يقول المثل الانجليزي “خير للمرء أن يولد محظوظا من أن يولد غنياً” لكن يبدو أن نجم الحظ خرج من سماء الجزيرة العربية فقد بدأت المملكة العربية وجيرانها يشعرون بالذعر بعد أن أقتربت أسعار البترول من أدني مستوى لها خلال 10 سنوات وتناقصت الاحتياطات النقدية وتراجعت الأسواق الناشئة.
وبحسب خالد السويلم رئيس الاستثمار في البنك المركزي في الرياض سابقا فإنها كانت لحظة مرعبة في 1998 (انهيار البورصات الاسيوية) لكن الحظ فقط كان وراء صعود سعر البترول بعده طوال السنوات الماضية وليس التخطيط مشيرا الي انعكاس المسار حاليا وعودة التهديد مجددا للثروات السعودية لكن الحظ لن يكون كافيا لاي حكومة تسعى لحماية ثرواتها بعد ان تضاعف حجم اقتصادها 5 مرات منذ ذلك الوقت.
ويشير تقرير وكالة بلومبرج الاقتصادية الي المشكلات الاقتصادية تتفاقم في وقت تعبد فيه السعودية التي تعد قاعدة الاسلام السني المحافظ الطريق من اجل توسعة دورها في الصراعات الاقليمية في وجه نمو التهديد الايراني في المنطقة واستهداف تنظيم الدولة الاسلامية للمساجد في المملكة.
ويتوقع الاقتصاديون ان يصل عجز الموازنة الي 20% من الناتج المحلي الاجمالي فيما توقع صندوق النقد الدولي ان تسجل الرياض أول عجز في ميزان الحساب الجاري خلال أكثر من عقد في وقت هبط فيه الاحتياطي النقدي في البنك المركزي بنسبة 10% في 2015 بالمقارنة بالعام الماضي بما يفوق 70 مليار دولار.
ونتيجة لذلك ارتفع الرهان على تخفيض سعر الريال وخسر مؤشر تداول الرئيسي في البورصة المحلية 18% من قيمته خلال الاشهر الثلاث الماضية ليجر معه البورصات الخليجية في المنطقة للتراجع ووصل المؤشر في 18 اغسطس لما يمكن ان يعرف بتقاطع الموت وهو النقطة التي ينكسر عنده مستوى الدعم للمؤشر بعد أن فقد مساره الطويل في رحلة فوق نقطة التقاطع وهو مؤشر يعني بالنسبة للمستثمرين ان هناك خسائر أكبر في الطريق.
وتقول وكالة بلومبرج أن الحكومة تواجه موقفا صعبا في ظل حكومة تتحمل مسئولية الاقتصاد بالكامل بداية من التشغيل وصولا الي ادارة الثروات حيث تدعم كل لتر بنزين ب16 سنتا ولا يوجد دخل للخزانة العامة سوى زكاة المال في بلد تعداده 30 مليون نسمة .
وحذر فاروق سوسة خبير اقتصاد الشرق الاوسط في سيتي جروب في لندن من أنه لا يمكن ان تستمر الحكومة المصدر الاول للتوظيف والاعتماد على مشروعات البنية التحتية الضخمة لتحقيق النمو والبذخ في نفقات الدعم والضمان الاجتماعي.
ويري جمال خاشفجي المستشار الاعلامي الاسبق للامير تركي الفيصل ان الحكومة أمامها الكثير لتفعله في اطار خطط التقشف الحتمية قبل المساس باحتياجات المواطن العادي منها تجميد التوسعة في المسجد الحرام في العاصمة المقدسة مكة وفرض ضرائب على مالكي الاراضي من فاحشي الثراء مشيرا الي أنه كان من الافضل اللجوء لهذه الاجراءات وسعر البترول قبل عامين عند مستوى 100 دولار للبرميل.
ويعتقد الخبراء ان اصول السعودية الصافية التي تصل الي 664 مليار دولار بما يعادل 90% من اقتصادها مع وجود ديون محدودة يجعلها بعيدة عن ازمات حقيقة لكنها في حاجة لتعديل انظمة الدعم التي تبتلع سنويا نحو 8% من الناتج المحلي الاجمالي بقيمة 195 مليار ريال او 52 مليار دولار.
وقال سويلم الذى يعمل أستاذ زميل في مركز بيلفر بجامعة هافرد إن هناك أمور تعد بمثابة متفجرات سياسية بالتاكيد- في إشارة الي الدعم ومميزات الضمان الاجتماعي – لانه من الصعب تغير نمط حياة اعتاد عليه المواطن السعودي يصل لحد الرفاهية يفوق ما كان عليه منذ 1998، حتى لو كان الامير محمد بن سلمان هو رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزارء.










