بقلم: جيفرى جولدبيرج
أرجع مسئول كبير فى حركة فتح، التى تعد جزءاً رئيسياً من الطيف السياسى الفلسطيني، اثناء محادثتى معه فى رام الله، السبب وراء تعاطفه مع ساسة إسرائيل الذين يقاومون أى مبادرات جديدة للسلام إلى ثورات الربيع العربى التى تهز الشرق الأوسط وهو سبب كاف يدفع كل شخص بمن فيهم الفلسطينيون إلى التوقف قبل ان يسعى للتفاوض بشأن مستقبل القضية الفلسطينية، وقال المسئول انه كلما يتصفح الاخبار كل صباح ويجد ان الديكتاتوريين العرب يواجهون ثورات شعبية وتطورات لا يمكن تصورها، تنتابه مشاعر من عدم اليقين والرعب والخوف.
السبب وراء مشاعر عدم اليقين ان الأمور ليست واضحة فى دول الربيع العربي، فهل سيسقط نظام الديكتاتور بشار الأسد بالسرعة التى يأملها جميع القادة فى العالم ماعدا ايران وروسيا؟ هل سيتبع سقوطه هذا النوع من اراقة الدماء الطائفية المروعة التى شهدها العالم ومازال يشهدها فى العراق؟ هل سيدمر سقوط الأسد الوشيك ذلك الجسر الذى يربط بين النظام الايرانى وحزب الله الذى ـ كما يقول مسؤولى اسرائيل وأمريكا، مهتم إلى حد كبير بتصعيد الصراع بين الشيعة الإسرائيليين والذى بات واضحا من التفجير الذى استهدف السياح الاسرائيليين الاسبوع الماضى فى بلغاريا؟
وأخبرنى المسئول فى حركة فتح انه يشعر بالفزع من قدرة الديكتاتوريين العرب غير المحدودة بوضوح على قتل شعوبهم والطريقة التى ينتقم بها أحيانا ضحايا هؤلاء الديكتاتوريين، وذكر أيضاً ان هناك خوفا حقيقيا من استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية ضد شعبه أو ضد إسرائيل كوسيلة لإثارة حرب على نطاق اوسع.
وقال لى صراحة إن الخوف ينتابه الخوف صباح كل يوم فإن ما يحدث حالياً فى الشرق الاوسط غير متوقع تماما ومتقلب، والمثال على ذلك: تعرض هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الامريكية، إلى هجوم خطابى أثناء زيارتها لمصر الأسبوع الماضى كما قذف الليبراليون العلمانيون فى مصر موكبها بالطماطم غاضبين من ان تُظهر إدارة اوباما أى احترام لرئيس مصر المنتخب حديثا، محمد مرسي، ويجب أن يدفع غضب الليبراليين بمصر ادارة اوباما للتساؤل لماذا لا يثق حلفاؤها بالمنطقة فى نواياها وتفكيرها.
مثال آخر على ما يثير الخوف هو اننا أصبحنا معتادين على الفكرة القائلة بأن الربيع العربى أطلق العنان لموجة عارمة من الاسلاميين اجتاحت الشرق الأوسط، هذا صحيح إلى حد كبير فى مصر وتونس وقد يكون صحيحا يوما ما فى سوريا ولكن الاحداث الحالية فى ليبيا تمنحنا رؤية مناقضة تماما لذلك، حيث رفض الشعب الليبى فى انتخابات هذا الشهر الأحزاب الإسلامية بشكل صارخ فى صالح تحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل، وهذا التطور كان مرحباً به بقدر ما كان غير متوقع.
ورغم أن سقوط الاسد القادم موضع تحريب من الجميع، فإن عواقب إسقاطه على المدى القصير سوف تكون وخيمة، فمن الممكن ان تنشب حرب أهلية تمتد إلى العراق ولبنان وربما اسرائيل، فضلا عن ذلك فإن التخلص من صديق إيران الوحيد بالشرق الأوسط سوف يكون تطوراً ايجابياً فيما عدا نقطة واحدة وهى ان إيران المعزولة من الممكن ان تكون اكثر خطورة من إيران الواثقة بنفسها، فالنظام يصعد صراعه مع اسرائيل وبرنامجها النووى يحرز خطوات متقدمة، فالسلاح النووى من وجهة نظر إيران هو الضمان السياسى ضد ما تراه من تحالف العرب السنيين المعادى لهم وضد الدولة اليهودية والولايات المتحدة، وكان يبدو على مدار الأشهر القليلة الماضية ان المواجهة بين ايران واسرائيل وايران والشرق أمر حتمي.
فى المقابل نجد ان الولايات المتحدة وحلفاءها فى الشرق الأوسط من اسرائيل إلى الاردن إلى الإمارات العربية المتحدة وباقى دول الخليج على أهبة الاستعداد، فهم يدركون ان المنطقة لم تشهد الانفجار الأخير بعد كما انهم على دراية بأن الارتباك والخوف هو الشعور الطبيعى تجاه الواقع الذى يعيشه الشرق الأوسط حالياً.
اعداد: ماهر حمود
المصدر: وكالة بلومبيرج






