بقلم: داليبور روهاك
فى الحرب الأهلية المروعة فى سوريا، يقود الإسلاميون بدءاً من جماعة الإخوان حتى السلفيين القتال ضد بشار الأسد، ومن المؤكد أنه بعد انتهاء الحرب سوف تصبح الجماعات السياسية الإسلامية السنية أهم قوة سياسية بالبلاد، فقد أخذ الإسلام السياسى فى الصعود بالمنطقة العربية بأسرها وليس فقط فى سوريا، ففى مصر انتخب مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسى كخامس رئيس للبلاد فى يونيو 2012، وفى تونس فاز حزب النهضة الإسلامى بنحو 41% من الأصوات و89 مقعداً من أصل 217 بالهيئة التشريعية فى انتخابات 2011، وفى المغرب أصبح حزب العدالة والتنمية الإسلامى الحاكم فى البلاد بعد انتخابات نوفمبر 2011، فما هى الأسباب وراء صعود نجم الإسلام السياسى بالتأكيد هو يلعب دوراً مهماً فى حياة الشعوب العربية ولا تخلو السياسة من الدين، فهذا ما يمكن للحس السليم أن يدركه ولكن ليس هذا كل ما فى الأمر.
يكمن السر وراء نجاح الأحزاب الإسلامية فى هيكلها التنظيمى، ويعد الكثير من الجماعات السياسية الإسلامية فى العالم العربى جزءاً من الإخوان المسلمين، تلك الجماعة التى تأسست فى مصر عام 1928، ونظراً لاندماجها فى السياسة والدور الإرشادى الذى تلعبه وتقديم الخدمات الاجتماعية أصبح الإخوان المسلمون فى مصر نموذجاً لمنظمة الإسلام السياسى وأساساً لشبكة واسعة من المنظمات الدينية السياسية فى جميع أنحاء المنطقة.
من الصعب ربط الإسلام بقاعدة سياسية واضحة، لذلك فإن الدعم الشعبى للمرشحين الإسلاميين من الصعب إرجاعه إلى أى نمط سياسى ثابت، كما أن الاقتصاد الإسلامى غامض بشكل عام، حيث يتضمن دعماً واسع النطاق للأسواق الحرة، ولكنه يؤكد على أهمية العدالة الاجتماعية وضرورة مكافحة الفساد.
لماذا يصوت قطاع كبير من الشعب للإسلاميين؟ لم يستطع خبراء الاقتصاد فك هذا اللغز، لقد كان من المعروف منذ أمد بعيد أن الساسة فى الديمقراطيات الجديدة والناشئة يعانون من مشكلة الثقة، فرجال السياسة فى البيئات الانتقالية الجديدة إما أنهم لا يمتلكون تاريخاً سياسياً أو سمعة أو لا ينتمون إلى أحزاب عتيقة، وفى جميع الأحوال كانوا بالكاد لهم نشاط تحت حكم الأنظمة الاستبدادية السابقة، وتعانى الديمقراطيات الجديدة أيضاً من افتقار الأحزاب السياسية ثقة الناخبين.
تتميز الأحزاب الإسلامية بما فيها الإخوان المسلمين بالقدرة على تقديم العهود وتنفيذها فيما يتعلق بالخدمات العامة، ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب رئيسية، الأول أنها منظمات ذات تاريخ طويل ومن بين أعضائها أسماء تستحوذ على ثقة شريحة كبيرة من المجتمع، الثانى أن تلك الأحزاب تميل دائماً إلى المشاركة فى تقديم الخدمات الاجتماعية التى تفشل الحكومة غالباً فى توفيرها مثل الرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الإنسانية، والثالث أن تلك الأحزاب الإسلامية لم تكن جزءاً من الأنظمة القديمة حيث كانت تعارض دائماً الأنظمة العربية العلمانية، وتعرضت فى أغلب الأحيان إلى مخاطر جسيمة، وعلى سبيل المثال، كانت عضوية الإخوان المسلمين فى سوريا تعد جريمة عقوبتها الإعدام ما بين عامى 1980 و2011.
وهو من أهم أسباب نجاح الأحزاب الدينية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولكن هل يعنى ذلك أنه ينبغى علينا الرضوخ؟ ليس بالضرورة لأن هذه الأحزاب ماهرة حقاً فى تقديم الخدمات الاجتماعية ولكنها أيضاً قد تكون بارعة فى العنف السياسى وتعد حركتا حماس وحزب الله خير مثال على تلك الجماعات التى لها تاريخ طويل من النجاح فى توفير الخدمات الاجتماعية لرعاياها وتوجيه الهجمات الإرهابية ضد أعدائها، ولكن إذا ظلت الديمقراطية تسود بلدان الربيع العربى فسوف تتبدد الميزة الانتخابية للإسلاميين بمرور الوقت مع اكتساب الساسة العلمانيين المهارات اللازمة وفتح مجال للتواصل مع الناخبين من أجل تقديم وعود ذات مصداقية، وحتى يحدث ذلك من المرجح أن يبقى الإسلاميون جزءاً لا يتجزأ من الحياة السياسية العربية.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فورين بوليسى








