اليسار فى مصر ظل وافياً لأفكاره التاريخية التى تنظر بريبة إلى مؤسسات التمويل الدولية وأعلن كل فصائله تقريباً رفضها لخطوة التعاون مع صندوق النقد الدولى.
أما مؤيدى الاتجاهات الرأسمالية ومن بينهم الإسلاميون فقد انقسموا ما بين مؤيد للقرض، ومؤيد بشرط الإطلاع على الشروط، ومؤيد بشرط ألا يكون ذلك مخالفاً للشريعة الإسلامية بغض النظر عن الشروط.
وبعدما قال رئيس الوزراء، هشام قنديل، فى المؤتمر الصحفى مع كريستين لاجارد رئيسة صندوق النقد الدولى إن الفائدة على القرض تبلغ 1.16% عاد ليقول إن هذه النسبة ليست فائدة «ربا» بل هى مصروفات إدارية، وهو نفس ما ردده عدد من قيادات حزب الحرية والعدالة بل حتى رئيس الجمهورية نفسه.
وبناءً على هذا التوصيف، أعلنت قيادات حزب النور والدعوة السلفية أنها لا تعترض على القرض لأنه «لا يتضمن ربا».
وأصبح الشغل الشاغل طيلة الأسبوع الماضى للمصريين على مواقع التواصل الاجتماعى هو هل القرض حلال أم حرام؟.
وصدرت الفتاوى والبيانات عن حركات إسلامية بعضها يراه حلالاً وأخرى تراه حراماً لكن يتعين الموافقة عليه نظراً لحالة الضرورة، وأخرى لا ترى أن حالة الضرورة متوافرة وبالتالى لا يجب الحصول عليه.
واعتبر بعض علماء الدين ان الحصول على القرض منفعة ضرورية لمصر وخطوة جيدة فى هذا الوقت الذى تحتاج فيه البلاد للدعم والمساندة وأنه لا توجد أى شبهة ربوية فى القرض لاسيما وأن فائدته متدنية جداً ولا تتجاوز 2%.
قال محمد الشحات الجندى الأمين السابق للمجلس الأعلى للشئون الاسلامية أن الحصول على قرض صندوق النقد الدولى لا يعتريه أى شبهة فى الحرمانية ولا يدخل فى نطاق الربا حيث يعد من ضمن الأدوات التى تعود على الاقتصاد المصرى بالنفع بعد تراجعه خلال الفترة الماضية بسبب تداعيات الأحداث الأخيرة التى ألقت بظلالها عليه.
كانت مصر قد دخلت فى مفاوضات مع صندوق النقد الدولى بعد تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك مطلع العام الماضى.
أوضح أن الحكومة تقوم بالاقتراض لسد عجز الموازنة بطرح أذون خزانة على البنوك بفائدة تتعدى 14% وهو الاستثمار الذى تنافست عليه البنوك خلال الفترة الماضية لتوظيف السيولة الموجودة لديها وهى فائدة كبيرة مقارنة بالفائدة التى يتم الحصول عليها فى قرض النقد الدولى التى لا تصل إلى 2% وهى فائدة متدنية.
أشار إلى أن بعض الأحزاب خلقت أوهاما من هذه المباحثات للحصول على قرض ودخلت فى مناطق أخرى أخرجت عملية الحصول على القرض عن مسارها الصحيح.
اعتبر أنه يجب وضع خطط مرحلية للاستفادة من القرض وتوظيفه فى أغراض انتاجية وليست استهلاكية حتى لا تتراكم مديونية مصر الخارجية، وينبغى توظيفه فى مشروعات البنية التحتية التى تباطأ تمويلها بعد الأحداث الأخيرة.
قال جمال صيام، مستشار مركز الدراسات الاقتصادية إن الجدل الموجود على الساحة شائك وفوضوى حول مدى حرمانية وتحليل قرض صندوق النقد الدولى الذى تحصل عليه مصر فى شهر نوفمبر وهو غير منطقى ويؤدى إلى اشاعة الفوضى وظهور مصر بمظهر غير لائق.
وحذر صيام من استمرار هذه المجادلات التى تشهدها صفحات التواصل الاجتماعى بالاضافة إلى وسائل الاعلام حيث يخشى أن تقود إلى توقف المفاوضات ورفض الصندوق منح أى قروض لمصر لوجود حالة من الرفض الشعبى وهو ما يضع مصر على حافة الهاوية حال سحب الصندوق هذا العرض.
أوضح أنه لا توجد أى حرمانية فى الفائدة التى يتم الحصول عليها نظير القرض الممنوح لأنها عبارة عن مصاريف إدارية تتوافر أيضا فى القرض الحسن.
وتساءل ما المخزى فى التعامل مع بنوك محلية لسد عجز الموازنة بفائدة لا تقل عن 12 و14% ويأتى تحريم الأمر على فائدة لا تتجاوز 2%، وبرهن على حاجة مصر لهذا القرض فى ظل الأوقات الاقتصادية الحرجة التى تمر بها البلاد لأنه لا يوجد حل بديل أمامنا سوى الاقتراض للانطلاق إلى تحفيز الانتاج واستخدام القرض بما يتماشى مع حاجة مصر.
وأكد الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، خلال تصريحات ذكرتها صفحة حزب النور على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» أن قليل الربا وكثيره حرام لا تحله الحاجة بل تحله الضرورة فقط، وأن المؤسسات التى تتوسط لدى أصحاب أموال لا يأخذون ربا عليها وبين مقترضين من هذه الاموال بدون فوائد ربوية هى مؤسسات تحتاج إلى مصاريف ادارية لاتمام هذا العمل وهذه المصاريف جرى العرف الدولى عليها أنها أقل من 2% من قيمة القرض.
كتب – ايات البطاوي






