس حاسما، خصوصا أولئك غير الراضين عن أداء المجلس العسكرى أو الذين يشعرون بإهانة وجرح فى كرامتهم الوطنية بسبب ما حدث فى سيناء يوم الأحد الماضى.
لكن قرار قطع التيار الكهربائى عن مناطق واسعة فى القاهرة الكبرى صباح الخميس جعل الحانقين على مرسى والحكومة يتزايدون.
فى هذا الصباح رأيت موظفين يخرجون من أماكن عملهم المظلمة والخانقة إلى الشوارع بحثا عن بعض الهواء والأوكسجين، ثم يعودون مرة أخرى ليكرروا التجربة طوال أربع ساعات تقريبا.. لسان حال هؤلاء كان يسب ويلعن فى الحكومة والرئيس، وبالمناسبة معظم هؤلاء لم يكونوا لا «ليبراليين ولا علمانيين كفرة»، بل ليسوا مسيسين بالمرة، هم مواطنون عاديون قناعتهم أن «الحال المايل وضنك المعيشة» سببه الرئيس وحكومته.
هل هناك علاقة بين قرارات عصر الأربعاء وحادث صباح الخميس بانقطاع الكهرباء؟!.
المنطقى أنه لا توجد علاقة.. والمتوافر من معلومات أننا إضافة بالطبع إلى الأحمال الزائدة بفعل زيادة استهلاك الطاقة، فإننا لا نملك أموالا صعبة كثيرة ندفع بها ثمن الوقود المستورد «كاش».
ليس سرا أن سفنا كثيرة تحمل وقودا رفضت أن تسلمه لنا فى عرض البحر لأننا لم ندفع نقدا. وهذه الظاهرة تزايدت بعد الثورة لأن الموردين لا يعرفون ما إذا كانوا سوف يتسلمون مستحقاتهم آجلا أم لا، فى ظل الفوضى والانفلات وعدم وضوح الرؤية فى مجالات كثيرة.
نتيجة لذلك فإن نقص كميات الغاز الطبيعى المخصصة لمحطات الكهرباء يدفعنا إلى استخدام المازوت، ما يؤدى إلى انخفاض قدرات التوليد.
هذا هو السبب المنطقى لكن هناك بعض الأصوات الخافتة والهامسة بدأت تجهر بعدم استبعادها وجود «أيد خفية»، تتسبب فى قطع التيار الكهربائى.
لا يملك أحدنا معلومة تؤكد هذا الزعم وإلا فالطبيعى أن يتوجه بها إلى النيابة العامة فورا، ومن يثبت عليه هذه الجريمة الخطيرة، وجب علينا أن نطبق عليه حد الحرابة باعتباره إفسادا فى الأرض.
الرئيس محمد مرسى وسائر أفراد حكومته عليهم أن يدركوا أن قضية الكهرباء صارت واحدة من أهم المشكلات التى لم تكن فى حسبانهم، يفترض أن تتقدم الآن لتحتل المرتبة الأولى فى القضايا الخمس الكبرى خلال المائة يوم الأولى.
لو أن مرسى حقق معجزات خيالية فى كل القضايا، واستمر التيار الكهربائى بنفس الرداءة الراهنة، فلن يشعر الناس بشىء، بل سوف يتكون حزب عشوائى قد يطلق عليه البعض «حزب النور» ،لن يكون مثل حزب النور السلفى داعما وظهيرا للإخوان المسلمين فى القضايا الكبرى بل سيكون أخطر حزب سياسى مناهض للرئيس وحكومته.
ليس شرطا أن تكون هناك مؤامرة فى قضية الكهرباء، وعلينا تذكر أن التيار كان ينقطع فى السنوات الثلاث الأخيرة فى عهد مبارك بمعدلات كثيرة، وإذا أضفنا الفوضى والانفلات والتسيب، يمكننا تفهم سر تزايد الظاهرة الراهنة.
محمد مرسى اختار خمس قضايا رئيسية تعهد بحلها فى المائة يوم الأولى، لكن الظروف فرضت عليه قضايا أخرى أخطرها ما يحدث فى سيناء وانقطاع الكهرباء، فهل استعد لهما جيدا، ثم وهذا هو الأهم: هل استعد هو وحكومته لمنع تفجير قضايا جديدة أخرى إذا فكرنا بمنطق المؤامرة؟!.
بقلم : عماد الدين حسين – الشروق






