هل بالغت الحكومة فى معدلات النمو والإيرادات لتبقى العجز دون %10 من الناتج المحلى؟
مستشار صندوق النقد: تقديرات الضرائب فى مشروع الموازنة مبالغ فيها وغير قابلة للتحقيق
فوائد الدين تقفز 50 مليار جنيه وتتجاوز مخصصات الدعم والمنح للمرة الأولى
حمل البيان الصادر عن وزارة المالية الخميس الماضى حول ملامح مشروع موازنة العام المالى المقبل أسئلة أكثر، مما طرح من إجابات.
وتتعلق أهم هذه الأسئلة بحجم العجز الذى قدره مشروع الموازنة عند %9.9 من الناتج المحلى الإجمالى المتوقع بنهاية العام المالى المقبل، وهو معدل بدا أن الحكومة جاهدت لتبقيه دون حاجز الـ%10 المهم، والذى فشلت فى الوفاء به خلال العام المالى الحالى الذى سينتهى بعجز متوقع %10.8.
وبنت الحكومة هذا التوقع للعجز على 3 افتراضات لم توضح كيف ستحققها، والافتراضات الثلاثة هى: نمو الاقتصاد %5 ليصل الناتج المحلى الإجمالى إلى 2.8 تريليون جنيه، ونمو الإيرادات %26 لتصل إلى 612 مليار جنيه، وحجم مصروفات يبلغ 885 مليار جنيه.
وقال مسئول من وزارة المالية، إن جزءاً من احتواء العجز خلال العام المالى المقبل استند إلى تقدير ربما يكون مبالغاً فيه لنمو الناتج المحلى.
كما أن التوقعات الخاصة بالإيرادات متفائلة أكثر مما يجب فى ظل الحصيلة الضريبية المحققة فى الشهور العشرة الأولى من العام المالى الحالى، وبلغت الحصيلة فى الشهور العشرة الأولى من العام المالى الحالى 239 مليار جنيه، بينما تستهدف الحكومة تحصيل 364 مليار بنهاية العام المالى، وهو ما يعنى أنه يتعين تحصيل 125 مليار جنيه فى شهرين فقط.
وقالت وزارة المالية فى بيانها، إن توقعاتها للنمو مبنية على «مؤشرات استعادة الثقة المحلية والدولية فى الاقتصاد المصرى بشكل تدريجى ومستقر وفى السياسات والبرامج والمشروعات الاقتصادية التى تنفذها الحكومة، ويدعم ذلك تحسن وارتفاع تقييم التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى أربع مرات فى سبعة أشهر فقط، بالإضافة إلى تدعيم المؤسسات المالية الدولية للتحسن فى أداء الاقتصاد المصرى، وتحسن أداء القطاعات الرئيسية القائدة للنمو فى الاقتصاد المصرى، وفى مقدمتها قطاعى الصناعة والتشييد والبناء وبدء تعافى قطاع السياحة».
وتتوقع الحكومة معدل نمو %4.2 خلال العام المالى الحالى وهو معدل مرتفع قياساً إلى %2 فى المتوسط خلال الأعوام الأخيرة، ويستفيد النمو المتوقع للعام المالى الحالى من تأثير فترة الأساس الضعيفة، وهى الميزة التى سيفقدها النمو خلال العام المالى المقبل.
ورهن ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق قدرة الحكومة على تحقيق معدلات نمو %5 على مدى قدرتها على تنشيط حركة السياحة والنشاط التجارى والتشييد من خلال الإجراءات المتبعة.
وقال إن معدلات تنفيذ المشروعات على مدار الأربع سنوات الماضية كانت ضعيفة للغاية، لكنها بدأت تنشط خلال هذا العام، لافتاً إلى ضرورة عمل إصلاحات هيكلية شاملة لقطاع المحليات لزيادة معدلات تنفيذ المشروعات والقضاء على الفساد.
ويقول البيان إن الإيرادات الضريبية المقدرة فى مشروع الموازنة نحو 422 مليارات جنيه، وتشمل الإجراءات استكمال منظومة ضريبة القيمة المضافة المطبقة جزئياً فى الوقت الحالى بهدف زيادة العدالة ولمعالجة التشوهات الموجودة فى التطبيقات الحالية.
