اندهشت كثيراً عندما علمت تولى رجل الأعمال الدكتور حسن راتب منصب رئيس مجلس إدارة المعهد العالى للدراسات التعاونية.. وأن الرجل بقدرة قادر تحول من رأسمالى إلى رائد تعاونى يفكر فى أحوال البسطاء من الشعب وكيف يمكن رفع مستوى معيشتهم من خلال مشروعات تعاونية تحقق لهم دخلاً وتوفر لهم السلع بأسعار منخفضة هذا هو مفهوم التعاون، ولكن حتى الآن لا أدرى ما علاقة الدكتور حسن راتب بالتعاونيات وما هى مبادراته التعاونية لدخول هذا المجال وهل الرجل يرغب فى مناصب جديدة حتى لو رئاسة معهد تعليمى فهو يملك جامعة ومجموعة شركات ومشروعات تنموية فى سيناء.. كان هو صاحب مبادرة فيها ويستحق الشكر عليها ولكن.
حسن راتب ليس روبرت أوين الرائد التعاونى الإنجليزى الذى خفض ساعات العمل فى مصنعه ورفع أجور العمال وقدم لهم مساكن صحية بأسعار معقولة ونظم لهم تعليماً مجانياً.. والحقيقة أن التعاونيات فى مصر وهم كبير هى كيانات لا وجود لها إلا فيما ندر، فمع المتغيرات الاقتصادية والتحول إلى نظام اقتصاد السوق اختفت هذه الكيانات وتضاءل دورها بسبب سياسات الخصخصة التى انهار معها على سبيل المثال التعاون الاستهلاكى بتصفية آلاف الجمعيات التعاونية الاستهلاكية فى الشركات التى تمت خصخصتها.. كذلك بالنسبة للتعاون الإسكانى فمنذ مشروع صقر قريش لم يسمع أحد عن مشروع إسكانى تعاونى بسبب الفشل الذريع والصدمات التاريخية لمشروع صقر قريش.. وكان الأجدر هو وجود كيانات تعاونية قوية فى ظل اقتصاد السوق لمواجهة غلاء الأسعار الذى يكتوى بناره ملايين المواطنين.. أين التعاونيات من ذلك؟ لا تسمع عن التعاونيات فى مصر إلا من خلال مؤتمرات يتردد فيها نفس الكلام الذى قيل فى مؤتمرات سابقة، أهمية دور التعاون وتعديل قوانين التعاون وللأسف الذين يحضرون هذه المؤتمرات هم الذين يسيطرون على الكيانات التعاونية منذ سنوات طويلة، بل إن بعضهم يرأس أكثر من منصب ومنهم من يرأس اتحاداً منذ عشرات السنين وتسألهم ماذا يفعلون؟ لا شىء سوى سفريات وندوات ومؤتمرات ومطبوعات وبالطبع كله بحسابه.. ثم يوهموك بأن الحركة التعاونية فى مصر تضم 18 مليون مواطن و18 ألف جمعية بحجم أعمال 70 مليار جنيه.. لو أن هذا العدد موجود بالفعل وقائم ويمارس دوره لماذا إذاً يشعر الناس بالغلاء وارتفاع الأسعار؟.. أين الجمعيات التعاونية الاستهلاكية فى القرى والأحياء الشعبية؟ وأين مبادرات اتحادات التعاون الزراعى والاستهلاكى لتوزيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة؟ وهى من المفروض أنها منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية كما يزعمون فى تقاريرهم التى لا يقرأها غيرهم والتى لا تجدد أرقامها وإحصاءاتها على مر السنين.
ويجب أن يدرك د. راتب باعتباره رئيس معهد الدراسات التعاونية أن من يلحق بهذا المعهد ليس بهدف الحصول على مؤهل دراسى أو دراسة التعاونيات وعلومها بل الغرض هو تحسين وضعه الوظيفى والحصول على مؤهل عالٍ إلا إذا كان الدكتور راتب يريد أن يستغل هذه الكثافة الطلابية التى تتردد على المعهد فى إنشاء كيان تعليمى جديد بمفهوم التعاون.








