فتوح: خسائر الاستثمارات العقارية والأسهم والسندات قد تصل إلى 15% والخسائر الفعلية غير معروفة
قال وسام حسن فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، إن التداعيات الاقتصادية والمالية والسياسية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى أو ما يعرف بالـ Brexit تتجاوز حدود بريطانيا والاتحاد الأوروبى لتصل الترددات إلى الاقتصاد العالمى بأسره بما فيه المنطقة العربية.
وأضاف فتوح فى بيان صادر عن الاتحاد أن خروج بريطانيا على المصارف العربية العاملة فى بريطانيا، سيكون محدوداً، وستستمر هذه المصارف فى عملها بشكل طبيعى، فهى غالباً ما تعمل لتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات العربية والعرب المقيمين فى بريطانيا وأوروبا، لكن قد تحقق هذه المصارف خسائر فى محفظة قروضها المقومة بالجنيه الإسترلينى نتيجة التراجع الحاد فى قيمته إلى أدنى مستوياته منذ 31 عاماً.
أضاف فى بيان لاتحاد المصارف أن أثر خروج بريطانيا على القطاع المصرفى العربى محدود أيضاً نظراً لمحدودية انكشافه على الجنيه الإسترلينى واليورو، لكن قد يؤثر خروج بريطانيا على قرار الإحتياطى الفيدرالى الأمريكى برفع الفائدة واختيار المسار القادم للسياسة المالية، مما يؤجل رفع أسعار الفائدة فى لبنان والدول الخليجية وبالتالى يؤثر على ربحية المصارف.
أما بالنسبة للودائع المالية العربية فى المصارف البريطانية فمن غير المتوقع أن يتم سحبها، بل يمكن أن ترتفع فى ظل توقعات رفع بنك إنجلترا لمعدلات الفائدة لجذب المزيد من الودائع المالية، ومنها العربية والخليجية، بهدف دعم القطاع المصرفى البريطانى، كما حصل بعد الأزمة المالية العالمية، ويرتبط قرار رفع الفائدة بتوقعات تراجع الاقتصاد البريطانى بأكثر من 5%، وقيام الأوروبيين بسحب رؤوس أموالهم من بريطانيا، وانخفاض سعر صرف الجنيه الإسترلينى الذى قد يفقد 15% من قيمته على المدى المتوسط، بحسب معظم التقديرات.
وقال فتوح إنه فى المقابل، قد يتيح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى عدداً من الفرص والمكاسب الاقتصادية للدول العربية، خاصة دول مجلس التعاون الخليجى، تتمثل بتحسين شروط الاستثمار والقوة التفاوضية مع كل من الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة، خصوصاً فيما يتعلق باتفاقيات التجارة الحرة التى تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين الطرفين.
أضاف أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيخلق فرصاً استثمارية أمام المستثمرين الخليجيين خصوصاً فى السوق العقارى، بعد هدوء حالة الحذر وعدم اليقين الحالية، وذلك لأن انخفاض قيمة الجنيه الإسترلينى مقابل الدولار الأمريكى يجعل العقارات والأصول البريطانية الأخرى أرخص وبالتالى أكثر جاذبية بالنسبة إلى المستثمرين من الدول الخليجية التى تربط عملاتها بالدولار الأمريكى.
وقال إن عودة الاقتصاد البريطانى للتعافى على المدى البعيد، سوف يؤدى إلى زيادة أسعار الأصول والعقارات فى بريطانيا بالإضافة إلى ارتفاع قيمة الجنية الاسترلينى من جديد، ما يؤدى إلى تحقيق أرباح كبيرة للمستثمرين، مع الإشارة أخيراً فى هذا المجال، إلى أن وزارة المالية البريطانية تخطط إلى خفض الضرائب على الشركات بشكل كبير من أجل تشجيع الشركات الدولية على الاستثمار فى بريطانيا وذلك فى مسعى لضمان استمرار التدفقات المالية إليها بعض الانفصال عن أوروبا.
وتابع فتوح: «ومن المتوقع أن تتراوح الخسائر سواء فى الاستثمارات العقارية أو أسواق الأسهم والسندات بين 10% و15% نتيجة انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترلينى بأكثر من 10% وهبوط سوق الأسهم بحوالى 6% فور إعلان نتائج الاستفتاء، مما يؤدى إلى تراجع قيمة الأصول المقومة باليورو والجنيه الإسترليني، مع الإشارة إلى أن التداعيات السريعة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سوف تظهر فى أسواق المال وأسعار العملات، بينما تظهر تبعات الخروج على التجارة والاستثمار على المديين المتوسط والطويل».
أضاف: فى المقابل، لا يزال حجم الخسائر الفعلية التى قد يتكبدها المستثمرون والصناديق السيادية الخليجية على المديين المتوسط والطويل محاطاً بالغموض، وذلك لأن معظم الاستثمارات العربية فى بريطانيا، خاصة الخليجية منها، تتركز فى القطاع العقارى كالفنادق والمجمعات التجارية والمكتبية مثل متجر«هارودز»، وفندق «سافوى»، وناطحة السحاب «شارد»، بالإضافة إلى القصور والمنازل الفاخرة. وسيتوقف الأمر على مقدار التراجع فى قيمة العقارات البريطانية الذى قد يتراوح بين 10% و18% بحلول العام 2018، بحسب وزير المالية البريطانى.
وفى إطار آخر، من الجدير بالذكر، أن قيمة تحويلات المغتربين العرب من المملكة المتحدة إلى الدول العربية بلغت حوالى 560 مليون دولار عام 2015، استحوذت مصر على نسبة 29.8% منها، يليها لبنان (27.5%)، فالمغرب (8.7%)، فاليمن (7.0%). وبالتالى فإن انخفاض سعر صرف الجنيه الإسترلينى والتضخم المترتب عن ذلك، بالإضافة إلى احتمال ارتفاع نسبة البطالة فى بريطانيا، من المتوقع أن يؤدى إلى انخفاض قيمة تحويلات العرب، الأمر الذى ستكون له تداعيات سلبية على اقتصادات الدول العربية المتلقية للتحويلات من بريطانيا.
ومن جهة أخرى، فإن قطاعى السياحة والعقارات فى الإمارات العربية المتحدة، وخاصة دبي، قد يكون الأكثر تأثراً بتراجع الجنيه الإسترلينى واليورو نتيجة لقرار انفصال بريطانيا، حيث إن أوروبا الغربية تشكل 23% من حجم السياحة فى دبي.
ومن الناحية الاقتصادية والتجارية، فسوف يؤدى انخفاض قيمة اليورو والجنيه الإسترلينى إلى خفض قيمة الدين الخارجى للدول العربية المقوم باليورو أو الجنيه الإسترليني، بالإضافة إلى خفض تكلفة الواردات الأوروبية والبريطانية، مما يؤدى إلى انخفاض فاتورة الاستيراد، الأمر الذى يقلّص العجز فى الميزان التجارى وميزان المدفوعات، واحتمال خفض مستويات التضخم فى الدول العربية التى تستورد من المملكة المتحدة».