بقلم :عماد الدين حسين – الشروق
أن يتنافس قياديان كبيران على رئاسة حزب يوصف بأنه «دينى»، ويسعيان لنيل ثقة أعضاء المؤتمر العام عبر آلية ديمقراطية هى صندوق الانتخاب الشفاف، فهو أمر جيد ومفيد للعملية الديمقراطية، شرط أن يكون فى إطار نظام شامل للديمقراطية.
لست إخوانيا، لكننى كنت سعيدا وأنا أرى الدكتور عصام العريان يقوم بتهنئة الدكتور سعد الكتاتنى الذى فاز عليه بفارق كبير ــ
«67% مقابل33%» ــ وصار رئيسا لحزب الحرية والعدالة بعد عصر يوم الجمعة الماضى.
انتخابات رئاسة الحزب جرت فى مكان كان يحمل اسم مدينة مبارك التعليمية فى مدينة أكتوبر حتى شهور مضت، وفود من كل المحافظات، نظام دقيق يليق بالإخوان، فرحة هادئة عقب النتيجة، أما الوجبات الجاهزة للأعضاء فكانت من مطعم يحمل مسمى إسلاميا ايضا.
فوز الكتاتنى كان شبه محسوم فى الأسبوع الأخير، خصوصا بعد الفارق بين المتنافسين فى تزكيات الأعضاء.
حضرت جانبا من المؤتمر بدعوة كريمة من الحزب، واستفدت كثيرا من نقاشات متعددة مع قادة وكوادر الحزب، وتأكدت ان عدم توفيق العريان ليس سببه أداءه العصبى خلال الأيام الأخيرة واشتباكاته المتعددة مع وسائل الإعلام ومع النائب العام ومع أحزاب وقوى سياسية كثيرة.
أن تكون متصادما مع اليسار والقضاة ومع الإعلام الليبرالى فقد يكون ذلك سببا لتصبح نجما داخل الإخوان أو داخل أى حزب إسلامى، لكن يبدو أن الجناح «التنظيمى» الذى يقوده خيرت الشاطر يرى أن مصلحة الإخوان فى هذه المرحلة تتطلب وجود شخصية هادئة وصامتة مثل الكتاتنى. وتعكس هذه النتيجة أن من يوصفون بالحمائم داخل الجماعة والحزب لا يزالون أقلية، وإن كان يصعب وصف العريان بأنه «حمامة» بالنظر إلى أدائه الأخير الذى فاجأ حتى من كانوا يعتبرونه معتدلا.
مرة أخرى اعتماد آلية صندوق الانتخاب شىء جيد، وينبغى تحية الإخوان على ما حدث، ولست مع الذين يقولون ان الانتخابات كانت تمثيلية، وليت كل الاحزاب «تمثل» بهذا الشكل بدلا من لعبة الانشقاقات والتجميد والخناقات التى طالت معظم الأحزاب وآخرها «النور».
لكن الأهم من الشكل أن يطبق الإخوان إيمانهم بالديمقراطية فى تعاملهم مع الآخرين.
الإيمان بالديمقراطية يتطلب مثلا احترام حق معارضيك فى تنظيم مظاهراتهم المناوئة لك، ويتطلب كذلك ألا تنظم مظاهرة مضادة لهم فى نفس المكان والزمان، ويتطلب ثالثا ألا تقوم بالاعتداء عليهم وتكسر منصتهم ثم تتهمهم بالعمالة لكل طوب الأرض!!.
انتهى الاحتفال الإخوانى، ونتمنى أن تكون هناك بداية جديدة للحزب ويتواصل مع الجميع بروح توافقية، هنأت د.الكتاتنى وقيادات إخوانية كثيرة، ثم عدت لميدان التحرير وحضرت جانبا من مظاهرات «مصر مش عزبة».
المتظاهرون لم يملأوا الميدان تماما لكن عددهم لم يكن قليلا، وأتصور أن رسالتهم الرئيسية وصلت لمن يهمه الأمر، وعلى الإخوان والرئيس مرسى أن يتعاملا معهم بجدية، وحسنا فعلت مؤسسة الرئاسة حينما قالت إن مظاهراتهم مرحب بها طالما أنها فى إطار القانون.
من مصلحة الديمقراطية الناشئة، بل ومن مصلحة الإخوا، وجود جميع وسائل الاحتجاج ضدهم طالما كان ذلك فى إطار القانون، حتى لا تسكرهم نشوة الانتصار والانفراد بالحكم.
غادرت ميدان التحرير متجها إلى عبدالمنعم رياض، وفى الشارع الصغير الخلفى المؤدى إلى مبنى التليفزيون كان هناك مواطن مهموما يصرخ بأعلى صوته قائلا «لا عدالة ولا حرية.. الأنبوبة بقت بمية»، قاصدا أنبوبة البوتاجاز التى ارتفع سعرها إلى نحو مائة جنيه فى بعض المحافظات.
وحتى هذه اللحظة، فإن أنبوبة البوتاجاز ومثيلاتها من احتياجات المواطنين اليومية هى الخطر الأكبر على الرئيس محمد مرسى وحزبه وحكمه، وأتمنى أن يكونوا على علم بهذا الأمر.








