أطلقت الدكتورة أمنية حلمى، المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، صرخة فى وجه المجموعة الاقتصادية بحكومة الدكتور هشام قنديل، بعدما دخل الاقتصاد مرحلة الخطر بشهادة جميع مؤشراته وقالت «الوضع الاقتصادى حرج للغاية».
وقالت فى حوار مع «البورصة» إن عدم إدراك الحكومة خطورة المرحلة التى نمر بها بسرعة التوافق على روشتة علاج لإسعاف الوضع الاقتصادى المرشح لمزيد من التدهور، فالوضع ينذر بعواقب وخيمة قد تعجز أعتى الحكومات عن تجاوزها وتهدد بثورة جياع.
أوضحت أن مؤشرات ضعف الاقتصاد تكمن فى التراجع الكبير فى الاحتياطى الأجنبى الذى فقد أكثر من نصف قيمته حتى الآن ليصل دون الـ15 مليار دولار، حتى باتت قدرته على تأمين احتياجات مصر الخارجية ضعيفة فى ظل جفاف أهم منابعه من السياحة التى قضى عليها الانفلات الأمنى بضربة قاضية وضعف قيمة تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب تعطل عجلة الإنتاج بعد الثورة، مما قلل من حجم الصادرات وانخفاض الاستثمار الأجنبى المباشر، الذى حقق 108 ملايين دولار نهاية الربع الأول من العام المالى الجاري.
وتأسس المركز المصرى للدراسات الاقتصادية عام 1992 بخصوصية تميزه عن غيره من المراكز البحثية. عبر عدد من كبار رجال الأعمال كمنظمة غير هادفة للربح، ويقول المركز على موقعه على الإنترنت إنه يسعى منذ إنشائه للترويج للتنمية الاقتصادية فى مصر عبر «توفير أبحاث صلبة الأساس وغير منحازة حزبيا لمساعدة صناع القرار على تطوير خيارات الإصلاح المناسبة».
ومنذ تأسيس المركز ضم فى مجلس إدارته ثلاثين من قيادات القطاع الخاص المصرى، وضم أشخاصا كجلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات، محمد تيمور الرئيس السابق لمجموعة إى إف جى هيرميس، حازم حسن صاحب أهم شركات المحاسبة فى مصر، أحمد بهجت، أحمد عز، وناصف ساويرس رجل الأعمال.الى جانب وزير التجارة والصناعة الاسبق رشيد محمد رشيد، ووزير النقل الاسبق محمد لطفى منصور إلى جانب جمال مبارك نجل الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى لم يعد عضوا بمجلس الإدارة منذ اندلاع الثورة.
أضافت أمنية حلمى أن الصراع السياسى قضى على أى محاولة لاسعاف الاقتصاد لانشغال الحكومة الكامل بتأمين الانتخابات التشريعية والرئاسية والاستفتاء على الدستور، إلا أن الاقتصاد عاد إلى صدارة المشهد “رغم أنف الجميع” لانه يتداعى بعنف حاليا.
ولاحظت أن حكومات ما بعد الثورة لم تقدم رؤية جديدة خلافا لما اعتمد عليه النظام السابق فى إدارة الاقتصاد، حيث بدأت من حيث انتهى النظام السابق، لتلتمس لهم العذر لعملهم فى أوقات غير مستقرة أمنياً وسياسياً فهى تسير على خطى سياسات مبارك الاقتصادية ولكن “برعاية اخوانية “على حد قولها.
وقالت حلمى ان النمو الاقتصادى نهاية حكم مبارك والذى تراوح ما بين 6.5 و7% كان “حقيقيا” لكنه لم يكن متوازنا ومحتواه الوظيفى ضعيف جدا وغير موزع جغرافيا، فهناك محافظات محددة نمت على حساب أخرى إلى جانب التجاهل الشديد لمحافظات الصعيد.
أضافت أن الناتج المحلى زاد قبل الثورة بالفعل بدفع من تحسن إنتاج عدد من الصناعات الاستخراجية كثيفة استهلاك للطاقة ورأس المال ولكنها قليلة فى تشغيل العمالة، مما عطل خلق فرص عمل، الأمر الذى لم ينعكس على قطاع عريض من الشعب، فهيكل الحوافز الاستثمارية من دعم للطاقة واعفاء الآلات المستوردة من الجمارك تسببان فى تعاظم أرباح رجال الأعمال، وحابت الدولة رجال الأعمال خلال الفترة الماضية، لذلك على الدولة ان تضع التشريعات التى تضمن عدم اهدار المال العام وتضع حوافز استثمارية تضمن ربحاً للمستثمر وتؤمن أجرا كريماً للعامل.
