نائب رئيس المجلس: تعديلات القانون تعدت كل التجاوزات الاقتصادية فى عصر مبارك
المستشار عبدالتواب: إعادة تخصيص الأراضى بالأمر المباشر يعرض العقود للبطلان مجدداً
لا نعترض على التعامل مع أسباب البطلان ولابد من عرض مشروعات العقود الجديدة على قسم التشريع
إلغاء الحوافز ضرورى لتحقيق تكافؤ الفرص بين المستثمرين وتحديد معايير الإعفاءات الضريبية
عدم عرض عقود الخصخصة على مجلس الدولة وتغيير نشاط الشركات أهم أسباب إبطال العقود
الحكومة ملزمة بمراجعة جميع عقود الخصخصة لتلافى أوجه البطلان مستقبلاً
قضايا التحكيم الدولى تفوق قدرات هيئة قضايا الدولة ومطلوب تشكيل لجان من الوزارات ذات الصلة
رفض مجلس الدولة التعديلات التى أدخلتها الحكومة على قانون ضمانات وحوافز الاستثمار والتى تحصن العقود من الطعن عليها من غير أطرافها.
وطالب المجلس الحكومة بإدخال تعديل تشريعى على القانون لتلافى عدم الدستورية، بالاضافة إلى ضرورة وضع شرط الزامى على المادة 66 مكرر والتى تعطى الحق للدولة فى ابرام ملاحق عقود لتعديل اوجه العوار التى توردها الاحكام القضائية على عقود الخصخصة، بحيث يكون مجلس الوزراء ملزما بعرض هذه الملاحق على مجلس الدولة قبل ابرامها لمراجعتها واقرارها.
قال المستشار محمد حلمى عبدالتواب، نائب رئيس مجلس الدولة نائب رئيس دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الادارى، إن التعديلات التى ادخلتها الحكومة مؤخرا على قانون ضمانات وحوافز الاستثمار غير دستورية وتخرج علي المنطق القانوني.
واعتبر عبدالتواب، فى حوار لـ”البورصة”، أن كل ما وجه من نقد للوضع بالنسبة للتشريعات الاقتصادية فى مصر منذ حكم الرئيس مبارك حتى ثورة يناير لا يتعدى %1 من التجاوز الذى تم من الحكومة الحالية فى تعديلات قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، لانه لا يمكن بأى حال من الأحوال تحصين اى عمل أو تعاقد من رقابة القضاء، فى الوقت التى تمنح نصوص الدستور الحق لاى مواطن فى اقامة دعوى قضائية تمس اى شىء يتعلق بالمال العام فى حالة وجود عوار تطبيقا لمبدأ المواطنة.
وقال نائب رئيس مجلس الدولة: «لا يوجد منطق وراء اصرار الدولة على اخفاء اوجه العوار الذى يشوب العقود التى تبرمها مع المستثمر وتقصر الطعن عليه على اطرافه فقط لاغير، فالمحكمة لديها القدرة الكافية على التمييز بين القضايا التى ترفع لأجل الشهرة الاعلامية والقضايا التى ترفع لتحقيق مصلحة حقيقة».
وأكد أن إبطال هذه العقود يدفع الدولة لمراجعة العقود الجديدة التى تبرمها من اجل تلافى اوجه العوار التى كانت موجودة فى العقود السابقة وتقيها البطلان.
ووصف عبدالتواب المادة 5 من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار بأنها تنم عن عقلية مغيبة عن السوابق التى حدثت فى هذا المجال وعما تبناه قانون المناقصات والمزايدات الذى وضع شروط حاكمة للتصرف فى أى من الأراضى أن يكون من خلال المزايدة.
تنص المادة 5 على ” أن تلتزم جهات ولاية أراضى الدولة عند تقدير اثمان ما تطرحه من اراض للبيع بأن يكون تقدير الثمن أو المقابل لتلك الأراضى مخفضا بما يحقق الغرض التنموى الذى ناط القانون بكل من تلك الجهات تحقيقه وذلك بحسبان أن العائد على الدولة من طرح أراضيها لا يقتصر فقط على ما تحصله من ثمن أو مقابل أو تكلفة وإنما يمتد إلى ما ينتج عن تنمية تلك الأراضى فى جميع المجالات من قيمة اقتصادية مضافة إلى الناتج القومى “.
