الرواية الإخوانية الرائجة ضد اى شخص ينتقد الجماعة او ايا من قرارات الرئيس محمد مرسى الجدلية، هى ان هناك تحالفا واسع النطاق من الخصوم الذين يحاولون الانقضاض على الرئيس المنتخب وسلبه حقه الشرعى فى الحكم.
تقول الرواية ان هذا الطيف من الخصوم يتكون من فلول الحزب الوطنى وقطاع كبير فى القضاء وقطاع أكبر فى الإعلام مدعومين بمال غزير يتدفق من عواصم خليجية واجنبية. وهناك رواية مستترة تقول ان غالبية الشرطة والقوات المسلحة لا تكن المزيد من الود للرئيس وجماعته.
تقديرى ان هناك جانبا كبيرا من هذه الرواية صحيح، فكل من تضرر من الثورة لن يتعاطف مع نتائجها سواء كان الفائز هم الإخوان أو الليبرليين، لكن موقف الجيش يصعب قياسه لنعرف هل هو مع ما يحدث الآن أم لا.
ما سبق يظل فى النهاية مجرد توصيف، لكن المشكلة تبدأ إذا أخطأ الإخوان فى كيفية الرد والتعامل مع هذه التحديات.
اخطأ الاخوان فى طريقة اقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعيين خلفه طلعت عبد الله.. ويعتقد الإخوان ان غالبية القضاء ضدهم والسؤال كيف سيتعاملون مع هذا التحدى؟ هم «لعبوا» فى المادة الخاصة بالمحكمة الدستورية لإبعاد تهانى الجبالى وقد يرهبون المحكمة، لكن ماذا سيفعلون فى غالبية رجال القضاء سواء الواقف أو الجالس؟!. هل ستكون لديهم قدرة على ابعاد كل المناوئين لهم فى هذا المرفق، وما هى التكلفة لهذا القرار الخطير؟!.
وبنفس المنطق هم غيروا اكثر من وزير للداخلية وكذلك كبار قادتها ويمكن ان يأتوا بقيادات إخوانية ملتحية، والسؤال ماذا سيفعلون مع بقية جسم الشرطة، هل يشكلون وزارة خاصة بهم يختارون أفرادها من الجماعة؟!.
وحتى إذا افترضنا حدوث ذلك، هل يملكون المال الكافى لاعطاء معاشات تقاعد لكل المناوئين لهم، ثم وهذا هو الأهم ألا يخشوا ان يتحول هؤلاء إلى قادة فاعلين فى معارضة مسلحة، على غرار ما حدث بعد حل الشرطة والجيش فى العراق بعد سقوط صدام حسين؟!.
تمكن الإخوان من وضع مادة فى الدستور تمنع قادة الحزب الوطنى من خوض الانتخابات المقبلة، وقد يمكن تفهم ذلك سياسيا، وقد يدفع الإخوان ثمن ذلك متمثلا فى تجييش كل هؤلاء الفلول لتأييد أى شخص أو قائمة تترشح ضدهم.
أما المشكلة الأكبر فهى إحساس الإخوان غير المستند إلى دليل ملموس على غياب تعاطف الجيش معهم.
نظريا الجيش أعلن انه ابتعد عن السياسة منذ 12 أغسطس الماضى حينما أحال مرسى المشير والفريق إلى التقاعد، وعمليا لا يمكن التخمين كثيرا فى هذا الأمر لحساسيته أولا ولغياب أى قدرة على الرصد والتقييم الموضوعى.
كل ما سبق نسبى وقابل للنقاش والأخذ والرد، لكن السؤال الجوهرى، ــ وإذا افترضنا ان كل المخاوف الإخوانية السابقة هى صحيحة وحقيقية ــ هل يريد الإخوان وهل يقدرون على دخول مواجهة مفتوحة مع كل هذه الأطراف مرة واحدة؟!.
ليس ذلك فحسب، فقد تسببت الرعونة السياسية فى إضافة كل القوى التى كانت حليفا للإخوان إلى قائمة خصومهم.
وبغض النظر عن الأسباب، فقد استيقظ الإخوان بعد الإعلان الدستورى يوم 21 نوفمبر الماضى ليجدوا أنفسهم فى مواجهة كل المجتمع بجميع طوائفه ما عدا السلفيين.
مرة أخرى وليست أخيرة وبغض النظر عمن هو على صواب وعمن هو على خطأ هل يريد الإخوان ان يبدأوا حكمهم فى ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وفى ظل التربص الإقليمى والدولى بالصدام مع الجميع، أم أن لديهم مفاجأة اعجازية سيقدمونها فى اللحظة الأخيرة؟!.