وطالبت ان تتحول الدولة إلى دعم سلعة محددة فى التصدير بدلا دعم المصدرين أنفسهم كما يحدث حاليا، مما يسهم فى زيادة القيمة المضافة وتوليد فرص عمل وتوفير نقد الأجنبى لدعم قيمة الجنيه الذى يعانى من التدهور.
أضافت ان النظام السابق وضع سياسات اقتصادية سليمة لكن سوء تنفيذها ادى إلى انحرافها عن تحقيق الهدف الذى وضعته الدولة، فدعم الطاقة مطلوب لكن ما تم هو تحقيق حفنة قليلة من رجال الأعمال أرباحا خيالية دون توفير سلع للمواطنين بسعر عادل، إلى جانب قلة مساهمتهم فى الحصيلة الضريبية لزيادة ايرادات الدولة.
وأضافت ان النظام لم يراع أى مساواة بين دعم الصناعات كثيفة استهلاك للطاقة قليلة توليد فرص العمل على حساب الصناعات قليلة استهلاك للطاقة كثيفة التشغيل للعمالة كالغزل والنسيج، مما أدى إلى تفريغ سياسة الدعم من مضمونها بتحفيز المستثمرين لخلق فرص عمل، حيث تمثلت آفة النظام السابق فى غياب المساءلة والشفافية والمحاسبة، فالأمور كانت تسير وفقا لسياسة “زيتنا فى دقيقنا “، فتراخيص الحديد القديمة كانت تنطوى على رفع دعم الطاقة تدريجيا حتى يتم الغاؤه بعد سنوات، وهو مالم يحدث حتى الآن.
وقالت: حتى الآن لا توجد دراسات واضحة لتكلفة فرصة العمل فى مصر، وجميعها اجتهادات وبها تهويل وتهوين، وجار حاليا الاتفاق مع الصندوق الاجتماعى للتنمية للمشاركة فى اعداد دراسة تقدم حساباً دقيقاً وفعلياً لتكلفة فرصة العمل، فمعظم الدراسات الموجودة حاليا هى تقريبية.
على جانب السياسة النقدية، أوضحت الدكتورة أمنية حلمى أن الفترة الماضية شهدت مغالاة فى تراكم الاحتياطى الاجنبى حتى وصل 36 مليار دولار دون السماح بالمرونة فى تحركات سعر الصرف تجنبا للتخفيضات المفاجئة او استخدام قدر من الاحتياطى ليس فقط للدفاع عن الجنيه بل لانعاش الاقتصاد الذى ستزداد الثقة فيه مما ينعكس أيضا على قيمة العملة، لكن الآن ومع فقدان الاحتياطى أكثر من نصف قيمته باتت الأمور أكثر تعقيدا، مما يجعل التخلى عن دعم الجنيه يخلق ضغوطا تضخمية ودعمه يلتهم احتياطى يؤمن احتياجاتنا من الخارج.
وقالت ان الدولة تجاهلت استثمار قدر من الاحتياطى الاجنبى على غرار دول كثيرة تستثمره فى ادوات دين حكومية آمنة تدر عوائد ترفع من قيمة الاحتياطى.
وأوضحت أن الآلية الجديدة التى طرحها البنك المركزى بعرض الدولار لمقابلة المطلوب كان سببا فى تدهور الجنيه امام الدولار سريعا، إلى جانب حالة القلق التى سيطرت على المواطنين ما دفعهم لسحب ودائعهم وتحويلها إلى العملة الأمريكية، مما زاد من الضغوطات على العملة المحلية.
وأكدت ان غالبية المستثمرين الأجانب الذين التقاهم المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أكدوا تمسكهم بالاستثمار فى مصر، إلا انهم يسألون عن توقيت عودة الاستقرار السياسى والأمني، ويرون أن الاقتصاد المصرى بوابة عبور لأفريقيا والدول العربية والبنية التحتية للاقتصاد لاتزال قوية بالاضافة إلى توافر قوى عاملة قادرة على الانجاز.
ودعت أمنية حلمى الحكومة والرئاسة إلى الشفافية فى الحديث إلى الشعب، لأن الانسان دائما عدو ما يجهل، لذلك لابد من كشف حقيقة ما آلت إليه الأوضاع بشفافية كبيرة لطمأنة المواطنين واشراكهم فى اتخاذ القرار وتحمل تكلفته.