وقال أشرف العربى رئيس مصلحة الضرائب الأسبق ومستشار صندوق النقد الدولى للسياسات الضريبية بمنطقه الشرق الأوسط، إن المبالغ تقديرات الحصيلة الضريبية فى موازنة العام المقبل مبالغ فيها بنسبة كبيرة وغير قابل للتحقيق فى ظل انخفاض سعر الضريبية %22.5 على الأشخاص الطبيعية والاعتبارية بدلاً من %25 وفقاً للتعهدات الحكومة السابقة، فضلاً عن عدم تحقيق مصلحة الضرائب لحصيلتها المتوقعة هذا العام.
وتابع ان الزيادة فى الحصيلة الضريبية 30% فى العام المالى المقبل غير مبررة وينبغى على وزارة المالية توضيح آليات تحقيقها.
وأشار إلى ان تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة لن يسهم فى زيادة الحصيلة الضريبية بنسبة كبيرة طالما سعر الضريبية %10، بينما فى حالة فرض سعر ضريبة %15 فهذا يعنى ارتفاع الحصيلة بنحو 30 مليار جنيه، لكنه سيكون مرتبطاً بمعدلات تضخم مرتفعة.
وأضاف أن سعى الحكومة لتخفيض عجز الموازنة إلى أقل من %10 من الناتج المحلى الإجمالى بموازنة العام المقبل هو السبب الحقيقى للمبالغة فى الحصيلة الضريبية العام المقبل، واستناد وزارة المالية إلى تحقيق الاقتصاد %5 معدلات نمو يحتاج الى دراسة فى ظل صعوبة عمليات استيراد الخامات مواد الانتاج، نتيجة نقص الدولار ومدى امكانية دخول شركات جديدة بالسوق المصرى بناءً على الأوضاع الحالية.
وعلى صعيد الإنفاق قالت الوزارة، إن الإنفاق على الأجور وفوائد الدين الحكومى تبلغ %54 من الإنفاق العام فى مشروع الموازنة وترتفع النسبة إلى %80 بإضافة مخصصات الدعم، ويبلغ الإنفاق على الأجور 228 مليار جنيه.
ويعنى هذا أن الإنفاق على الفوائد سيشهد قفزة كبيرة ليصل إلى 249 مليار جنيه بزيادة 50 مليار جنيه على العام المالى الحالى، كما يعنى أنه سيتجاوز لأول مرة حجم مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية التى يتوقع أن تتراوح ما بين 230 و232 مليار جنيه.
وبرغم الزيادة التى شهدتها برامج الدعم النقدى والتى تبلغ مخصصاتها فى مشروع الموازنة 11.2 مليار جنيه بنمو %69، إلا أن مخصصات الدعم قد تكون فى طريقها للتراجع خلال العام المالى المقبل.
ووفقاً للتقديرات المبنية على نسب وزارة المالية لأوجه الإنفاق خلال العام المالى المقبل قد تصل مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلى 232 مليار جنيه مقابل 233 مليار جنيه خلال العام الحالى.
ومن المنتظر أن يشهد دعم الطاقة تراجعاً حاداً فى موازنة العام المالى المقبل، وقالت الهيئة العامة للبترول أمس، إن دعم الطاقة سيبلغ 61 مليار جنيه، وهو أدنى معدل له خلال 9 سنوات، على أساس سعر 71 دولاراً لبرميل النفط، مقابل 70 مليار جنيه متوقعة خلال العام المالى الحالى.
وقالت «المالية»، إن ترشيد دعم الطاقة سيستمر من خلال سياسة متكاملة للطاقة تهدف لتحقيق أفضل استخدام لموارد الطاقة المتاحة، وتنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، وتنمية الاستثمارات فى مجالى البترول والغاز، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص فى إنتاج وتوليد الطاقة.
وقال طارق الملا رئيس هيئة البترول، «إن صناعات الأسمنت تتحول إلى استخدام الفحم كمصدر للطاقة بما يتتبعه من انخفاض فى كميات الغاز الطبيعى والمازوت التى كانت تستهلكها هذه الصناعة، وتوجد خطة تستهدف ترشيد استهلاك الوقود بنسبة تتراوح ما بين 3 و%5 وهى بدورها تحدث وفراً ما بين 3 و4 مليارات جنيه».
فى المقابل ارتفعت مخصصات دعم المواد الغذائية والخبز إلى 38.4 مليار جنيه بزيادة 6.8 مليار جنيه نتيجة استكمال منظومة دعم الخبز لتضم 70 مليون مستفيد.
