الموارد الأساسية والأدوية الأكثر تضرراً.. والأغذية «صاحب السعادة» لانخفاض الأسعار العالمية
«زكريا»: «مصر للألومنيوم» لم تنجح حتى الآن فى استيعاب زيادات 2012 و«الجديدة» ستلقى بها فى التهلكة
«خلف»: شركات الأدوية تعانى أزمة مزمنة فى التكاليف وزيادة الطاقة ستحولها للخسائر
تتفاوت تداعيات قرار الحكومة برفع أسعار الطاقة (بجميع أنواعها) على القطاعات الاقتصادية المختلفة وفقاً لمعطيات كل قطاع وحجم اعتماده على الطاقة سواء فى عمليات التشغيل أو النقل وإمكانية استيعاب تلك الزيادة.
ففى حين يُصيب القرار قطاع الموارد الأساسية والأدوية فى مقتل، استبعدت شركات الأغذية أن تتأثر بشكل كبيرة بهذه الزيادة، فيما تتسبب الانقطاعات المتكررة للكهرباء فى ضم قطاع الإتصالات لقائمة المتضررين لارتفاع تكاليف تشغيل المحولات.
وقررت الحكومة رفع أسعار الغاز الطبيعى للصناعات كثيفة الاستهلاك مثل الأسمنت والحديد والصلب بنسبة تتراوح بين 30 و%75، مع رفع أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعى لجميع الصناعات الاخرى بنسبة تتراوح بين 40 و%75.
قال فاروق زكريا، مدير علاقات المستثمرين بشركة “مصر للالومنيوم” إن زيادة اسعار الطاقة خاصة الكهرباء سيتسبب فى زيادة مطردة لتكاليف الإنتاج، خاصة ان الشركة مازالت تعانى من اخر ارتفاعات منذ عامين، فلم تتمكن من استيعاب الزيادة القديمة حتى الآن لذا ستعد الزيادة الجديدة بمثابة “القشة التى قسمت ظهر البعير” بالنسبة للشركة.
ولفت إلى أن قرار زيادة اسعار الكهرباء بعام 2012 من 23 قرشاً إلى 30 قرشاً، حملت الشركة أعباء زيادة سعر الكهرباء فى حدود 400 مليون جنيه فى عام واحد، حيث بلغت فاتورة سداد الكهرباء نحو 1.5 مليار جنيه سنويا مقابل 1.1 مليار جنيه قبل الزيادة.
أكد ان تلك الزيادة ستحد من تنافسية الشركات سواء على الصعيد المحلى أو الخارجي، فلن تتمكن من زيادة الاسعار المحلية لتخوفها من فقدان المنافسة نظراً لوجود المثيل المستورد باسعار اقل، ما اضطر الشركات إلى قبول تراجع أرباحها للحفاظ على مبيعاتها، كما ان مصانع القطاع العام التى تقوم بالتصدير للخارج لن تستطيع رفع أسعارها لتتمكن أيضاً من المنافسة فى السوق العالمى، الامر الذى سيكبدها خسائر وخيمة.
وطالب مدير علاقات المستثمرين وزارة الكهرباء بربط سعر الكهرباء بسعر الألومنيوم ببورصة لندن للمعادن.
أوضح أن مجمع الألومنيوم الذى تملكه الشركة يعد من أكبر موردى العملة الصعبة لخزينة الدولة، حيث يضيف لها نصف مليار دولار سنوياً، وهو ما يعتبر أكبر دخل دولارى لشركة حكومية، وتضم الشركة 10 آلاف من العاملين.
وعن صناعة الحديد، قال محمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية ان إرتفاع اسعار الوقود والكهرباء سيؤدى إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائى لحديد الدرفلة بـ50 جنيها للطن، وسيزيد الحديد الاسفنجى «دى ار أي» 280 جنيها للطن، حيث يدخل الغاز الطبيعى كمادة خام من ضمن مكوناته، بينما تقدر الزيادات فى طن الالومنيوم بـ500 جنيه، لكن الأزمة فى عجز أصحاب الشركات والمصانع عن إضافة تلك الزيادات على المنتج النهائى لأن المستهلك سيعتمد على المستورد نظراًً لتدنى اسعاره امام المحلى.