ورفضت حلمى الدعوات لتعويم الجنيه والسماح للعملة الوطنية بالتعبير عن قيمتها الحقيقية بشكل أدق، لأن هذه الخطوة عواقبها وخيمة، فأضرار ترك العملة تتفاعل دون دعم أكبر بكثير من دعمها، فالتضخم سيقفز إلى مستويات قياسية إلى جانب الضغوط على موارد الدولة، لأن الحكومة ستضطر لزيادة الدعم على بعض المنتجات المستوردة.
وقالت «جنيه أقل يعنى أداة استثمار اكثر جاذبية» كلام غير مسئول، لأنه بالنظر إلى هيكل وارداتنا التى تتجاوز 55 مليار جنيه سنويا سنجدها سلعا أساسية ولا غنى عنها كالقمح والسكر وزيت التموين إلى غير ذلك من السلع الوسيطة التى يستخدمها المنتجون، مما يهدد بموجة تضخمية ضخمة تلتهم رواتب واجور الموظفين دون ان تكفى احتياجاتهم.
وأكدت أن تخفيض قيمة الجنيه دون التحكم فيه لن يعطى ميزة تنفسية للصادرات كما يتردد، لأن الاقبال على السلع المصرية المصدرة للخارج لا يعتمد فقط على سعرها بل على جودتها أيضا، وتخفيض قيمة الجنيه سيرفع من تكلفة استيراد أصحاب الأعمال للسلع الوسطية من الخارج، مما سيزيد من تكلفة المنتج النهائى القابل للتصدير.
ورأت مديرة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن أفضل الحلول التى أمام البنك المركزى حاليا يكمن فى ترك العملة للتعبير عن نفسها بشكل تدريجى ومتحكم فيه، مما يسمح للجنيه بالتراجع إلى مستوى 6.50 جنيه للدولار على أقصى تقدير، بينما قد يهوى إلى ما دون 8 جنيهات للدولار إذا كان الانخفاض خارج السيطرة.
وطرحت حلمى ما أطلقت عليه حلولا غير تقليدية لاسعاف الاقتصاد المصرى ومواجهة الازمات الحالية من تدهور عنيف فى قيمة الجنيه، تتضمن إعادة النظر فى الواردات من الخارج التى تتجاوز الـ55 مليار دولار سنويا، بمنع استيراد بعض السلع الترفيهية ككبد الأوز مثلا أو رفع الرسوم الجمركية عليها بما لا يخل باتفاقاتنا مع الشركاء التجاريين، وذلك لتخفيف الضغط على الجنيه لتوفير عملة اجنبية للاستيراد.
وقالت ان هناك بنوداً فى الاتفاقيات التجارية التى وقعتها مصر تسمح باتخاذ مثل هذه الاجراءات الاستثنائية وقت الأزمات وحدوث اختلال كبير فى ميزان المدفوعات.
أضافت أن مصر وقعت اتفاقيات تجارية تسمح لها بغزو الأسواق الخارجية مقابل ان تفتح اسواقها للتجارة العالمية، لكن التطبيق العملى أظهر ان مصر لم تصدر الحد الأدنى المتفق عليه فى الاتفاقيات، واكتفت بفتح السوق المحلى لواردات أكثر مما حملنا اعباء كثيرة.
طالبت حلمى بسرعة اعادة النظر وتقييم جميع الاتفاقيات التجارية التفضيلية غير الطبيعية التى تكشف حاليا عن عجز كبير ومتزايد فى الميزان التجارى مع جميع الدول وتقييمها جيداً، بالتوازى مع اجراء مراجعة شاملة للهيكل الإنتاجى المصرى المشوه وما هو قابل للتصدير، فلا جدوى من تلك الاتفاقيات حتى الآن دون دراسة وافية لما يتطلبة العالم الخارجي، فالصينيون يدرسون احتياجات السوق المصرى لاقتحامه بجدوى اقتصادية بشكل اكثر دقة من الحكومة المصرية نفسها.
وترى حلمى أن الحكومة لابد وان تراقب جيداً جودة المنتجات التى تدخل السوق المصرى تجنبا لاغراق السوق بسلع ذات جودة متدنية وغير مطابقة للمواصفات الصحية.
من جهة أخرى، أوضحت مديرة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن الهيكل السكانى فى مصر يميل ناحية الشاب مقارنة بهيكل سكانى كبير السن فى دول الاتحاد الأوروبي، مما يعطينا ميزة تنافسية فى العمالة، ويدعو الحكومة المصرية للمطالبة بضرورة تفعيل اتفاقيات الخدمات والتى تسمح بتصدير عمالة إلى الدول الأوروبية للتدريب تحت رقابة الحكومة وتضمن عودتها حتى لا تتحول إلى هجرة غير شرعية، وهو الهاجس الأكبر بالنسبة للدول الاوروبية وأدى إلى الحد من تدريب العمالة فى الخارج، رغم أهميتها فى الاسهام فى زيادة معدلات الإنتاجية فى السوق المحلية، خاصة إذا ما سبقتها دراسة جيدة لمتطلبات سوق العمل وأصحاب الاعمال.
