يواجه التمويل الإسلامى أكبر عملية إعادة صياغة منذ سنوات باعتبار أن أحد أكبر هيئات المتخصصة فى وضع المعايير تسعى لإصلاح الطريقة التى تُجرى بها الأعمال فى هذا القطاع بالإضافة إلى تحديد دور مجالس العلماء لضمان التزام التعاملات بتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية.
ومن المتوقع أن تثير بعض الاصلاحات التى تدرسها هيئة المحاسبة والتدقيق فى البحرين الجدل باعتبارها تحديا لمصالح راسخة لأصحاب الأعمال التجارية التى تشهد نموا سريعا حيث قفزت الأصول المالية الإسلامية إلى 1.3 تريليون دولار حول العالم فى العام الماضى، مرتفعة بنسبة 150 فى المئة خلال الأعوام الخمسة الماضية. ويتسق هذا النمو مع اتساع نطاق التعاملات الإسلامية خارج الأسواق الرئيسية فى منطقة الشرق الأوسط وماليزيا، بحسب تقديرات مجموعة التحالف المالى «ذى سيتى يو كيه».
وبحسب خالد الفقيه، الامين العام للهيئة فإن الإصلاحات تشمل بدء مشاورات حول مهام مجالس الشريعة، التى تتكون من مجموعة فقهاء لتقرر ما اذا كانت انشطة المؤسسات المالية والمنتجات المالية متفقة مع الشرع أو تخالفها، مشيرا إلى أن المسودة النهائية للإصلاحات لن تكون جاهزة قبل نهاية العام المقبل على اقرب تقدير رغم بدء المشاورات منتصف العام الجارى.
وتسعى الخطط الإصلاحية الجديدة إلى تحديد إطار جديد للكشف عن البيانات المالية، وإعادة النظر فى معايير التأمين التكافلى «التأمن الإسلامى»، والحسابات الاستثمارية وغيرها من المنتجات المالية.
حقق التمويل الإسلامى نموا سريعا فى السنوات الماضية، على الرغم من انه اصغر بكثير من المصارف الربوية التقليدية، التى تمتلك عشرات التريليونات من الدولارات، ولذلك يجب معالجة الثغرات الموجودة فيه قبل أن يكون لها تأثير سلبى على النظام المصرفى والاقتصاد العالميين.
وتحقق هذا النمو بفضل الاعتماد على الكميات الضخمة من الأموال التى تستثمر وفقا للشريعة الإسلامية فى منطقة الخليج المزدهرة وجنوب شرق آسيا، والتى لم تتورط كثيراً فى الأزمة المالية العالمية كما حدث للصناديق الغربية التى تتعامل بالطرق التقليدية.
وتوقع الخبراء أن يؤدى الربيع العربى فى منطقة الشرق الأوسط إلى موجة جديدة من النمو لقطاع التمويل الإسلامى عبر الحكومات الإسلامية بعد أن قيدت الأنظمة الاستبدادية نشاطه لأسباب أيديولوجية فقط.
كشف هذا النمو نقاط ضعف فى التمويل الإسلامى من أهمها عدم وجود إجماع واضح على طبيعة المنتجات والإجراءات المسموح بها من الناحية الشرعية، حيث تصدر المجالس الشرعية للبنوك غير الحكومية وشركات الاستثمار أحكاماً متضاربة.
وعلى سبيل المثال أثنى بعض العلماء على خطط بنك جولدمان ساكس العالمى فى اكتوبر الماضى لإصدار صكوك بنحو مليارى دولار، الأمر الذى سيجعله واحدا من اوائل البنوك الغربية التى ترفع تمويلها عبر آلية إسلامية يشرف عليها مستشارو الشريعة فيه، لكن علماء آخرين انتقدوا هذه الخطط، وجرى تعليق تلك الخطط.
وتسبب هذا الغموض فى جدل قانونى لبعض المؤسسات المالية الإسلامية، مثل دار الاستثمار الكويتية، التى قالت فى قضية نظرتها المحكمة إنها تريد فسخ عقد أحد المشروعات لأنه لم يكن متوافقاً مع للشريعة الإسلامية فى المقام الأول.
لكن تبقى المعايير الجديدة التى ستظهر مع نهاية فترات النقاش والجدل ذات طبيعة استرشادية وليست مقرونة بأى عقاب قانونى.
لكن فشل التوصل لميثاق عمل موحد على مستوى العالم يعنى أن الحكومات ستتدخل كما حدث فى قطر التى حظر بنكها المركزى العام الماضى نوافذ الصيرفة الإسلامية فى البنوك التقليدية لمخالفتها الشريعة الإسلامية حيث خلطت أموال التعامل الربوى بأموال المعاملات الإسلامية.
كتب – سيف الدين سوني