غازى ناصر: اضطرابات بعض الدول وراء تراجع التبادل التجارى
يرى مجتمع الأعمال أن تأسيس الاتحاد الجمركى العربى لن يسهم بمفرده فى زيادة التجارة البنية العربية، وإنما يتطلب الأمر التركيز على ضخ مزيد من الاستثمارات فى القطاعات الاستهلاكية الحيوية، التى تعتمد عليها هذه الدول فى معظمها على الاستيراد من الدول الغربية، بالإضافة إلى أن المصالح الذاتية لبعض الدول تحول دون تنفيذه.
وكان وزراء التجارة والاقتصاد العرب قد أكدوا خلال الجلسات التحضيرية للدورة السادسة والعشرين للقمة العربية التى انتهت فعالياتها، أمس، ضرورة تنفيذ مقترح إنشاء اتحاد جمركى عربى لزيادة حركة التجارة البينية.
قال محمد المرشدي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، رئيس لجنة الجمارك باتحاد المستثمرين، إن فكرة إنشاء اتحاد جمركى عربى سوف تواجه عدة تحديات تعرقل أعمال التطبيق.
أضاف المرشدي، أن تضارب المصالح بين الدول وراء فشل تطبيق الاتحاد، ويبحث كل بلد عن مصالحه لحماية الصناعة وتحقيق أهدافه، موضحاً أن هناك دولاً تتميز بصناعات معينة تفتقدها بعض الدول الأخرى، مثل مصر وسوريا فى الصناعات النسيجية، وتحمى صناعاتها بفرض حماية وتعريفة جمركية فى الوقت الذى تسعى الدول الأخرى إلى الحصول على إعفاءات جمركية.
أشار إلى أن الاتحاد حال عدم تحقيق مصالح الصناعة المحلية، فإن مصر ليست فى حاجة إلى الاتحاد، وسوف تستمر فى العمل بتعريفات جمركية وفقاً لبنود منظمة التجارة العالمية.
أوضح المرشدي، أن هذه ليست المرة الأولى التى يطرح فيها فكرة إنشاء اتحاد جمركى بين الدول العربية، وحتى الآن لم يحدث اتفاق، ويرتبط الأمر بالسياسات الحكومية بين الدول لتنامى التبادل التجارى بين الدول.
وطالب المرشدى بضرورة النهوض بالصناعة المحلية خاصة النسيجية، فى ظل خروج سوريا من السوق؛ نظراً إلى الأوضاع الأمنية التى تعانيها منذ سنوات، بالإضافة إلى ضرورة تفضيل المنتج العربى بين البلدان العربية.
قال السفير جمال بيومي، الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب، إن تخفيض الجمارك بين الدول العربية أو إنشاء اتحاد جمركي، لن يسهم وحده فى زيادة حجم التجارة البينية، لافتاً إلى أن البلدان العربية تطبق اتفاقية تيسير التجارة، لكن حجم التبادل التجارى لم يصل إلى المستوى المأمول.
أوضح بيومى، أن الدول العربية تستورد نحو %70 من احتياجاتها من خارج حدودها، لافتاً إلى ضرورة التركيز على زيادة الاستثمارات للوصول إلى انتاج حقيقى يمكن مبادلته تجارياً مع الدول العربية، على رأسها القطاع الغذائى والصناعات الهندسية.
أضاف: من الضرورى أن يستثمر رجال الأعمال من مصر والدول الخليجية فى القطاع الغذائى بالسودان وإثيوبيا باعتبارهما أرضاً بكراً وخصبة، تسهم فى تحقيق الاكتفاء الذاتى لجميع الدول العربية، خاصة أن الطبيعة الجغرافية لدول الخليج لا تسمح بتلك المشروعات.
أضاف أن الدول العربية يجب أن تتوسع فى مشروعات وسائل النقل المختلفة والصناعات الهندسية وتصنيع الآلات والمعدات، مشيراً إلى أن الإمارات والكويت تستوردان ناقلات البترول من الدول الغربية.
وتضمنت قرارات وزراء التجارة العرب تنمية الاستثمارات الزراعية بهدف ضمان الأمن الغذائى العربي، وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وبحث تحرير التجارة البينية العربية سواء السلع أو الخدمات، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات تتعلق بتجارة السلع تتضمن تخفيض التعريفة الجمركية، ثم إلغاء الاستثناءات وكل القيود لإقامة الاتحاد العربى الجمركى المقررة إقامته عام 2020، بالإضافة إلى مساندة المشروعات الصغيرة.
من جانبه، قال محمد شكري، رئيس غرفة الصناعات الغذائية، إن مصلحة المصنعين المصريين التعاون مع كافة الدول العربية لزيادة الصادرات.
