إمدادات البترول المفرطة والعقوبات الدولية تهددان بعرقلة الإصلاحات
يقع ساسة إيران تحت ضغوطات كبيرة للتوصل إلى اتفاق نووى مع القوى العالمية للمساعدة على تخفيف المحنة الاقتصادية التى تعانيها البلاد والآخذة فى الاستمرار جراء العقوبات الدولية وانخفاض أسعار البترول وهو ما يهدد بعرقلة الإصلاحات الاقتصادية.
وأدت إمدادات البترول المفرطة وضعف الطلب إلى انخفاض شديد ومفاجئ فى أسعار البترول بنسبة %25 منذ منتصف يونيو الماضي، ما يعد أدنى مستوى له منذ أربع سنوات.
وفضلاً عن الضغوطات العالمية الواقعة على الاقتصاد الإيراني، فإن عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على قطاع البترول والقطاع المصرفى خفّضت صادرات طهران من البترول الخام إلى النصف على مدار العامين الماضيين، كما أنها صعّبت مهمة وصول الحكومة إلى الدولارات التى تحصل عليها من بيع البترول.
وترى حكومة روحانى الوسطية أن إبرام صفقة نووية وتحسين الظروف الاقتصادية أمر حيوى بالنسبة لمستقبلها السياسى، وكانت قد وصلت حكومة روحانى إلى السلطة العام الماضى بسبب وعودها بأن تعمل على حل الأزمة النووية من أجل تخفيف العقوبات.
وتهدف الإصلاحات التى انتهجها روحانى إلى تحفيز الناتج المحلى وخلق فرص عمل فى دولة وصلت فيها نسبة البطالة بين الشباب إلى %23، بالإضافة إلى الحد من اعتماد الدولة على عائدات البترول.
وساهمت الإصلاحات فى خفض معدلات التضخم إلى النصف أى من %40 إلى %20، كما أنها ساهمت فى استقرار الريال ومن المتوقع أيضا أن يتراجع عجز الموازنة العام الجارى الذى بلغ فى العام المالى 2013-2014، 650 تريليون ريال إيرانى، أى ما يعادل 24 مليار دولار، وفقاً لبيانات غير رسمية.
وقال محلل اقتصادى إنه مع عدم الوصول إلى اتفاق نووى جنباً إلى جنب تراجع أسعار البترول، فسوف يواجه المزيد من الصناعات والشركات خطر الإفلاس وتسريح العمالة.
وأضاف أن هذا المركب الخطير يعنى أن البلاد ستعانى نقص العملة الصعبة فى السوق قريباً، ما سيؤدى إلى هبوط قيمة الريال الإيرانى وبالتالى ارتفاع تكلفة الواردات والإنتاج المحلى ومعدلات أعلى للتضخم.
وذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز أن ارتفاع أسعار البترول زاد من حدة التوترات بين السعودية وطهران، أكبر متنافستين فى المنطقة.
وقال محللون إن هناك نظرية مؤامرة داخل النظام الإيران بأن الرياض – بالتعاون مع الولايات المتحدة – تخفضان أسعار البترول لإجبار طهران على تقديم تنازلات بشأن طموحها النووى خلال المفاوضات التى وصلت إلى مرحلة حرجة.
ومن الجدير بالذكر أن السعودية سمحت بانخفاض أسعار البترول فى أواخر ثمانينيات القرن الماضي، الأمر الذى ساعد على إجبار إيران على إنهاء الحرب مع العراق بسبب تراجع دخلها من البترول.
وقال مؤخرا المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، محمد باقر نوباخت، تكمن قوة العدو لوضع إيران تحت ضغط فى خفض أسعار البترول من خلال بعض الدول الإقليمية التى تطلق على نفسها إسلامية ولكنها تخدم الولايات المتحدة والقوى الطاغية. ورفضت وزارة البترول الإيرانية التعليق، وتبيع الوزارة حالياً نحو مليون برميل يومياً أى انخفاضاً من 2.3 مليون برميل يومياً قبل فرض العقوبات.
وقال أحد محللى البترول: «التاريخ يعيد نفسه، فصحيح أن العقوبات كلفت إيران انخفاض الواردات والعائدات ولكن الحكومة مازالت قادرة على دفع رواتب الموظفين، ولم يتضح بعد ما الذى يمكن أن يحدث إذا ظلت أسعار البترول منخفضة أو ازداد انخفاضها واستمرت العقوبات».
ومن المقرر أن تجتمع الدول الأعضاء فى منظمة الأوبك نهاية الشهر الجارى فى فيينا لمراجعة إنتاجها المستهدف. ويقول مسئولون إن إيران لن تقبل أن تخفض إنتاجها من البترول ولكنها ستوافق على خفض الإنتاج من جانب الدول الأعضاء الآخرين للمساعدة على رفع الأسعار. وسوف يؤدى التراجع الحاد لعائدات إيران من البترول إلى خفض احتياطياتها من النقد الأجنبي، الذى يقدر حالياً بنحو 100 مليار دولار، ويضع ضغوطاً على عجز الموازنة فى البلاد.