قال د. صلاح الشرقاوي، نائب رئيس مجلس إدارة «نوفارتس مصر» للأدوية، إن القطاع يعانى من مشكلات وأزمات نتيجة الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن.
وأشار إلى أن أبرز المشكلات التى تعانيها الشركات، ارتفاع أسعار الخامات المستوردة وزيادة تكاليف الإنتاج ومصاريف المياه والكهرباء والرواتب العمالية التى ارتفعت بصورة كبيرة وتدهور سعرالصرف، فضلا عن قرار التسعير الذى صدر مؤخراً ونص على زيادة ربح الصيدلى على حساب الصناعة مشدداً على ضرورة التدخل الحكومى والاهتمام بهذه الصناعة الاستراتيجية.
وأكد أن الشركات تواجه العديد من المصاعب عند استيرادها الخامات الضرورية نتيجة القيود التى يضعها الموردون خاصة فيما يتعلق بخطابات الضمان، والمطالبة بأموالهم نقداً، وهو ما يتطلب سيولة مالية كبيرة قد تكون غير متوفرة بالشركات.
وأوضح أن الوضع الاقتصادى الحالى وعدم الاستقرار إضافة إلى المنظومة التى تحكم الصناعة، ساهمت فى تعزيز رغبة جزء كبير من المستثمرين الأجانب فى صناعة الدواء للرحيل عن مصر، مشيراً إلى أنه بحكم علاقته مع المستثمرين والمصنعين فإن عدداً غير قليل يرغب فى التخلص من المصانع التى يملكها فى الوقت الحالي، كما أن جميع المستثمرين توقفوا عن التوسعات المخطط لها بسبب تلك المنظومة والظروف المحيطة.
وقال أنه يعتقد ان قرار خروج المستثمرين من مصر لن يحدث فى المنظور القريب، حيث إن هذه العملية تسير بمراحل تبدأ بتسريح جزء من العمالة ثم وقف الضخ إلى السوق وقد تضطرنا الظروف لوقف الإنتاج أو التصنيع لدى الغير حتى يصل الأمر إلى استيراد جميع الأدوية من الخارج معرباً عن آماله فى ألا تصل الأمور فى مصر لهذه الدرجة وأن غاية ما يجرى حالياً نتيجة الظروف الحالية هو تجميد التوسعات انتظاراً لما ستسفر عنه التطورات القادمة.
متمنياً استقرار الأمور الاقتصادية والسياسية فى مصر حتى تستعيد «نوفارتس» قدرتها على التوسع وزيادة خطوط الإنتاج وتصنيع أدوية جديدة محلية بجودة عالمية، مؤكداً أن الشركة تنتظر الاستقرار حتى تبدأ التطوير المتوقف منذ 2010.
وأضاف أن الوضع الحالى يصعب معه إعداد خطة واضحة للتطوير وأن التفكير الحالى هو مجرد الحفاظ على الموقف متوقعاً فى ظل هذه الظروف عدم زيادة رأس المال أو ضخ استثمارات جديدة نتيجة الوضع القائم وليس الوضع السياسى فقط ـ الذى يؤثر بشكل مباشر على مبيعاته.
أشار إلى أن حجم مبيعات «نوفارتس» العالمية يصل إلى 61 مليار دولار سنويا والوضع الحالى لنوفارتس مصر لا يهددها بالإغلاق أو تحويلها لمكتب علمى كما حدث أثناء الأزمة الاقتصادية وركود السوق المصرى عام 2003، مشيراً إلى أن نوفارتس مصر لا تمثل نسبة كبيرة من مبيعات الشركة الأم وغير مؤثرة بشكل كبير، الأمر الذى يجعل الشركة العالمية تتحمل أعباءها لأطول فترة ممكنة.
واستطرد قائلاً: إن نوفارتس فى الوقت الحالى مازالت تواصل الإنتاج، وتحتفظ بقوة النمو وعلى استعداد للانطلاق عندما تتحسن الظروف فحجم الإنتاج هذا العام وصل إلى 110 ملايين وحدة بمبيعات 2 مليار جنيه.
توقع انخفاض الأرباح العام الجارى بنسبة 20% عن 2011 الذى وصلت أرباحه لحوالى 15% من إجمالى الإيرادات بعد خصم التكلفة ومصاريف الإنتاج، مرجعاً انخفاض هذا العام إلى تدهور سعر الصرف حيث إن الشركة تتعامل بالفرنك السويسري.
