الاستدامة المالية لاتزال تمثل تحدياً لمصر فى المدى المتوسط
الوزن التجارى للجنيه لايزال أعلى 6.3% من قيمته قبل سنة
قال تقرير لبنك الكويت الوطنى، إن الاقتصاد المصري استطاع أن يحافظ على تسارع وتيرة نموه خلال الربع الأول من عام 2015، على الرغم من تراجع بعض المؤشرات بشكل طفيف، ومن المتوقع أن يتجاوز النمو الحقيقى نسبة 4% للمرة الأولى منذ العام 2010 بدعم من استقرار المشهد السياسى والدعم المالى من دول مجلس التعاون الخليجى وتحسّن ثقة الأعمال.
أضاف التقرير، أن القطاع الحكومى شكل من خلال مساهمته فى تنشيط الاستثمار دعماً مهماً للنمو الاقتصادى، إذ تعمل الحكومة حالياً على عدد من المبادرات والمشاريع الاستثمارية التى من ضمنها توسعة قناة السويس.
وتشير العديد من البيانات الأخيرة إلى هذا التعافى بما فيها بيانات نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى ومؤشر مديرى المشتريات ونمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص والتوظيف.
وقال التقرير، إنه على الرغم من تراجع بعض تلك البيانات خلال الربع الأول من عام 2015 كمؤشر مديرى المشتريات، إلا أن الصورة العامة لاتزال تشير إلى وجود تعافٍ تدريجى فى النشاط الاقتصادى، إذ ارتفع النمو الحقيقى للائتمان الممنوح للقطاع الخاص إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من سبع سنوات.
لاتزال هناك العديد من التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى، إلا أنها فى تراجع، فبينما تحسن الوضع السياسى والأمنى بصورة كبيرة، إلا انه التحديات مازالت قائمة، كما يشكّل العجز المالى الكبير أيضاً مصدر قلق على الرغم من تقديم وتطبيق العديد من الإصلاحات للمعونات المالية خلال العام الماضى.
كما ساهمت أيضاً المنح المالية المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجى بدعم المالية العامة لمصر، لكن ذلك قد لا يستمر فى الأجل المتوسط، ولاتزال الأسواق على ثقة بأن السلطات ستتخذ الإجراءات الإصلاحية المناسبة، لا سيما مع قوة إصدار السندات الأخيرة بالدولار.
وتيرة التعافى فى تسارع
وتشير الكثير من البيانات الأخيرة إلى أن وتيرة التعافى مستمرة على الرغم من تسجيلها بعض التباطؤ خلال الربع الأول من العام، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 4.5% خلال السنة المالية 2014-2015.
وتوقع التقرير أن يحافظ النمو على هذه الوتيرة خلال السنة المالية 2015-2016 ليشهد تحّسناً بعد ذلك، وساهمت قوة نمو القطاع الخاص أيضاً بدعم النشاط الاقتصادى، إذ تسارع النمو ليصل إلى 6.6% خلال العام 2014 مقترباً من مستوياته لفترة ما قبل التطورات السياسية فى المنطقة.
وقد جاءت هذه البيانات بدعم من قوة التأثيرات القاعدية خلال الربع الثالث من العام 2014، لا سيما فى قطاع السياحة، كما تسارع أيضاً نمو الإنفاق الاستثمارى، ولكنه لايزال عند مستويات معتدلة.
وارتفع إجمالى الاستثمار الاسمى بواقع 20% خلال عام 2014، وقد جاء نصف هذا النمو من القطاع الخاص، وارتفع إجمالى الاستثمار إلى ما يقارب 13.5% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام 2014 مرتفعاً بنسبة هامشية من 12.9% فى العام 2013، مقارنة بمتوسط الاستثمار قبل التطورات السياسية الذى تجاوز 20% من الناتج المحلى الإجمالى.
ارتفاع معدل التضخم على خلفية تراجع قيمة الجنيه
وقال التقرير إن معدل التضخم شهد تسارعاً خلال العام الماضى، وساهمت الحكومة من خلال رفعها لأسعار الوقود منتصف عام 2014 فى ارتفاع الأسعار، إلا أن تراجع الجنيه خلال بداية هذا العام، أدى مرة أخرى إلى رفع الضغوط التضخمية.