كما تعد شركات الادوية ضمن ابرز المتضررين من قرار الزيادة، حيث يعانى القطاع أزمة ارتفاع التكاليف بصورة كبيرة وتكبد غالبية شركاته وخاصة الحكومية خسائر بالعديد من المستحضرات التى يقل سعر انتاجها عن تكلفتها فى ظل صعوبة تحريك اسعارها، ما سيزيد من أوجاع هذه الشركات.
وقال رجب عبدالرؤوف، المدير المالى لشركة “العربية للأدوية والصناعات الكيماوية” ان ارتفاع اسعار الطاقة سيزيد من معاناة شركات الأدوية وسيدخل غالبيتها فى نفق الخسائر التى تعمل بالكاد للابتعاد عنه.
وقال عبدالرؤوف ان شركة العربية للادوية تعانى من ارتفاع تكاليف الانتاج مع تدنى سعر الدواء وتحملها وحدها تلك التكاليف دون تمريرها للمستهلك، مطالباً الحكومة بتخفيض نسبة الزيادة عن القطاعات غير القادرة أو أن تقوم وزارة الصحة بتحريك اسعار الدواء معتبراً التوقيت الحالى الأكثر ملاءمة لاتخاذ مثل هذا القرار، مشيراًً إلى أن شركته ستتقدم بطلب لتحريك الاسعار خلال الايام القليلة القادمة للشركة القابضة تمهيدا لعرضه على وزارة الصحة.
وأكد محسن خلف رئيس مجلس ادارة شركة “ممفيس “ للادوية ان تكاليف الشركة ستزيد بنسبة كبيرة خلال الفترة القادمة بعد قرار الحكومة بزيادة اسعار الطاقة ،لافتا إلى ان تأثر التكاليف لن يكون من جانب ارتفاع فاتورة الكهرباء التى تعتمد عليها جميع ماكينات الشركة فقط، انما ستعانى الشركة من زيادة فى تكاليف نقل المواد الخام وتكاليف مستلزمات التعبئة من ورق وكارتون وزجاج وبلاستيك، نظراً لاتجاه الشركات التى تقدم هذه الخدمات لزيادة اسعارها.
أضاف خلف ان الامر لن ينتهى عند الانتاج ومشتقاته فقط بل سيتطرق إلى التوزيع لقيام شركات التوزيع أيضاً برفع قيمة التعاقدات لزيادة تكلفة النقل جراء رفع اسعار الوقود، كل ذلك ومازالت وزارة الصحة تتحكم فى الاسعار ما سيؤدى إلى تحول الشركات إلى الخسائر.
وطالب رئيس مجلس ادارة شركة “ممفيس “ للادوية وزارة الصحة باعادة النظر فى تحريك أسعار المنتجات فى حدود متناول المرضى بالقدر الذى تجعله يتحملها دون وقوع اى ضرر عليه، فضلا عن اسناد توريد ادوية التأمين الصحى مباشرة إلى شركات الادوية بالقطاع العام بديلا عن طرحها بمناقصات.
أما شركات الأسمنت فتتجه حالياً لزيادة أسعار البيع لمواجهة ارتفاع اسعار الطاقة ، وهو ما يهدد برفع أسعار العقارات التى ستشهد زيادة فى التكاليف جراء ارتفاع تكلفة مدخلات البناء والمتمثلة فى الأسمنت والحديد، فضلاً عن ارتفاع تكلفة النقل، ما قد يهدد أيضاً بارتفاع اسعار الوحدات العقارية على المستهلك النهائى.
اشار محمد جلال المدير المالى لشركة “الشمس للاسكان” إلى أن رفع اسعار الأسمنت لابد وأن يتبعه زيادة فى اسعار العقارات لارتفاع تكاليف البناء، لذا يرى أن تأثير زيادة اسعار الطاقة على شركته محدود، إلا أن ضرره يتمثل فى تقليل حجم الطلب على العقارات الذى يعانى من ضعف شديد.