وتركز اتفاقية الخدمات على تحرير تحركات رجال الاعمال فقط دون العمالة، تخوفاً من الهجرة غير الشرعية، لذلك ينبغى التحرك بقوة فى هذا الاتجاه لإيجاد جيل جديد من العمالة المدربة التى ترفع معدلات الإنتاجية وتزيد من الصادرات المصرية او تؤمن احتياجات السوق المحلية لخفض فاتورة الاستيراد.
وشددت على ضرورة تحجيم الواردات المصرية من السلع الوسيطة بدعم الصناعات المتوسطة والصغيرة وربطها بالكبيرة، مما يؤدى إلى توفير فرص عمل جديدة وتحسين الإنتاجية وتخفيف الضغط على الجنيه.
ورأت أن تباطؤ المسئولين فى وضع برنامج اقتصادى يسهم فى اسعاف الوضع الاقتصادى الحالى سيؤدى إلى عواقب وخيمة، تتمثل فى إنفلات عجز الموازنة المتفاقم حاليا إلى جانب زيادة معدلات الدين الداخلى والخارجى وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وهبوط عنيف فى قيمة الجنيه، مما سيخلق ضغوطا تضخمية لن يتحملها المواطنون، ووقتها سنكون امام ثورة جياع لا محالة، على حد تعبيرها.
وأضافت أمنية حلمى «لقمة العيش أهم»، فالمواطن لن يشغله بعد وقت قصير من الآن سوى توافر لقمة العيش فقط إذا استمر التباطؤ الحكومى فى اتخاذ اجراءات اصلاحية للاقتصاد، بعيدا عن «الخناقة» السياسية الجارية حاليا فى تجاهل تام لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية، فتأخر الاستقرار السياسى عطل استقرار الاقتصاد.
وشددت على ضرورة أن يتوافق أطراف المجتمع المختلفة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى على حتمية النهوض بمصر وادراك حجم المشكلة واستشعار الخطر، فتراجع الإنتاج الذى يؤدى إلى زيادة البطالة سيقود البلاد إلى ارتفاع معدلات الجريمة وخروجها عن السيطرة، فى ظل جهاز أمنى ضعيف ومتفكك لم يتعاف حتى الآن.
وقالت د. أمنية حلمى انه ينبغى الآن وضع برنامج اقتصادى يتضمن حلولا للمشاكل قصيرة الأجل التى يعانى منها المواطن إلى جانب رؤية واضحة لإعادة هيكلة المشاكل المزمنة كعجز الموازنة، وذلك فى إطار من الشفافية والافصاح مع المجتمع حتى يفهم المواطن مردود تلك السياسات عليه حاليا ومستقبلا، فتاريخيا لا نستدعى المواطن الا فى أوقات دفع الضريبة او تحمل تكلفة التغيير والاصلاح، بينما نتجاهله فى وقت الرخاء وتوزيع ثمار النمو.
وقالت انه رغم تشابه السياسات الاقتصادية لحكومات ما بعد الثورة مع السياسات الاقتصادية فى عصر مبارك، إلا أنه وللانصاف فإن التوقيت عصيب ولهم كل العذر، لكن لابد من الاسراع بوضع رؤية واضحة تعبر عن توجهات الحكومة الاقتصادية التى لاتزال غائبة حتى الآن فى ظل هيمنة الأوضاع السياسية على المشهد.
أوضحت أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لاتزال تركز على علاج الأعراض وليس الأمراض، فهى تلهث خلف تدهور قيمة الجنيه وزيادة حجم الدين الداخلى والخارجى وتمويل عجز الموازنة، وتترك المرض الرئيسى وهو تراجع معدلات الإنتاج وتوقف النشاط الاقتصادى، فتمويل عجز الموازنة دون خطة واضحة لفرملة العجز بزيادة الايرادات سيحبط أى محاولة لزيادة معدلات النمو.
وطالبت بضرورة اعادة النظر فى الهيكل الضريبى الحالى، فالفقراء يدفعون أكثر من الأغنياء، فحجم التزامات أصحاب المهن الحرة الضريبية لا يتناسب مع حجم أرباحهم مقارنة بأصحاب المهن الثابتة.
