تنتشر النسخ المزورة الرخيصة أكثر من أى شيء فى الصين، ويطلقون على هذا الأمر «شينجاي» أى تقليد وقرصنة لعلامات تجارية سواء لعب «البلاى ستيشن» أو أحدث برامج الفوتوشوب لشركة «أدوب».
ويقول توم دوكتروف، مؤلف كتاب «ما يريده الصينيون»، لمجلة «فوربس»، إن إدارة فرع مزور لشركة «آبل» أو أى منتجات مزورة ينظر إليها فى الصين على أنها ريادة أعمال جيدة.
وأضاف دوكتروف، فى مكالمة هاتفية للمجلة، أن الصين هى الوجه الآخر المعاكس، تماماً، للولايات المتحدة فيما يتعلق بحقوق الملكية، مرجعاً استباحة الصين لتزوير المنتجات إلى قناعتها بأن الحقوق الفردية غير مهمة. وذكر أن المحاكم لم تتطور لتحمى المبتكرين، وإنما تنشر فكرة أن النمو الاقتصادى يجب إدارته، لذلك فإن الملكية الفكرية والشخصية حيث تذهب الغنائم لشخص واحد أو مؤسسة ليست قيمة ثقافية.
وسوف تبقى حماية الملكية الفكرية أزمة كبيرة فى الصين والشركات العاملة هناك، وهذا يرجع إلى حد كبير إلى أن الحقوق الفردية تبقى فى أفضل الأحوال فكرة نظرية، حتى إن النظام التعليمى فى الصين يروج ضد التطبيق الواسع للملكية الفكرية.
ويذكر تقرير للمجلة، أنه حتى يأتى اليوم الذى يصبح فيه انتهاك الملكية الفكرية تهديداً مباشراً للنجاح الاقتصادي، أو الذى يروج فيه لاحترام حقوق النسخ والنشر على أنها فى صالح الدولة، لن يهتم الكثيرون إذا كان «ويندوز 8» مزوراً أو إذا كان «الاكس بوكس 360» المباع فى شنجهاى مخترقاً، بما يسمح للألعاب المزورة بالعمل عليه.
وقامت الصين بحملة إعلانات مناهضة للقرصنة عندما أطلقت «ويندوز 7» لمكافحة العادات السيئة فى تزوير البرامج، ومع ذلك لا يزال الصينيون يعتقدون أن برامج تشغيل الحواسب غير القانونية الخيار الأذكى والأرخص، ويمتلك بائعو الحواسب الآلية الدافع لتعزيز هذا الاعتقاد، خاصة أن هوامش أرباحهم تزداد على استبدال البرامج الأصلية بنسخ مزورة.
وأوضح وى كينج، مدير أعمال «ويندوز» فى الصين، أن الشركة تحاول خلق أسلوب جديد للتمدين فى الصين، وهو ما يتطلب وقتاً طويلاً. وأظهرت الأبحاث أن المجهودات المبدئية لشركة «مايكروسوفت» ساعدت على تفضيل النسخ الأصلية، ولكنه ليس كافياً فى التراجع الملحوظ للنسح المزورة، وتعلم الحكومة الصينية أن الانتهاكات الحالية لحقوق النسخ والنشر لا يمكن تبريرها من قبل منظمة التجارة العالمية، ولكنها غير قادرة أو ربما غير راغبة فى مواجهة المشكلة.
ولكن الأمر أكثر سوءاً فى قطاع الفن، وتباع أفلام هوليوود والصينية المزورة بأسعار زهيدة على نواصى الشوارع فى جميع أنحاء الدولة، بخلاف المحال الصغيرة فى مراكز التسوق. ومن الأمور التى تسهم فى زيادة الطلب على السلع المهربة سياسات الرقابة الحكومية، وحتى فى حال تحرير الحزب الشيوعى لقيود التوزيع، وفقاً للوائح منظمة التجارة العالمية، سوف تسمح الجهات الرقابية بنطاق ضيق من المحتويات فى القنوات الرسمية، وفى المتاجر الإلكترونية، والمادية.
ولم يقتصر التزوير على البرامج والأفلام وحسب وإنما طال واحداً من أكبر البنوك فى العالم، وهو بنك الانشاء الصينى الذى وقع ضحية التزوير المتقن، بعدما أسس رجل من مقاطعة شاندونج فرعاً للبنك مجهزاً بأجهزة قراءة البطاقات، والدفاتر، واستعان بثلاث فتيات فى سن المراهقة على شبابيك الصرف، حسبما جاء فى تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز».
واستمر البنك لمدة شهر قبل أن تكتشف امرأة أودعت 40 ألف رنيمبى أى ما يعادل 6.200 دولار، أنها لا تستطيع إجراء سحوبات فى فرع حقيقي، بعدها تتبع مديرو البنك الوديعة المزيفة، وأبلغوا الشرطة.
وقال متحدث باسم الشرطة، إن رجلاً يدعى تشانج، أسس البنك، وعين فيه ابنته ذات الـ15 عاماً واثنتين من زميلاتها. وأضاف المتحدث: «إذا طلب أحد المودعين سحب أمواله، كانت حجتهم أن الشبكة لم تُنشئ بعد، أو أن السلطات لم تستكمل إجراءات الموافقات، ولم يسمحوا لأحد بسحب الأموال». وليس تشانج هو الرجل الأول الذى قام بذلك، فقد نصبت جمعية تعاونية ريفية نفسها بنكاً، وجذبت ودائع بقيمة 32 مليون دولار من خلال التعهد بتقديم فائدة بنسبة 2% أسبوعياً، وأبلغ رجل أعمال عنها الشرطة بعدما رفضت سحب ودائعه.