فى الوقت نفسه، قال المستشار محمد حلمى عبدالتواب، إن مجلس الدولة لا يعارض ما نصت عليه تعديلات قانون ضمانات وحوافز الاستثمار بأن يتم تشكيل لجنة لابرام ملاحق عقود تتجنب ما ساقته الاحكام القضائية من عوار، حتى ولم يتم تنفيذ الحكم القضائى الصادر عن مجلس الدولة والذى يعتبر الهدف الاساسى منه معالجة العوار الذى شاب العقد، ما دام هناك امكانية لذلك.
لكنه شدد على ضرورة إضافة مادة فى القانون تقضى بعدم إصدار اللجنة المختصة بإبرام ملاحق العقود قراراً نهائيا، وأن يقتصر دورها على تقديم توصية يتم عرضها على قسم التشريع بمجلس الدولة فى صورة مشروع عقد مكمل، وإذا وافق عليه مجلس الدولة يتم إصداره بشكل رسمى من الوزير المختص.
ورأى نائب رئيس مجلس الدولة أن الوضع الاقتصادى قبل ثورة 25 يناير اتسم بتوفير فرص عمل وزيادة كبيرة فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وانتعاش قطاع السياحة مما انعكس فى استقرار سعر صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، ولكن شاب هذا العصر بعض السلبيات..
أضاف أن البعض لم يدرك أن الفساد الذى كان موجودا فى نظام مبارك نجم عن سوء تطبيق من المسئولين، فسياسة الخصخصة على سبيل المثال لم تكن خاطئة وإنما تطبيقها تم بأساليب أصابت المجتمع بخلل كبير جدا، خاصة ان الحكومة بدأت تنفيذها دون اعداد اى تشريع قانونى يحكمها ويضبطها ولم تكن مبنية على اسس واضحة، ولم تراع طبيعة الاقتصاد المصرى الذى يقوم على الاقتصاد الاجتماعى وتوفير فرص العمل، ما ادى إلى اتساع فجوة الاضرابات العمالية فى جميع الشركات التى تمت خصخصتها.
أشار نائب رئيس دائرة الاستثمار بمجلس الدولة إلى أن الخطأ فى جميع العقود التى تم بطلانها يرجع إلى الدولة، حيث إن المستثمر غير مسئول عن تغيير استراتيجية الحكومة فى التعامل مع الخصخصة، ومن حقه أن تلتزم الحكومة المصرية بتعاقداتها معه، حتى لا تنعدم الثقة الاستثمار فى مصر، ولكن بشرط أن يكون المستثمر حسن النية ولم يكن الخطأ نابعا عن تواطؤ وتقديم رشاوى بجميع أنواعها.
وأضاف أنه يتعين على الحكومة الحالية مراجعة جميع العقود التى ابرمتها الحكومات السابقة للتمييز بين المستثمر حسن النية ومن شارك بغش أو تدليس فى الحصول على منافع لا تقابلها مزايا للاقتصاد المصرى، فمن كان حسن نية وجبت حمايته بشكل كامل وتحصين عقوده مع الدولة وفقا لمفهوم الدولة القانونية، مع إمكانية إعادة التوازن المالى للعقد إذا كان المقابل المادى الذى دفعه المستثمر غير مقبول.
وكشف عن عدم وجود معايير محددة تطبقها محكمة القضاء الادارى لبيان مدى فساد العقد من عدمه وانما هى مسألة خاضعة لسلطة المحكمة، وحدد المشاكل الرئيسية التى تودى إلى بطلان العقود فى تغيير الغرض من الخصخصة،حيث ان السقطة القانونية التى تقع فيها الدولة هى بيع الشركات والأراضى التابعة لها وجميع اصولها كقيمة واحدة مما يسهل امكانية تصفيتها وتسقيعها وبيعها كأراض، لذلك يجب على الدولة عند خصخصة أى مشروع ان تفصل بين بيع الأراضى والمصانع لضمان عدم تصفية المشروع وتغيير نشاطه، وعدم منح المساهم الحق فى التصرف الا فيما يملكه من اسهم فى المشروع فقط لاغير دون التصرف فى الارض.
