أكدت مصادر رسمية مسئولة وجود إرادة سياسية تدفع بإتجاه حصول مصر على موافقة صندوق النقد الدولي لاقراض مصر، مما سيسفر عنه تحسن التصنيف الائتماني لمصر ، حتى يمكن جذب الاستثمارات الأجنبية وإدارة العجلة الاقتصادية وهو ما سيساعد مصر على الخروج من المرحلة الصعبة التي تمر بها حاليا.
اضافت المصادر ان الاتفاق الذى تم مع الصندوق قائم على محددات واضحة هي إلغاء الدعم عن بعض المنتجات البترولية خاصة بنزين 95 الذي لن يوفر سوى 55 مليون جنيه فقط في الموازنة، إلا أنها تصب في تحقيق العدالة الاجتماعية، فضلا عن تحريك اسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك والتى ترتبط اسعارها بالاسعار العالمية، فضلا عن تعديلات قانون الضرائب واصلاح المنظومة الضريبية لاصلاح الخلل وتحقيقا للعدالة الاجتماعية.
وقالت المصادر ان الصورة النهائية للبرنامج مازالت طور الاعداد ، وما تتحدث عنه الحكومة مسودات عمل تم إعدادها بناء على المناقشات التي دارت مع بعثة الصندوق ، وأكدت ما قاله مسئولين بالصندوق بان مصر بدأت المفاوضات دون برنامج جاهز ولكن بمجموعة أفكار ودراسات كانت معدة مسبقا عن الدعم والضرائب.
وشددت مصادر مسئولة بوزارة المالية على أن الحكومة قد لا تحتاج الى سحب اى اموال من الاتاحة المالية التى سيوفرها الصندوق تحت تصرف مصر بقيمة القرض خاصة ان نصف العام المالى الحالي قد انقضى، ومن الممكن الا تحتاج الدولة الى تلك الاموال اذا عادت عجلة الانتاج الى سابق عهدها، فضلا عن ان القرارات التى سيتم اتخاذها للاصلاح ستؤتي ثمارها على الموارد وتضييق فجوة العجز في الموازنة.
توقعت المصادر أن يكون اول اتاحة مالية من دفعات القرض، في حالة موافقة مجلس ادارة صندوق النقد ، تحت تصرف الحكومة منتصف فبراير القادم، ما يعني أن العام المالى فى طريقه للانقضاء، فيما تسعى الحكومة لاتمام صفقة القرض للحصول على الشهادة الدولية التي سيصدرها البنك بمجرد موافقته على البرنامج، وبالتالي تحسن الاجواء الاقتصادية للبلاد.
يأتى هذا فى الوقت الذي تتلاحق فيه المواقف الرافضة للقرض من جانب الاحزاب والحركات السياسية والنقابات العمالية.
وأرسل الاتحاد العام للنقابات المستقلة بيانا رسميا للرئيس محمد مرسي امس أكد فيه رفض الاتفاق مع الصندوق، وذلك بعد الاجتماعات التي دارت بينه وبين رئيس بعثة الصندوق الموجودة فى مصر حاليا اندريس باور.
وقال محمد حجازي، رئيس نقابة العاملين بالجمارك، أن رئيس البعثة قال خلال لقائه مع ممثلي النقابات ان الصندوق قدم مجموعة مقترحات على الحكومة للتخلص من الاعباء وتنمية الموارد منها تعويم الجنيه والغاء دعم الطاقة وتصفية القطاع العام الذى يشكل عبئا على الموازنة العامة.
اضاف ان الاتحاد رأى ان المواطن المصرى سيدفع ثمنا باهظا ، لأن إلغاء الدعم ورفع الضرائب وإلغاء القطاع العام كلها متاهات صنعها نظام مبارك، لتلف حول عنق المواطنين البسطاء والعامل، وهو ما لن نقبله بعد الثورة.
واوضح ان عددا من الخبراء المنضمين لاجتماعات الاتحاد مع الصندوق قدموا بدائل لجلب الموارد بدلا من الحصول على القرض، شملت رفع رسم بيع الجرانيت المفروض منذ عام 1942والذى لا يتجتاوز مليمات معدودة الى 60 جنيه للطن، وهو ما سيصل حصيلته الى مليارات الجنيهات، فضلا عن أن الرمال المصرية من أنقى الانواع فى العالم، وتتمتع باقبال تصديري كبير ،ويتم تصدير الطن مقابل 600 جنيه لو تم غسله وتنقيته من الشوائب سيرتفع السعر الى أضعاف ذلك الرقم، كما إقترحوا زيادة رسم الصادر على الأسمنت.
وشدد على أن الاتحاد رفض العودة إلى الخصخصة حتى لو بأشكال أخرى وأسماء مختلفة، فأى مساس بشركات الأعمال العام يعد مساسا بالعامل المصري، وهو ما لا يقبله احد.