أشار الشرقاوى إلى أن القرار 499 الخاص بتسعير الدواء وزيادة هامش ربح الصيدلى أثار الكثير من المشاكل الفترة الأخيرة، معتبراً أنه أحد المعوقات الأساسية فى هذه الصناعة.
وقال إن القرار كان غير متوازن حيث ينحاز لزيادة هامش الربح للصيادلة دون مراعاة الأطراف الأخرى ومشكلاتها فالشركات لا تملك الفائض حتى تتحمل ربح الصيدلي.
أوضح أن تطبيق القرار سيؤثر بشدة على توافر الدواء فى الأسواق ويهدد بعض الصناعات المرتبطة بهذا القطاع مطالباً بتحمل أعباء الصناعة وليس أصحاب الشركات فقط.
وأضاف أن الزيادة المقترحة لربح الصيدلى 18% على الأدوية المستوردة و25% على الربح المحلي، مقترحا تعديلها إلى 12% فقط على المستورد و22% على المحلى موضحا أن «الصحة» إذا أرادت تطبيق القرار يجب أن يقتصر على الأدوية الجديدة التى يعاد تسعيرها فقط، مشيراً إلى زيادة الربح على الأدوية المستوردة 6% لتصل إلى 18% أمر يصعب تحقيقه ويضعنا بين أمرين إما أن يتحملها المريض أو نتوقف عن الاستيراد تماماً.
نفى ما يتردد حول زيادة سعر الدواء فى حالة ربطه بالأسواق العالمية، مؤكداً أن سعر أى سلعة لابد أن يرتبط بتكلفة الإنتاج، وسوف يتم أخذ أقل سعر عالمى للدواء فى 36 دولة عالمية وتطبيقه فى مصر والمواطن العادى لن يتأثر بذلك فى حالة تطبيقه لأنه سيطبق على المستحضرات الجديدة فقط.
أكد أن تطبيق قرار 499 الخاص بزيادة ربح الصيدلى على حساب الصناعة يهدد باحتمالية تقليل العمالة بنوفارتس مصر، كما سيعمل على وقف دخول مستحضرات وأدوية جديدة إلى السوق بقرار من الشركة الأم كنوع من التدرج لمواجهة الأزمة، وقد تضطر الظروف لأبعد من ذلك، كما أن تطبيق القرار سيفتح الباب أمام انتشار الأدوية المغشوشة والمنتهية الصلاحية وهو ما سوف يؤدى إلى تدهور السوق.
قال إن صناعة الدواء يقع على عاتقها التزامات كثيرة وفى بعض الأحيان تضطر الشركات إلى إنتاج مستحضرات بأسعار قد لا يستطيع المريض شراءها مشيراً إلى أن المصنع وحدة اقتصادية يحكمها تكلفة وسعر بيع وهامش ربح حتى تستمر فى الإنتاج والمطلوب فى الوقت الحالى تحديد التكلفة وهامش ربح للمصنع والصيدلى وإذا اضطرتنا الظروف لزيادة السعر بشكل لا يستطيع معه المريض شراء الدواء فعلى الدولة أن تتحمل الفرق حتى تحافظ على هذه الكيانات، خاصة أن توافر الدواء أهم من سعره.
أيد الشرقاوى فكرة إنشاء هيئة عليا للدواء التى أقرتها وزارة الصحة مبدئيا مشدداً على ضرورة اختيار أعضائها بناء على الكفاءة مع الوضع فى الاعتبار أن يكون منظورها للقطاع اقتصادياً واستراتيجياً لجميع جوانب الصناعة حتى تستطيع أن توفر الدواء فى الأسواق بسعر مناسب وجودة عالية، وأكد ضرورة أن تكون تبعيتها لمجلس الوزراء مباشرة مع وجود ممثل من وزارة المالية وآخرين من المصنعين و الموزعين والأطباء والصيادلة.
أضاف أن الصناعة يجب أن تحكمها سياسة دوائية واضحة بين الأطراف المؤثرين على السوق من منتج، موزع، وصيدلى ومع عدم المراعاة سوف يخسر.
