أحجم غالبية مديرى الأصول العالمية، عن الحديث بشأن الخسائر التى طالتهم من صناديق الثروة السيادية ، فى حين انتابت المدير المالى لشركة الخدمات المالية الأمريكية “نورثرن ترست” بيف بومان، حالة من الصراحة منقطعة النظير. وخلال حديثه عبر مكالمة هاتفية مع محللين فى أكتوبر الماضي، اعترف “بومان”، بأن مديرى صناديق الأصول، التى تقدر أصولهم بحوالى 887 مليار دولار، عانوا من عمليات سحب وتدفقات نقدية هائلة من قبل عملاء صناديق الثروة السيادية خلال الربع الثالث من العام الجارى.
ولا شك أن صراحته حول التدفقات الخارجة من جانب صناديق الثروة السيادية أمر استثنائي، فى الوقت الذى يحاول فيه معظم مديرى الأصول تجنب تلقى أي أسئلة حول هذه التدفقات.
وسواء تم إخفاء هذه الأرقام فى نتائج أعمال الربع الثالث من العام الحالى أو تم الكشف عنها بتردد أثناء المكالمات الهاتفية مع المحللين، فإن مديرى الأصول أصبحوا يكشفون، على مضض، تأثيرات عمليات استرداد الأموال من قبل الصناديق السيادية على مجمل أعمالهم.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، أن الصناديق السيادية سحبت عشرات المليارات من الدولارات من مديرى الأصول العام الجارى، وهو ما يرجع جزئياً على الأقل إلى انهيار أسعار البترول التى تعد أحد المصادر المهمة لتمويل الصناديق. وعانى مديرو الأصول العالمية أمثال شركات “بلاك روك”، و”فرانكلين ريزورسز”، و”إنفيسكو”، و”أبردين لإدارة الأصول”، فضلاً عن مؤسسات إدارة الأصول من البنوك الأمريكية مثل “ستيت ستريت”، و”جى بى مورجان” و”جولدمان ساكس” من تدفقات نقدية أجرتها الصناديق السيادية.
ويتوقع قليل من المحللين انتهاء عمليات سحب الأموال فى وقت قريب، وحذر مارتن جيلبرت، الرئيس التنفيذى لـ”أبردين”، الصندوق الاستثمار المدرج ببورصة المملكة المتحدة، الأسبوع الماضى قائلاً: “نحن متجهون لرؤية المزيد من السحوبات من قبل المؤسسات الحكومية”.
وقال روبرت كالاجي، المحلل فى وكالة “موديز” لخدمات المستثمرين، وكالة التصنيف: “لا أعتقد أن عمليات استرداد الأموال فى الربع الثالث من العام الجارى من قبل صناديق الثروة السيادية ستكون حالة فريدة”.
وتجدر الإشارة إلى أن “الشركات التى لديها أداء عادي، ولا تقدم استراتيجيات مختلفة عن نظيراتها هى على الأرجح الأكثر مواجهة للتحديات”.
ويتنبأ بنك الاستثمار الأمريكى “مورجان ستانلي”، بأن الصناديق الأكثر تركيزاً على الاستثمار فى الأسواق الناشئة، مثل “أبردين”، “أشمور” و”فرانكلين ريزورسز”، والصندوق الأمريكى الذى يشرف على أصول بقيمة 800 مليار دولار، هى الأكثر عُرضة لخطر عمليات الاسترداد من قبل الصناديق السيادية.
وأشار “مورجان ستانلي” إلى أن إيرادات كل من “بلاك روك”، أكبر صندوق لإدارة الأصول فى العالم، وصندوق “أولد موتشوال” لإدارة الأصول، و”إنفيسكو” ستكون تحت ضغوط إذا استمرت التدفقات النقدية الخارجة.
وكانت صناديق الثروة السيادية مصدراً متنامياً لإيرادات مديرى الأصول على مدى السنوات الثمانى الماضية.
وحسبما يشير معهد صناديق الثروة السيادية، الذى يتتبع تلك الكيانات، فإن الصناديق السيادية تتحكم فى 7 تريليونات دولار من الأصول على الصعيد العالمى حالياً، بعدما كان الرقم 3.3 تريليون دولار فى عام 2007، وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث الـ7 تريليونات دولار تدار من مديرى أصول خارجية.
وقال محللون لدى “مورجان ستانلي”، إن الكثير من هذه الصناديق تفاوضت على رسوم أقل من المؤسسات الاستثمارية الأخرى، ومع ذلك، أفاد خبراء بأن عمليات السحوبات الكبيرة كان لها تأثير سلبى على الإيرادات بالنهاية.
يمكن أن تنخفض ربحية سهم شركة إدارة الأصول بنسبة تصل إلى 7% فى أسوأ الأحوال نتيجة هذه التدفقات الخارجة. وإذا استمر مستوى السحوبات عند القدر الحالي، فقد يتراجع سهم “أبردين” بحوالى 1.4%، وسهم “بلاك روك” لحوالى 1.5%، و”أشمور” بحوالى 1.4%، ورفض مديرو الأصول مثل “فرانكلين”، “أبردين”، “بلاك روك”، “إنفيسكو” و”أشمور” التعليق.
ولا يمكن حصر سبب عمليات سحب الأموال فى مجرد انخفاض سعر البترول، إذ يشير “بيتر لوريلي”، رئيس قسم الأبحاث فى موفر البيانات “eVestment”، الذى يوفر بيانات بمجال الاستثمار المؤسسي، إلى أن الخوف من التقلبات العالمية التى طالت مختلف فئات الأصول فى الأشهر الأخيرة، دفعت صناديق الثروة السيادية للبحث عن منتجات أو بدائل أكثر ربحية.
كما تضررت صناديق إدارة الأصول من التوجهات نحو إبقاء أموال صناديق الثروة السيادية داخل حدود بلادها، بعدما قررت بعض الصناديق السيادية بذل المزيد من الجهود لإدارة الاستثمارات داخلياً.
ويؤكد بنك “مورجان ستانلي”، أن الصناديق السيادية المرتبطة بالبترول وغيره، تزيد مخصصاتها فى منتجات بديلة.
وأوضح “كالاجي”، أن مديرى الأصول البديلة التى تقدم الكثير من الاستراتيجيات المختلفة عن نظيرتها، أمثال “بلاكستون”، أو “أوكتري”، ستستمر فى جذب رؤوس الأموال من صناديق الثروة السيادية.
وأوضح “مورجان ستانلي”، أن مديرى الأصول البديلة يستفيدون من مزايا “الاحتفاظ بالأموال على المدى الطويل” دون سحبها حتى وقت محدد، ما قد يدفع صناديق الثروة السيادية للبحث عن مصادر أكثر سيولة.
كتب: يحيى الشعرواي