بقلم: كليف جونز
لقى شريف كواشى، وسعيد كواشى، الشقيقان اللذان نفذا الهجوم المدمر على مجلة شارلى إيبدو، تدريبهما فى المعسكرات التى تديرها القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، وفقاً للاستخبارات اليمنية، وهذا سلط الضوء مجدداً على القاعدة الإقليمية العسكرية للتنظيم ألا وهى اليمن.
ويقال إن الشقيقين سافرا إلى اليمن فى 2011، وبقيا هناك لأسابيع قليلة، وأنهما قابلا أنور العولقي، الواعظ الأمريكى المتطرف، المتحدث باسم القاعدة الذى قتل فى نفس العام خلال هجمة جوية أمريكية. وأكد المسئولون اليمنيون أن شريف وسعيد تلقيا تدريباً فى معسكرات التنظيم فى صحراء مأرب جنوب اليمن.
وقبل ظهور الدولة الإسلامية فى العراق والشام، ظنت الولايات المتحدة، أن القاعدة فى شبه الجزيرة العربية تشكل خطراً أكبر مما تشكله أى جماعة إرهابية أخرى، وتأسس تنظيم القاعدة الإقليمى فى عام 2009، بعد اتحاد فروع القاعدة فى اليمن والسعودية.
وعلاوة على ذلك، تم إعلان ارتباط عمر فاروق عبدالمطلب، النيجيرى المولد، بالتنظيم فى اليمن، وأيضاً نضال حسن، الذى قتل 13 شخصاً فى نوفمبر 2009 فى قاعدة فورت هود، والذى يقال عنه إنه رافق العولقى لمدة طويلة عندما كان الأخير فى اليمن.
وهناك أسباب عدة تربط اليمن بهذه الهجمات جميعها.
كان اليمن فى حالة اضطراب منذ توحيد الشمال والجنوب فى عام 1990، وينبع معظم عدم الاستقرار مؤخراً من الطائفية والقبلية المستوطنة، نظراً لانتماء %35 إلى %45 من اليمنيين فى الشمال إلى طائفة الشيعة الزيدية، أما فى الجنوب فغالبية السكان من السنة.
وفى عام 2004، سعت جماعة شيعية مسلحة فى الشمال، والتى تنتمى لقبيلة الحوثي، لمواجهة ما اعتبره نفوذاً متزايداً للإسلام السني، وبالتالى نفوذ السعودية، كم ادّعى الحوثيون تفشى التمييز الدينى ضد القبيلة الشيعية، والذى انعكس فيما يصفونه كتوزيع غير عادل لموارد الدولة.
وفى المقابل، اتهمت الحكومة اليمنية المسلحين بسعيهم نحو تطبيق الشريعة الشيعية، وانتهى الصراع فى 2010، فى حين بقيت الانقسامات الطائفية صدعاً خطيراً فى الدولة، والتى يحرص تنظيم القاعدة الإقليمى على استغلاله.
واستمرت الولايات المتحدة فى التركيز على تحييد هذه الجماعة المسلحة، ولكن بدون معالجة الطائفية فى اليمن، ولذلك فإن هذه المجهودات مقدر لها الفشل.
وسوف يحدد الصراع الشيعى السنى، الذى يعتقد أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، بجانب السياسات القبلية، إذا كان سيظل اليمن ملاذاً آمناً للجماعات مثل تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية، وبدون معالجة هذا الصراع الجوهري، ستواصل أعداد المسلحين فى اليمن الازدياد.
وبالنظر إلى وضع اليمن الاستراتيجي، تخشى السعودية أى زحف إيرانى، وبسبب التقارب الدينى للحوثيين مع الشيعة فى إيران، اشتبه السعوديون منذ فترة طويلة أن مساعدة طهران لهم تشكل جزءاً كبيراً من القوة التى يمارسها الحوثيون اليوم.
وانعكاساً للانقسامات الطائفية والدينية التى يشهدها الشرق الأوسط، أعلن تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية «الحرب المقدسة» على الحوثيين الشيعة فى 2011، وتقع صدامات بين الميليشيات الحوثية وعناصر القاعدة فى وسط وجنوب اليمن بسبب محاولات الحوثيين لتوسيع نفوذهم.
والعنف الطائفى هو ما سوف يشكل المستقبل القريب لليمن وليس التحدى المنفرد المتمثل فى تنظيم القاعدة هناك.
ويجدر بالغرب ألا يدع القلق بشأن تنظيم القاعدة يهيمن على التحديات الطائفية والدينية التى تواجه الدولة، والسبيل الوحيد لمنع اليمن من أن تكون ملاذاً للجماعت المسلحة ليس الهجمات بطائرات بدون طيار، وإنما فى استعادة الإدارة الفعالة للبلاد، وهذه هى الاستراتيجية الوحيدة التى ستقضى على تواجد القاعدة فى شبه الجزيرة العربية على المدى الطويل.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء رويترز







