بقلم: حسين عبدربه
كيف كان شعورك وأنت تستمع إلى الرئيس الأسبق حسنى مبارك ، وهو يهنئ الشعب المصرى بذكرى تحرير سيناء، ويتحدث عن بطولاته وتضحياته لعودة الأرض المحتلة وتقييمه للنظام الحالى.. ثم بعد فترة ترى نجله جمال يتجول مرة فى ميدان التحرير لتقديم واجب عزاء لأحد معارضى نظام أبيه، ثم يتجول بأسرته فى منطقة الأهرامات، ثم يخرج علينا رجل الأعمال حسين سالم ليقول لنا إنه يعيش حالياً على معونات الأصدقاء وإنه سيرد نصف ثروته للبلد.
فإذا كان هؤلاء هم من على الساحة الآن.. فبالتأكيد ستسأل نفسك لماذا هذا الظهور المكثف الآن، ولماذا حرص البعض على أن يظهر هؤلاء مرة أخرى، فى الوقت نفسه تجد أصواتاً عالية تنتقد النظام الحالى، بل تمادى بعضهم فى الانتقاد بطلب رحيل هذا النظام.. والأغرب أن من ينتقدون النظام الحالى هم من كانوا مؤيديه بالأمس.
وهذا التزامن فى ظهور مبارك وعائلته وانتقاد السيسى يفسره البعض بأن هناك من يسعى لعودة دولة مبارك وتحديداً رموز نظامه ورجال أعماله وقيادات حزبه المنحل فهؤلاء الذين استفادوا من نظام مبارك، وحصلوا على امتيازات اقتصادية ونفوذ سياسى لم يعد يجدونه الآن مع النظام الحالى الذى يطالبهم بأن يعطوا أكثر مما يأخذون وهذا بالطبع لا يرضيهم.. ولذلك تجد هؤلاء عبر فضائياتهم هم من يروجون لظهور وعودة مبارك وعائلته وكأن شيئاً لم يحدث أو أن ثورة لم تخلع هذا النظام.
أيضاً يرى رجال مبارك أن نظام السيسى قد احتكر النشاط الاقتصادى بتركيز أغلب المشروعات التى يتم تنفيذها فى يد القوات المسلحة، وبالتالى أثر هذا بالسلب على نشاط هؤلاء وشركاتهم وحتى وإن عملوا فى هذه المشروعات، فإنه يخفض من هامش ربحهم إذن أين استفادة هؤلاء من النظام الحالى الذين إن لم يساندوه ظاهراً فى الانتخابات الرئاسية فإنهم لم يقفوا ضده ولكنهم وجدوا أنه لا وجود لهم فى هذا النظام فراحوا يطلقون الشائعات ويروجون للإحباط والإخفاقات، مستغلين المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد القومى وتردى الحالة الأمنية.. وساعد هؤلاء الصراع الخفى بين بعض أجهزة الدولة فى ظل غياب فريق رئاسى متمرس يقف فى ظهر الرئيس وهو نفس الخطأ الذى كان يعانى منه الرئيس المعزول محمد مرسى.
والآن فإن رجال مبارك بدأوا فى طرح جمال مبارك من جديد على الساحة السياسية.. ويأتى طرحهم لجمال أنه يمكن أن يلقى قبولاً من أمريكا والغرب والتى مازالت مترددة فى الاعتراف بشرعية النظام الحالى.. ومن هنا فإن طرح جمال مبارك كمرشح مدنى قد يجد هوى لدى أمريكا والغرب.. وبصيغة أخرى أن يطرح جمال مبارك كما حدث فى النموذج الجزائرى عند إجراء المصالحة بين الجيش والجماعات الإسلامية فى التسعينيات وتم الاتفاق على أن يأتوا بشخص بعيد عن السلطة أو الطرفين المتصارعين وهما الجيش والجماعات الإسلامية فأتوا ببوتفليقة الذى كان يقيم بالخارج لأكثر من عقدين من الزمان.. وإذا طبقنا هذه الصيغة على حالة مصر سنجد أنها قريبة، فالطرفان المتصارعان الجيش والإخوان، وقد يجد الإخوان فى جمال مبارك طرحاً أفضل من بقاء النظام الحالى.
ولكن هل الشعبية الجارفة التى يتمتع بها السيسى لدى غالبية الشعب المصرى ستحصنه من هذه المواجهة أم أن حالة الانسداد فى شرايين الحياة السياسية قد تؤدى بهذا النظام إلى جلطة سياسية ربما تنتهى برحيله إذا لم يدرك أهمية عودة الحياة للشارع السياسي ليكون ظهيراً له بدلاً من أن يتركه فريسة سهلة لدولة مبارك وأركانها.
الأيام المقبلة من الآن وحتى اليوم الذى أصبح يوماً صعباً فى تاريخ كل رئيس مصرى بعد الثورة وهو 30 يونيو، وهو مرور عام على انتخاب الرئيس.. هذه الأيام الله أعلم بها وبما فيها.







