إيران وفت بوعدها ويبقى الغرب

بقلم: جواد ظريف

وزير الخارجية الإيرانى

وأخيراً.. يبدو الأمل فى حل الأزمة غير الضرورية المحيطة ببرنامج إيران النووى السلمى واقعيا، ويرجع ذلك بجزء كبير إلى تغير المواقف تجاه دولتنا، ويدرك الجميع الآن اتقان العلماء الإيرانيين للتكنولوجيا النووية، ويقبل الكثيرون بأن المعرفة التى حققناها الآن لا يمكن تجاهلها.
كما أن هناك تقديراً متزايداً بأن إيران ليس لديها أى اهتمام بسلاح نووي، فبالفعل نحن نعيش وسط جيرة متقلبة، إلا أننا لطالما اعتقدنا أن السعى وراء سلاح نووى – أو حتى مجرد الشك فى أننا نطور واحدا – قد يعرض أمننا القومى للخطر.
ومن وجهة نظرنا، تعتبر الأسلحة النووية أدوات عفا عليها الزمن، فترسانة إسرائيل النووية لم يكن لها فائدة فى لبنان فى 2006، كما أظهرت الأحداث المأساوية فى 9 سبتمبر 2011 أن حتى أعظم قوة نووية لا تستطيع حفظ أمنها من خلال فرض انعدام الأمن على الآخرين، لذا لا يوجد بديلاً للشمولية والمشاركة.
وتعد أسلحة الدمار الشامل أدوات واهية للأمن والردع، وهذا ينطبق على كل الدول وخاصة إيران، ونحن راضون عن حجم دولتنا وجغرافيتها ومواردها الطبيعية ورأسمالها البشري، كما أنها لم تدخل فى حرب واحدة خلال القرون الثلاثة الماضية.
ولن يفعل خيار السلاح النووى سوى إلحاق الضرر بأمننا وتعريض مميزاتنا التقليدية نسبياً للخطر، وبدلاً من ذلك، علينا أن نكسب ثقة اللاعبين الذين شعروا بقلق غير ضرورى من القوة الإيرانية.
كما وصل الأمر بعلى خامنئى المرشد الأعلى بإصدار فتوى حرم بها تطوير هذه الأسلحة وتخزينها واستخدامها، كما أن ضمائرنا تعرضت للاختبار عندما قصف صدام حسين شعبنا بالغازات السامة على نطاق لم يشهد له مثيل منذ الحرب العالمية الأولى، ومع ذلك، لم نرد عليه باستخدام أسلحة دمار شامل.
وبينما تمتع بعض الغربيين بالأوهام فى الماضي، ويشك القليلون الآن فى أن الطريقة الوحيدة لضمان سلمية البرنامج النووى الإيرانى هى التوصل لاتفاق مقبول من الطرفين، ولكن هذا التحول لن يحدث بين ليلة وضحاها، بل دفعه إدراك أن الإكراه والضغط والعقوبات لن يؤدوا إلا إلى المزيد من النبذ والاستياء وعدم ثقة أعمق.
وتعد خطة العمل المشتركة التى توصلنا إليها مع نظرائنا فى جنيف نوفمبر الماضى بمثابة وثيقة تاريخية، لأنها أسست الاعتقاد بأن عدم انتشار الأسلحة النووية لا يمكن ضمانه سوى من خلال برنامج طاقة إيرانى شفاف مراقب من قبل وكالة الطاقة الذرية الدولية ويتضمن تخصيب اليورانيوم.
وتطلب التوصل إلى هذا الاتفاق المؤقت، الأول منذ عقد، قيادة وشجاعة من كل الأطراف، ومع ذلك يعد التفاوض على اتفاق دائم تحديا أكبر، وأظهر جميع اطراف الحوار رغبة فى الحوار ولكن هذا سيتم اختباره فى الأشهر المقبلة.
ولا تستهدف إيران من وراء الحوار سوى أولوية الأمن القومي، ولكى نكون واضحين تماماً، نحن لا نتفاوض من أجل التفاوض وكسب الوقت، فلقد أظهرنا مرة أخرى أننا عند وعدنا، فكما أكدت وكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً أننا وفينا بكل الوعود التى تعهدنا بها، لذا حان الوقت لنظرائنا أن يوفوا بجانبهم من الاتفاق.
وبينما ندخل فى محادثات الاتفاق النووى الشامل، سوف ينبغى على نظرائنا اتخاذ قرارات صعبة، وسيكون عليهم دعم الخطاب بالفعل، وسيكون على بعضهم إنفاق الكثير من رأسمالهم السياسى لكى يبقوا على مصداقيتهم أمام المجتمع الدولي.
والأمر الوحيد الذى ينبغى على الجميع أن يظهروه هو شجاعة أكبر من التى ظهرت حتى الآن.
ومع اقتراب الربيع الذى يتساوى فيه طول الليل والنهار، أدعو العالم لينضم إلى شعبى للاحتفال بعصر جديد، وقبل كل شيء أدعو نظرائنا فى المفاوضات لاستثمار هذه الفرصة لأقصى حد قبلنا نحن، ودعونا ننتهى من الأزمة غير الضرورية ونفتح آفاقاً جديدة.

إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: الفاينانشيال تايمز