وأرسل الاتحاد نفس البيان الى الاتحاد الدولى للنقابات بالولايات المتحدة الامريكية كما تم ارسال بيان آخر لرئيس بعثة الصندوق لتسليمه الى كريستين لاجارد رئيس صندوق النقد الدولي للتاكيد على رفض الحصول على القرض من غالبية المصريين.
يأتي ذلك فيما انطلقت أمس عدة مسيرات لمختلف الأحزاب والتيارات والحركات والائتلافات السياسية للإعلان عن رفضها لقرض صندوق النقد الدولي والتي انطلقت من أمام مبنى البورصة المصرية متجهة إلى مجلس الوزراء المصري، وشارك في المسيرة الحاشدة كلاً من التيار الشعبي وحزب مصر القوية، والمصريين الأحرار، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى، والتحالف الشعبى الاشتراكى، والاشتراكيون الثوريون، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، وكفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، والجبهة الحرة للتغيير السلمى، وتحالف القوى الثورية، وائتلاف ثوار مصر، والحملة الشعبية لإسقاط ديون مصر، والاتحاد المصري للنقابات المستقلة، واتحاد المعلمين المصريين، وحركة ٦ إبريل، وحركة مينا دانيال.
كان التيار الشعبي قد أصدر بياناً أمس رفض فيه القرض، و صرح معتمر أمين عضو لجنة الشراكة الاقتصادية والتنموية بالتيار الشعبي، لـ”البورصة”، أن التيار سبق وأن أكد رفضه للقرض منذ البداية، واقترح عدة بدائل محلية على رأسها الضرائب التصاعدية، وإعادة هيكلة الدعم ورفعه عن المصانع كثيفة استهلاك الطاقة، وتوفير الزيادة الإنفاقية على المستشارين والتي تبلغ مليارات الجنيهات، متساءلاً عن سبب الاقتراض من الصندوق بالرغم مما قدمته كلاً من قطر والسعودية وتركيا ب 3 قروض تقدر بـ 4 مليار دولار.
ووقع على البيان كلاَ من التيار الشعبي المصرى، والجبهة القومية للعدالة والديمقراطية، والحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وحزب التحالف الشعبى الاشتراكى، والاشتراكيون الثوريون، وحزب المصريين الأحرار، وحركة المصرى الحر، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية، وحركة كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، والجبهة الحرة للتغيير السلمى، وحركة بهية يا مصر، واللجان الشعبية للدفاع عن الثورة، وتحالف القوى الثورية، وائتلاف ثوار مصر.
كما أعلن حزب مصر القوية عن رفضه للقرض، مطالباً فيه بالشفافية فيما يخص شروط القرض، وقال محمد المهندس المتحدث الرسمي باسم الحزب لـ”البورصة”، إن القرض يفرض على مصر تحكما خارجيا في قراراتها، فضلاً عن عدم وجود تفاصيل بشأن القرض وشروط التفاوض حوله، ووصف تجارب القرض بأنها أدت لإفلاس دول عدة كما أوشكت البرازيل وماليزيا في أوقات سابقة على الإفلاس، وطرح عدة بدائل تغني مصر عن الاقتراض أهمها رفع نسبة الضرائب التصاعدية ورفع الحد الأدنى للضرائب على رجال المال والأعمال، وتحويل مصر لدولة صناعية وزراعية وفرض ضرائب رأس مالية على مناقصات البورصة، بالإضافة لحسن الاستثمار.
من جهته، صرح الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراءالأسبق للشؤون السياسية والتحول الديمقراطي، وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد، في تصريحات خاصة لـ”البورصة”، أن الحزب لا يرفض أي قرض شريطة أن يتعرف على ما تضمنته بنود الاتفاقية في المقام الأول، وهو ما يتطلب من الحكومة تقديم رؤية واضحة بشأن شروط القرض وأهدافه وأوجه استخدامه، فضلاً عن مطالبتها بوضع خطة اقتصادية ومشاريع واضحة المعالم.
وكشف السلمي عن بعض البدائل التي تقوم على إعادة تقسيم موارد الدولة وتوجيه فائض القطاعات لسد عجز الميزانية، وتخفيض نسبة الدين الداخلي.
وأشار الدكتور يحيى أبو الوفا رئيس اللجنة الاقتصادية والخطة والموازنة بحزب الوسط، لـ”البورصة”، إلى أن الحزب يريد أولا التعرف على أجندة الشروط المصاحبة للقرض، محذراً من أن يؤثر على السياسات المالية أو التوجيه في سياسات الدولة، خاصة أن اتفاقيات صندوق النقد دائماً ما تكون سرية، لذلك طالب الحكومة بالاعلان عن بعض التفاصيل المتضمنة داخل شروط القرض.
كتبت- إسلام زايد ووفاء عبد الباري