أشار شكرى إلى أن بعض الدول العربية مثل السعودية والأردن والسودان، تتخذ بعض الإجراءات، وتفرض رسوماً وقيوداً تؤثر نوعاً ما على حركة التجارة البينية، بما فيها من مخالفة لاتفاقيات جامعة الدول العربية، مطالباً بزيادة الإجراءات التى تحد من تلك الممارسات.
وفيما يخص إنشاء سوق عربية مشتركة، قال شكري، إن الفكرة مطروحة منذ عهد الراحل جمال عبدالناصر، لكن التنفيذ يحتاج إلى نوايا حقيقية من قبل القيادات والرؤساء فى المنطقة العربية، لإصدار تعليمات للهيئات والجهات الرسمية للعمل على التنفيذ.
من جانبه، قال محمد البهي، رئيس لجنة التعاون العربى باتحاد الصناعات، إن اللجنة تتواصل من خلال الاتحاد مع كافة الاتحادات الصناعية المماثلة فى الدول العربية، لتوسيع الرقعة الصناعية، واستغلال الطاقات العربية.
أضاف أن اللجنة من مهامها متابعة تنفيذ المشروعات والتواصل مع المستثمرين العرب، والعمل على تحقيق فكرة التكامل.
أضاف أن اللجنة تهتم بفكرة إنشاء سوق عربية مشتركة على غرار الاتحاد الأوروبي.
قال إن إنشاء السوق العربية المشتركة تأخر كثيراً، مضيفاً أن الفترة المقبلة ستشهد تواصلاً مع سفراء الدول العربية حتى يكون هناك مساندة وتوافق، بالإضافة إلى الدفع من قبل رجال الأعمال.
وأعلن البهى عن تنظيم بعثات ترويجية للدول العربية عقب الانتهاء من مؤتمر القمة العربية، لدول السعودية والإمارات والبحرين والكويت خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى طرح فكرة إنشاء صندوق استثمارى عربي، لمساندة المشروعات الصناعية المتعثرة والجديدة فى مصر والدول العربية، بحجم تمويل مبدئى يصل إلى 500 مليون دولار، من مساهمات من رجال الأعمال والمنظمات الصناعية بالدول العربية.
أوضح أن الصندوق سوف يمول المشروعات بالمشاركة مع المستثمر، بنظام الأسهم بما يحقق مكاسب وأرباحاً لكلا الطرفين.
أوضح أن الصندوق سيعمل على إعداد وتدريب العمالة المصرية لتشغيلهم فى المشروعات الصناعية بالدول العربية، وكذلك العمالة والشباب العربى لنقل الخبرات بين الدول العربية، لتعظيم الاستثمارات ومنح فرص أكبر للأسواق العربية وتشغيل المصانع وإحداث نهضة صناعية تكاملية بين بلدانها.
وقال غازى ناصر، عضو مجلس إدارة جمعية الصداقة المصرية اللبنانية، إن المشكلات الطائفية وأعمال العنف التى تعانيها بعض الدول العربية، عامل أساسى فى تراجع حجم التجارة البينية، مشيراً إلى أن ازدهار التعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر والدول العربية خلال الفترة المقبلة يتوقف على حل تلك المشكلات.
ومن جانبه، قال محمد هلال، رئيس مجلس الأعمال السودانى المجمد، إنه بالرغم من الاتفاقيات الموقعة بين الدول العربية لتسهيل وزيادة التجارة، فإن عدداً من البلدان العربية لا تطبق الإعفاء الجمركى بشكل كامل، مشدداً على أن التوجه نحو التنفيذ العملى يتطلب إرادة سياسية من الحكام.
وقال عادل رحومة، الأمين العام الأسبق لمجلس الأعمال المصرى القطرى، إن التعاون العربى فى المجال الاقتصادى والتجارى ضعيف، ولا يرتقى لمستوى التعاون بين الدول الكبرى المتقدمة.
وشدد على ضرورة تنفيذ مخطط الربط البرى العربى بالسكك الحديدية، وإقامة طرق مهيأة لعمليات النقل وزيادة عدد الخطوط الملاحية.
وشملت التوصيات التى خرج بها اجتماع كبار مسئولى الدول العربية، دعوة الحكومات إلى أن تضع ضمن أولوياتها استكمال شبكات السكك الحديدية، وكذلك استكمال وصلات الربط فيما بين تلك الشبكات، لما فى ذلك من إيجابيات فى تقليل تكلفة النقل وزيادة حجم وحركة نقل التجارة العربية البينية.