أمريكا وفرنسا والأرجنتين تتخذ إجراءات قانونية ضد البنك
اعترف بنك « إتش إس بى سى » أن بنكه الخاص فى سويسرا ربما احتوى حسابات لعملاء متهربين من الضرائب، وجاء هذا الاعتراف بعد تسريب ملفات سرية من أكبر بنك فى أوروبا إلى وكالات أنباء عديدة تكشف تورط البنك فى ممارسات واسعة للتهرب الضريبى.
وقد تدمر هذه التسريبات البنك، خاصة أنها تتضمن ادعاءات بأن البنك قدم كميات كبيرة لا يمكن تعقبها من النقدية فى عملات أجنبية للعملاء، و«تواطأ» معهم فى إخفاء الأرصدة «السوداء» عن السلطات الضريبية بحسب ما جاء فى تقرير صحيفة «فاينانشيال تايمز» حول القضية .
وفى ديسمبر 2012، دفع بنك «إتش إس بى سى» 2 مليار دولار غرامة، ووقع على اتفاق مقاضاة مؤجل لمدة 5 سنوات مع السلطات الأمريكية بعد اعترافه بأنه تورط فى عمليات غسيل أموال تهريب المخدرات عبر المكسيك، وتحويل أموال من دول تخضع لعقوبات دولية مثل إيران.
وبموجب هذا الاتفاق يخضع البنك لتجريمه قانوناً، ولفقدان رخصته المصرفية الأمريكية إذا ارتكب أى جريمة أخرى خلال هذه المدة، ومنذ ذلك الحين، وعد البنك الأوروبى بتنظيف تعاملاته من خلال التخلص من العملاء والنشاطات الأكثر خطورة.
وقال بنك «إتش إس بى سى» إن الكثير من البنوك الخاصة، بما فى ذلك فرعه فى سويسرا، لديها عدد من العملاء الذين ربما لا يمتثلون بالكامل لالتزاماتهم الضريبية، وأضاف أنه يقر بذلك ويتحمل مسئولية الفشل فى الامتثال والمراقبة فى الماضى.
وقال البنك فى بيان له أمس الاثنين إنه اتخذ خطوات كبيرة خلال السنوات الماضية لتنفيذ إصلاحات والتخلص من العملاء الذين لا يتماشون ومعايير البنك الجديدة الأكثر صرامة، مضيفاً أن قاعدة العملاء فى بنكه الخاص انكمشت بنسبة %70.
وبعد هذه التسريبات تراجعت أسهم « اتش إس بى سى » بمقدار %1.42 عند 612 جنيه استرلينى فى بريطانيا عند الظهيرة.
وادعت التقارير الإخبارية أن الملفات المسربة تظهر أن البنك فتح أرصدة فى بنكه السويسرى لعملاء تمت إدانتهم لاحقاً بجرائم أو يعتقد أنهم يخرقون التزاماتهم الضريبية الوطنية، كما جاء فى هذه الملفات أن البنك سوق لاستراتيجيات لتجنب الضرائب لعملاء الفرع السويسرى.
وأضاف البنك فى بيانه إنه قام بتعديل أحكام وشروط بما يسمح للبنك الخاص برفض طلبات سحب النقدية، كما وضع ضوابط صارمة على السحوبات التى تتعدى 10.000 دولار.
وأوضح البنك أنه انسحب من الأسواق التى لم يستطع فيها القيام بالفحص المالى النافى للجهالة عن العملاء بدرجة مرضية.
وبحسب البيانات المتداولة فإن عملاء مصريين لديهم حسابات فى البنك تبلغ قيمتها نحو 3.5 مليار دولار، بينما تتصدر السعودية قائمة العملاء العرب بـ 5.8 مليار دولار يليها لبنان 4.8 مليار دولار.
وتستعرض الصحيفة البريطانية أهم الادّعاءات التى اشتملت عليها ملفات بنك «إتش إس بى سى» الخاص فى سويسرا:
– عادة ما يعطى المصرفيون فى بنك «إتش إس بى سى» فى سويسرا للعملاء مبالغ نقدية ضخمة، ونشرت صحيفة «ذا جارديان» البريطانية أن ريتشارد كارينج، رجل الأعمال البريطانى وصاحب مطاعم «إيفى»، قد سحب 5 ملايين فرنك سويسرى فى يوم واحد فى 2005، وقال محامى كارينج إن هذا الأمر خاص ولا يتضمن أى «مخالفات».
– تواطأ بنك «إتش إس بى سى» مع العملاء لإخفاء الأدلة على وجود أرصدة لهم عن السلطات الضريبية ذات الصلة.
– أعطى البنك لعملائه الأثرياء كروت ائتمان تمكنهم من السحب من أرصدتهم فى الفرع السويسرى من نقاط صرف خارج بريطانيا.
– استخدم البنك أسماء مشفرة بما فى ذلك أسماء شخصيات كرتونية أو أسماء شخصيات خيالية شهيرة لإخفاء هوية بعض العملاء.
– روّج البنك بشدة لمخططات تسمح للعملاء الأوروبيين الأثرياء بالتهرب من الضرائب.
– فتح البنك حسابات لمجرمين وأشخاص آخرين ترتبط بهم مخاطر مرتفعة، وأظهرت الملفات أن «إتش إس بى سى» فتح حساباً لإيمانويل شالوب، الذى تم اتهامه لاحقا بالتجارة فى الألماس الأفريقى، وأشارت مذكرة داخلية من البنك أن السلطات الضريبية البلجيكية كانت تتحرى عن أنشطته فى مجال التهرب من ضرائب التجارة فى الألماس.
واستطاعت العديد من السلطات الضريبية الوصول لهذه الملفات المسروقة منذ 2010 – مثل فرنسا وبلجيكا – وبدأت بالفعل اتخاذ إجراءات قانونية ضد بنك «إتش إس بى سى» نتيجة لذلك.
وفى نوفمبر الماضى، وضع البنك رسمياً قيد التحقيق فى فرنسا حول ما إذا كان البنك السويسرى الخاص به ساعد المواطنين الفرنسيين على التهرب من الضرائب، وهى قضية مماثلة لتلك التى كلفت بنك «يو بى إس» المنافس 1.1 مليار يورو، كما يواجه بنك «إتش إس بى سى» اتهامات مماثلة فى بلجيكا.
واتهمت الأرجنتين البنك العام الماضى بمساعدته 4000 مواطن على التهرب من الضرائب من خلال وضع أموالهم فى حسابات سرية فى سويسرا، وهو اتهام رفضه البنك حينها.
وقال البنك إن وحدته السويسرية خفضت أصول عملائها من 78 مليار جنيه استرلينى فى 2007 إلى حوالى 45 مليار جنيه استرلينى نهاية 2014.
وقالت مارجريت هودج، رئيس لجنة الحسابات العامة بالبرلمان، إن لورد جرين، وزير التجارة السابق الذى سبق له إدارة بنك «إتش إس بى سى» يواجه «أسئلة خطيرة» بهذا الشأن، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا والأرجنتين بدأت بالفعل اتخاذ إجراءات قانونية ضد «إتش إس بى سى».