وأشار إلى أن هناك مشكلة كبيرة فى شركات القطاع العام حيث إن معظمها مهدد بالإغلاق، لأنها تنتج مستحضرات تزيد تكلفتها على سعر البيع الأمر الذى يشكل تهديداً كبيراً على استمرارها، مضيفاً أن الشركات الخاصة والمتعددة الجنسيات ـ أيضاً ـ تعانى وإن لم نحافظ على هذه الكيانات فلن يتوافر الدواء بالأسواق وسيدفع المريض الثمن.
طالب بدعم هذه الكيانات الاقتصادية واستقرارها، مؤكداً أنه لا يمكن الحفاظ على صناعة تخسر رغم أهميتها وعلى الدولة أن تتحمل الزيادة فى أسعار الدواء وليس الشركات.
أكد أن معامل الجودة تحتاج إلى تطوير لتتوافق مع المعايير وشهادات الجودة والكفاءة العالمية نظراً لعدم كفاءة المعامل المحلية والشركات تلجأ إلى معامل عالمية لاعتماد منتجاتها ومتابعة جودتها.
حذر الشرقاوى من ضعف وخلل فى أدوات الرقابة على الدواء، خاصة بعد الثورة وهو ما ساهم فى انتشار ظاهرة السوق السوداء، مشيراً إلى أن شركته تتعامل مع موزعين معتمدين لتفادى عمليات التلاعب والتعرف على المرتجعات وما إذا كانت من منتجات الشركة على مستوى عال من الجودة أو مغشوشة.
استنكر الشرقاوى ما تردد عن مقاطعة صيادلة الدلتا لشركة «نوفارتس مصر» مؤكداً أن من يحدد ذلك هو المريض وليس النقابات أو الصيادلة، مشيراً إلى أن إقبال المريض على أدوية نوفارتس حيث انهم ـ دائماً ـ ما يبحثون عن الدواء الجيد.
ونفى أن تكون لهذه المقاطعة أى تأثير على الشركة، مؤكداً أن المبيعات زادت نتيجة تلك المقاطعة فالمريض أصبح يقبل على الدواء ويخزنه خوفا من عدم وجوده، الأمر الذى يجعله يشترى ما يزيد على احتياجاته ما ينعكس بالإيجاب على المبيعات.
أشار إلى ارتفاع منتجات نوفارتس نسبيا فى مصر، لأنها تتعامل مع ماركات عالمية ذات جودة عالية، لافتا إلى أنه رغم ذلك فإن منتجات الشركة فى مصر الأرخص عالمياً، موضحاً أن تحليل أسعار الدواء للشركة الأم على مستوى العالم كشف أن «نوفارتس مصر» حصلت على المرتبة 44 وقبل الأخيرة فى القائمة التى ضمت 45 دولة على مستوى العالم، مما يؤكد نجاح «نوفارتس مصر» فى إنتاج دواء أقل سعراً قبل الهند.
وأشار إلى صعوبة مقارنة أسعار «نوفارتس مصر» بشركات قطاع الأعمال التى تنتج أدوية مدعمة كما أن هناك نوعين من الأدوية «أصلية ومقلدة» وأسعارهما متفاوتة ونوفارتس تتعامل مع ماركات عالمية ومن الظلم أن تقارن بأسعار الأدوية «المقلدة» فى السوق.
أكد أن «نوفارتس مصر» تحاول بقدر الإمكان أن تتبع سياسة ومسئولية مجتمعية وقد نجحت الشركة الأم بسويسرا فى توفير أدوية خاصة بالأورام ودفع ثمن علبة فقط لكل أربع علب بحيث يصبح ثلاث منها مجانية تقدم لمستشفيات الأورام والقطاع العام فى مصر، كما تجرى مفاوضات بصورة مستمرة مع الشركة الأم بخصوص توفير أدوية أخرى غالية الثمن للقطاع العام يتراوح أسعارها بين 11 ألف جنيه و22 ألف جنيه شهرياً حتى نحصل عليها كما حصلنا على أدوية الأورام بموجب دفع ثمن علبة مقابل الحصول على أربع، ونرغب فى الفترة القادمة الحصول على أدوية لعلاج التصلب العصبي، فنحن بقدر الإمكان نريد توفير الدواء بأقل تكلفة ممكنة.
حوار: مصطفى فهمى