طالب نائب رئيس مجلس الدولة الحكومة بإعداد قانون عاجل ينص على أنه فى حالة خصخصة أى شركة لا يكون للمشترى التصرف فى المشروع الا بقيمة اسهمه مع الاحتفاظ بالنشاط الاساسى الذى أقيم من أجله المشروع دون بيع أى أراض وإنما يمكن منحها بحق الانتفاع، ليكون هذا النص هو الضمانة الوحيدة للدولة المصرية لعدم وجود فساد فى عمليات الخصخصة وستغنى عن جميع قضايا بطلان العقود التى ستقام، لأن المستثمر فى حاله علمه بأنه لن يستطيع تغيير الغرض الذى تأسس من اجله المشروع سيكون حريصا على ان ينهض به، بما سيضمن للدولة أيضا جذب المستثمرين الجادين فى تنمية مشروعاتهم فقط.
ورأى عبدالفتاح أن الاشكالات القانونية فى تنفيذ بعض الاحكام ما هى الا حجج تتذرع بها الحكومة للامتناع عن تنفيذ الاحكام، حيث يسهل تنفيذ الأحكام على اسهم الشركات المتداولة فى البورصة عن طريق تقديم عرض شراء اجبارى للاسهم من جانب الحكومة بسعر عادل مع امكانية دفع تعويضات للمساهمين حسنى النية، حتى تتمكن الدولة من الوصول بحصتها إلى %51 واسترداد الشركة.
وشدد على ضرورة أن تشكل لجنة حكومية تتولى الدفاع عن الدولة فى القضايا التحكيمية المقامة ضدها، من ممثلين عن وزارات العدل والتجارة والاستثمار والخارجية والاسكان وجهاز الكسب غير المشروع، حتى تكون على الكفاءة اللازمة لتعزيز موقف الحكومة المصرية امام مراكز التحكيم، خاصة ان جميع القضايا التحكيمية التى تكون مصر طرفا فيها تكون أعلى من قدرات هيئة قضايا الدولة لتتولى الدفاع عنها.
وأكد نائب رئيس مجلس الدولة ان موقف الحكومة المصرية امام التحكيم فى القضية المقامة من شركة النيل لحليج الاقطان سليم %100، حيث إن الشركة أهدرت حقوق العمال، ولم تلتزم بالتطوير وهذا ما ظهر على الخسائر التى تعرضت لها الشركة، بالمخالفة لغرض الخصخصة وهو التنمية.
وأشار عبدالتواب إلى أن القضاء الإدارى يبطل شرط التحكيم المدرج فى العقود التى تدخل الدولة طرفا فيها، لأن الأصل هو أنها تخضع لولاية القضاء المصرى، اما المنازعات بين الشركات وبعضها فلا يكون للمحكمة ان تمس شرط التحكيم المدرج فى العقود وتقوم برفض الدعوى لتضمنها شرط التحكيم.
وكشف ان من ضمن الاسباب الرئيسية التى تبطل العقود عند الطعن عليها امام مجلس الدولة هو عدم عرضها على مجلس الدولة قبل ابرامها، وأكد أن جميع العقود التى حكم القضاء الادارى ببطلانها منذ ثورة يناير حتى الآن لم تكن تمت مراجعتها من مجلس الدولة قبل ابرامها.
واعترض عبدالتواب على تخصيص اراضى الدولة بالأمر المباشر، لأنه يجب على هيئات الدولة ان تعلن عن طرح الأراضى فى مزايدات علنية لتحقيق العدالة، واستبعد صحة حجة الحكومة فى هذا الأمر بأن المزايدات تعوق الاستثمار، لأنه سيكرر السقطات القانونية التى تعرضت لها العقود التى تم ابرامها قبل ذلك وكان البطلان نهايتها.
ورأى نائب رئيس مجلس الدولة أن القانون المصرى يحتاج إلى ثورة فى مجال التشريعات الاقتصادية خاصة بالنسبة للاعفاءات الضريبية والتى لابد من تبنى منهج محدد فى سبب فرض ضرائب على بعض الانشطة ونسبتها وسبب اعفاء بعض الأنشطة الاخري.
كما شدد على أهمية إعادة النظر فى تبنى منهج منح مزايا للمستثمرين، فالنظام الاقتصادى الحالى الذى يحكم البلاد يعتمد على اقتصاد السوق والمنافسة الحرة التى لابد من ازالة جميع المعوقات التى تقف أمام هذه المنافسة، وأولها الحوافز الاستثمارية والتى تعتبر إخلالا كبيرا بمبدأ التنافس الحر وتكافؤ الفرص، كما أن منح حوافز استثمارية للمستثمرين الاجانب يضر بمبدأ تشجيع الصناعة المحلية وتشجيع صغار المستثمرين والذى تنتهجه الدولة حاليا.