فقد ارتفع معدل التضخم إلى 13.1% على أساس سنوى خلال مايو من العام 2015، مقارنة بمستواه المنخفض فى العام الأسبق عند 8.2% على أساس سنوى.
استمرار ارتفاع العجز المالى رغم الإصلاحات
وقال التقرير إن العجز المالى لايزال من أهم التحديات أمام الاقتصاد المصرى، فقد تراجعت الأوضاع المالية فى مصر بشكل أكبر خلال العام الماضى، واتسع العجز المالى خلال فترة اثنى عشر شهراً إلى 13.7% من الناتج المحلى الإجمالى فى أبريل من العام 2015، مقارنة مع 10.8% فى الفترة نفسها من العام السابق، لكن من المتوقع أن تتراجع هذه النسبة بحلول نهاية السنة المالية 2014-2015 لتصل إلى ما يقارب 12.5% من الناتج المحلى الإجمالى.
تراجع الضغوطات الخارجية واستمرار اختلال التوازن
وقال التقرير، إن العجز فى الحساب الجارى خلال الربع الأول اتسع، وأرجع ذلك بشكل كبير إلى تراجع المدفوعات التحويلية من الجهات الرسمية.
وقال إن التراجع فى الصادرات النفطية وقوة نمو الواردات لعبا دوراً فى تسجيل هذا العجز، وبينما لاتزال مصر مستفيدة من المنح المالية المقدّمة من دول مجلس التعاون الخليجى كودائع فى البنك المصرى المركزى، إلا أن هذه المنح بدأت بالتراجع.
فقد اتسع العجز إلى أعلى مستوى له منذ عامين ليبلغ 3.4% من الناتج المحلى الإجمالى من خلال تتبع فترة اثنى عشر شهراً.
وأضاف أن عجز الميزان التجارى اتسع بواقع 25% خلال العام الماضى حتى مارس، نتيجة قوة نمو الواردات وتراجع الصادرات النفطية.
وفى الوقت نفسه، تراجعت المدفوعات التحويلية من الجهات الرسمية إلى الصفر تقريباً، والتى كانت تشكل 3.6% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام الماضى، بينما ساهم نمو إيرادات الخدمات التى تشمل إيرادات السياحة، بالإضافة إلى نمو التحويلات العمالة فى المهجر، فى تعويض بعض من التراجع الذى شهده الميزان التجارى.
وقال التقرير، إن ارتفاع الاستثمار الأجنبى المباشر عزز من أوضاع مصر الخارجية، إذ ارتفع خلال الربع الأول من العام ليصل إلى أعلى مستوى له على أساس ربع سنوى منذ العام 2008، الأمر الذى ساهم فى تعويض
بعض التراجع الذى شهده الحساب الجارى.
وتوقع أن يستمر الاستثمار الأجنبى المباشر فى التحسن ودعم الاقتصاد تماشياً مع تحسن ثقة المستثمر خلال شهر مارس.
استقرار الاحتياطيات الأجنبية يدعم الجنيه
ورصد التقرير ارتفاعاً للاحتياطيات الرسمية فى البنك المركزى خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة المنح المالية المقدمة من قبل دول مجلس التعاون الخليجى على هيئة ودائع بقيمة 6 مليارات دولار.
وقال إن الاحتياطيات استقرت عند 19.6 مليار دولار بحلول نهاية شهر مايو من العام 2015 تكفى 3.6 أشهر من الواردات.
وقال التقرير، إن الضغوط على الاحتياطى تراجعت نتيجة الدعم الرسمى، وفرض قيود على رؤوس الأموال وتراجع قيمة الجنيه فى يناير، وسمح البنك المركزى بتراجع الجنيه أمام الدولار خلال شهر فبراير وفى يوليو.
وساعد تراجع الجنيه امام الدولار فى تخفيف أثر قوة الدولار خلال الفترة السابقة، حيث كان الجنيه المصرى قد ارتفع أمام بعض العملات الأخرى، ولا يزال الجنيه مرتفعاً على أساس موزون تجارى، مقارنة بعام مضى بنسبة 6.3% على أساس سنوى فى بداية يوليو من العام 2015.