وفى سياق متصل، وقعت العديد من الشركات على عقود مستقبلية بالاسعار القديمة، ما سيحملها خلال الفترة القادمة اعباء زيادة التكاليف دون مشاركة من عملائها، وقال فيكتور فخرى المدير المالى لشركة “دايس للملابس”، أن رفع أسعار الطاقة يؤثر بشكل سلبى على شركته على المدى المتوسط، حيث قامت مؤخراً بتوقيع تعاقدات لمدة 6 أشهر بالأسعار السابقة قبل زيادة أسعار الطاقة، ومن الصعب تغير هذه التعاقدات.
أضاف أن شركته ستتحمل زيادة التكلفة بنسبة %6 خلال الــ6 أشهر القادمة، خاصة أن الكهرباء تمثل %15 من حجم التكلفة.
على صعيد مغاير لن يواجه قطاع الاغذية تأثيرات تذكر جراء قرار زيادة اسعار الطاقة، وقال هانى جنينة رئيس قسم البحوث بشركة “فاروس “ لتداول الأوراق المالية إن شركات الاغذية والمشروبات والصناعات الغذائية التكميلية لن تتأثر بزيادة اسعار الطاقة بشكل ملحوظ مع اتجاهها لرفع اسعار البيع وامكانية استيعاب تلك الزيادة من قبل المستهلك، كما أنها لن تواجه أزمة كبيرة فى ارتفاع التكاليف بفضل تراجع اسعار الغذاء العالمية، مشيراًً إلى أن ارتفاع اسعار النقل قد يكون العبء الوحيد المتوقع أن تواجهه الفترة القادمة ومن السهل التغلب عليه عبر رفع الأسعار أو تقليل هامش الربح للشركات ذات الارباح الضخمة.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) قد ذكرت أن أسعار الغذاء العالمية تراجعت فى يونيو الماضى للشهر الثالث على التوالى بفعل انخفاض أسعار الحبوب والزيوت النباتية.
وسجل مؤشر الفاو الذى يقيس تغيرات الأسعار الشهرية لسلة من الحبوب والبذور الزيتية والألبان واللحوم والسكر 206.0 نقطة فى المتوسط فى يونيو بانخفاض 3.8 نقطة أو %1.8 عن مايو.
وعن قطاع الاتصالات، توقع جنينة اتجاه شركاته لزياده اسعار المكالمات أو الخدمات التى تقدمها للعملاء ،الا أنها فى الوقت نفسه تحاول تحسين جودة خدماتها المقدمة للجمهور وهو ما لن يحدث حال زيادة تكلفة التشغيل بشكل ملحوظ خاصة مع انقاطاعات الكهرباء المتكررة.
وحددت وزارة الكهرباء التعريفة الجديدة بـ36.94.7 قرش فى المتوسط للصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة على أن تكون 34.1 قرش خارج وقت الذروة و51.1 قرش داخل وقت الذورة.
ويمتد وقت الذورة من الساعة السادسة مساء ولمدة 4 ساعات وتشمل الصناعات كثيفة الاستهلاك «الحديد والاسمنت والاسمدة والبتروكيماويات والألومنيوم.
وكانت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات قد علقت على زيادة عام 2012 بأن كل قرش زيادة فى أسعار الكهرباء يكلف شركة مصر للألومنيوم 51 مليون جنيه سنوياً، وشركة المسابك الحديدية 5.5 ملايين جنيه، والسويس للصلب 3.2 ملايين جنيه، ومجموعة عز 33.7 مليون جنيه، وبشاى للصلب 4.5 ملايين جنيه، والمصرية للحديد والصلب 10 ملايين جنيه، كما أن كل سنت زيادة فى سعر الغاز الطبيعى لشركة حديد عز سيكلفها 1.6 مليون جنيه، والمصرية للحديد والصلب 8.8 مليون جنيه سنوياً.








