تمر العقود على المواطن «مصري» وهو ينتظر، يترقب، يحلم، يأمل، يتطلع لحياة أفضل، يثور ليسقط حاكماً وينصب غيره، أملاً فى تحسن، تتبدد آماله، فيخرج صارخاً فى وجهه «ارحل».
منذ 3 سنوات خرجت حشود «ألفية» تبعتها ملايين إلى ميدان التحرير فى القاهرة وميادين المحافظات ليهتف الجميع بمطالب «العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية» لكن لم تتحقق هذه المطالب حتى بعد اجبار حسنى مبارك رئيس الجمهورية ـ آنذاك ـ على الرحيل.
جاء الإخوان المسلمون إلى الحكم ولم يتحقق للناس ما أرادوا وازدادت المشكلات وتفاقمت الأزمات على جميع المستويات فى أرجاء البلاد فما كان من ملايين الجماهير إلا أن خرجت ثائرة لازاحة حكم الإخوان وقد حدث.
بلد مضطرب منقسم، يعانى الفوران الدائم، وصراع محتدم قائم، ينتظر اليوم ليتوحد لكن الوقت به يمضى والدم يسيل ولا يهدأ.
الاقتصاد يعانى مثلما يئن المصريون تحت وطأة تراجع معدلات النمو وانخفاض الاستثمارات وهبوط العملة المحلية مقابل الدولار ومعظم العملات الأجنبية وتزايد أعداد المتعطلين عن العمل.
وقال الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء فى بيان أصدره نهاية نوفمبر الماضى ان معدل الفقر ارتفع إلى %26.3 من إجمالى السكان فى العام المالى 2012 ـ 2013 وكانت النسبة فى العام السابق عليه %25.2 وفقاً لمقاييس الفقر القومي.
وقال اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز، إن الأسرة المكونة من 5 أفراد تحتاج 1620 جنيهاً شهرياً لتستطيع الوفاء باحتياجاتها الاساسية ـ ما يعنى ان الفقير وفقا لمقياس الفقر القومى هو ما ينفق أقل من 10.8 جنيه يوميا.
وتأبى أسعار السلع الا ان تشدد وطأتها على المصريين لتقفز مرات متتالية لأسباب مختلفة.
وسجل معدل التضخم ارتفاعاً بلغ %13 فى نوفمبر الماضى مقارنة بنسبة %10.4 فى الشهر السابق عليه وهو أعلى معدل للتضخم يسجل منذ عام 2010.
مؤخراً استجابت الحكومة لمطالب شرائح عديدة من المجتمع طالبت بوضع حد أدنى للأجور، وحددت إجمالى الحد الأدنى للأجر عند 1200 جنيه شهريا للموظفين فى دواوين الدولة وشركات قطاع الأعمال وتحاول حالياً تطبيق هذا الحد مع شركات القطاع الخاص لكنه مازال محل أخذ ورد بينما يرفض هذا الاتجاه عدد غير قليل من رجال الأعمال.
يتوقع اقتصاديون ان تشهد أسعار السلع والخدمات ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة المقبلة مع زيادات الأجور واستمرار المعروض من السلع عند المستويات الحالية.
وقال محمود العسقلاني، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، إن وضع حد أدنى للأجور قيمته 1200 جنيه لا يعدو كونه خدعة رقمية، والحكومة الحالية تسعى لخلق تبريرات لغلاء أسعار المنتجات الاستهلاكية.
وقال الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط فى تصريحات له منذ أيام ان معدل البطالة ارتفع ليصل %13.4.
أحلام المصريين مؤجلة، ومن يصعد كرسى الحكم يرهنها دوما باستقرار لا يأتي، يقول أعضاء حكومة الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء ورؤساء الأحزاب السياسية المناهضة لجماعة الإخوان، إن نفاذ مشروع الدستور الذى يطرح للتصويت عليه منتصف الشهر الجارى سيدعم فرص الاستقرار، بينما تستمر المواجهات بين الإخوان وقوات الأمن.
وقال الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث، إن المواطن المصرى تحول مع الظروف التى تعرضت لها البلاد، وانخفض مستوى طموحاته إلى البحث عن الاستقرار والأمن ولم يعد يكترث كثيرون بأمور طالما نادوا بها مثل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وأضاف ان الاخفاقات المتكررة للنخب السياسية من جميع التيارات، وفشل الحكومات المتتالية منذ ثورة يناير، وسوء إدارة الحاكم الذى انتخب لإدارة البلاد كانت سبباً رئيساً فى تراجع تطلعات الناس.
ثلاث سنوات مضت على ثورة 25 يناير ومطالب المواطن «مصرى» لم تتحقق، ومازال يأمل ويطمح وينتظر أيضاً.








