بقلم: مايكل بيل
محاولات إيران لترسيخ وجودها كوسيط للسلام فى أزمة سوريا المروعة سوف تصل هذا الأسبوع إلى آفاق جديدة وجريئة فى قمة طهران لدول عدم الانحياز التى يشارك فيها 120 دولة.
وسوف تقدم حكومة طهران التى وقفت بقوة خلف حليفها الرئيس بشار الأسد حينما كان اتباعه يذبحون السوريين عرضاً وصفه وزير الخارجية الإيرانى على أكبر صالحى بأنه حل «مقبول وعقلاني» لانهاء الصراع.
وفكرة ان تقدم دولة متحيزة مثل إيران نفسها ـ حتى لو ضمنياً ـ على انها «غير متحيزة» بشأن القضية السورية يجب ان تكون كافية لنسف الاقتراح قبل إعلانه.
ومع تفاقم المذابح فى سوريا، أصبح من الحتمى ان تتوافق قرارات القمة فى طهران مع اسمها وهو ما يعنى رفض رؤية إيران المشوهة، ورفض الامبريالية الغربية التى تأسست حركة عدم الانحياز لمقاومتها.
ويأتى اجتماع طهران فى الوقت الذى أصبحت النظرة لوقف القتال فى سوريا سوداء كما لم تكن من قبل وبعد أربعة أشهر من فشل الوساطة الدولية لوقف اطلاق النار، حزم مراقبون السلام فى الدولة أمتعتهم وعادوا إلى ديارهم، علاوة على الجمود فى مجلس الأمن حول كيفية حل الأزمة.
وبينما يحاول الأخضر الإبراهيمي، مبعوث السلام الجديد لسوريا، إعادة تنشيط الدبلوماسية الدولية، اشتعل القتال فى المدن الرئيسية خاصة دمشق وحلب، واتهمت المعارضة أتباع الأسد بذبح 300 معارض على الأقل نهاية الأسبوع فى ضاحية جنوبية من العاصمة.
وحيث إن محاولات الأمم المتحدة فى حل الأزمة السورية لم تؤت بثمارها، ازدادت ثقة إيران وقدمت نفسها باعتبارها وسيطا محتملا للسلام، وتقول طهران «انها تفضل الحل السياسى وترحب باستضافة المحادثات بين المعارضة السورية والنظام فى دمشق».
وموقف إيران يتفق بشدة مع ما تعلنه كل من روسيا والصين، اللتين اعاقتا تحرك مجلس الأمن ضد الأسد ثلاث مرات، ويحضر من الدولتين ممثلون فى قمة طهران، الصين بوصفها مراقبا، وروسيا كضيف على الحكومة الايرانية.
واستفادت ايران وحلفاؤها من بعض جوانب الأزمة السورية وهذا ما يغضب الكثير من خصوم الأسد، وأول هذه الجوانب أن الدول الغربية لديها مصلحة سياسية واضحة من سقوط النظام فى دمشق والضرر الذى قد يسببه ذلك لطهران، والثاني.. ان تمويل الأسلحة التى وعدت بهما السعودية وقطر ـ اللتان تعتبران ملكيتان استبداديتان ذوتا أجندات اقليمية ـ بدأت بالفعل فى الوصول إلى الدولة، والثالث هو الدلائل التى تؤكد تزايد الفظائع التى ترتكبها جماعات المعارضة المسلحة والتقارير بشأن تزايد قوة الجهاديين فى الصراع ومع ذلك فإن شرعية التركيز على هذه الاتجاهات لا ينبغى ان تخفى مجموعة من الحقائق الأكثر قوة التى تضعف من مصداقية الموقف الايراني.
والسبب الرئيسى وراء الحرب فى سوريا ليس الخليج ولا الغرب وانما سياسة نظام الأسد فى قتل المتظاهرين أوائل أيام الثورة العام الماضي، ثم الاتجاه بعد ذلك لقصف واسع النطاق لمناطق سكنية، بالاضافة إلى الأعمال الوحشية لعائلة الأسد لمدة 40 عاماً من قمع، وتعذيب، وقتل، لذلك لا يثير الدهشة انقلاب بعض عناصر النظام ضده وهو ما فاقم الصراع العسكرى الدائر.
ولم تقدم أى من طهران او موسكو وبكين أى اقتراحات إيجابية خلال الستة عشر شهراً الماضية حتى يتوقف النظام السورى عن العنف، ولم تُفعل تلك الدول الحد الأدنى الضرورى حتى تصبح المحادثات مع المعارضة ممكنة.
وتعتبر قمة إيران فرصة للمجموعة التى تمثل غالبية دول العالم فى الوصول إلى حل الازمة السورية أو الخروج برسالة قوية ترضى الأطراف المتنازعة وسوف تخون المجموعة الشعب السورى اذا ساندت علنيا أو ضمنيا نظام بشار الأسد، بسبب كرهها للسياسة الخارجية الغربية وللاستبداديين فى الخليج الذين يدعمون الثوار.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: فاينانشيال تايمز