وقالت حلمى ان الدين الخارجى البالغ قيمته 34.3 مليار دولار لايزال فى الحدود الآمنة، حيث لا يمثل حاليا سوى 13.6% من الناتج المحلى الاجمالى ووفقا لمؤشرات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى فان الحدود الآمنة للمديونية الخارجية تبدأ من 30% وحتى %50 من الناتج المحلى الاجمالي، فيما يمثل حجم ديون مجموعة امريكا اللاتينية نحو 22.5% من ناتجها الاجمالى.
وقالت انه بافتراض حصول الحكومة على جميع احتياجاتها التمويلية الخارجة البالغه 14.5 مليار دولار، منها 10 مليارات دولار بنهاية العام المالى الجاري، سيقفز العجز ليمثل 20.3% من الناتج الاجمالى وسيظل أيضا فى الحدود الآمنة فلاخوف من الدين الخارجي، بينما يكمن المؤشر الخطير فى المغالاة فى الاستدانة من السوق المحلية، ليقفز الدين الداخلى إلى نحو تريليون و250 مليار جنيه.
ونصحت حلمى الحكومة بأن تراعى فى مفاوضاتها الخارجية إطالة فترة السماح فى حدود خمس سنوات تفاديا لزيادة اعباء خدمة المديونية فى الأجل القصير، خاصة وأنه خلال الخمس سنوات المقبلة وفقا لاحدث دراسات البنك المركزى يستحق سدد ماقيمته 14.1 مليار دولار يمثل 41.2% من اجمالى المديونية الحالية، مما يشكل ضغوطا على السيولة بالنقد الاجنبى ورصيد الاحتياطى الاجنبى.
ودعت إلى توجيه القروض الجديدة إلى مشروعات إنتاجية يتوجه جزء كبير منها إلى التصدير لزيادة الحصيلة من النقد الاجنبى وتوفير عائد يسمح بسداد أقساط وخدمة الدين، حتى لا تتحمله الأجيال القادمة التى لم تستفد منه، وطالبت بان تكون القروض الجديدة فى صورة نقدية ان أمكن ما يوفر للحكومة مرونة أكبر فى أوجه استخدامها.
وطالبت الحكومة بسرعة تحقيق الاستقرار الامنى والسياسى بما يحقق جذب السياحة والاستثمار الاجنبى وبالتالى زيادة الموارد المتاحة من النقد الأجنبى وزيادة معدلات النمو.
وشددت على ضرورة أن تراعى الدولة أن يتناسب هيكل آجال استحقاق القروض الخارجية مع هيكل العائد المتوقع من تشغيلها، بالاضافة إلى زيادة طروحات الدولة من مشروعات اكثر بنظام الشراكة مع القطاع الخاص، وأن تتولى الدولة مهمة الرقابة وتقنين عملية تخصيص وتسعير الاراضى ومتابعة جدية المستثمرين فى التنفيذ وسداد الضرائب وتوليد فرص عمل.
وقالت مدير المركز المصرى للدراسات الاقتصادية ان قرض صندوق النقد الدولى البالغ قيمته 4.8 مليار دولار ضرورة حتمية فى التوقيت الحالي، لأن تأخر الحصول عليه يعطل تدفق استثمارات أجنبية ومساعدات خارجية تنتظر ضوءاً أخضر من الصندوق كشهادة ثقة دولية، إلى جانب شدة احتياجنا إلى العملة الأجنبية فى الوقت الحالى لدعم قيمة العملة المحلية.
ورفضت حلمى الصاق الدعم بالطاقة ووصفته بأنه «خطأ جسيم» لتجاهل الاحتياجات الأساسية للمواطن كالتعليم والصحة والسكن التى تعد احتياجات جميع المواطنين الأساسية، فالاهم حاليا هو دعم قدرات المواطن المصرى بتعليم محترم وعلاج جيد يؤهله لسوق العمل ليتقاضى أجرا كريما بدلا من دعم المصانع ورجال الاعمال.
وقالت انه لابد من اعادة هيكلة الجهاز الادارى للدولة والذى لاغنى عنه كذراع الحكومة فى تنفيذ سياساتها المختلفة، بينما يعانى حاليا من عدم احترافيته واختراقه والبيروقراطية التى تخيم عليه بسبب تدنى الأجور، وهى أمور كفيلة بإفشال أى سياسات ترغب الحكومة فى تطبيقها.
أوضحت ان الاقتصاد غير الرسمى، الذى جاهدت حكومات عدة لتقنين اوضاعه، تحول إلى صمام أمان حمى الاقتصاد المصرى وقت الأزمة الجارية حالياً، فالحكومة تلتزم فقط بسداد رواتب 6 ملايين موظف فقط فى الجهاز الادارى للدولة، وما دون ذلك يتحصل على دخله من الاقتصاد غير الرسمي، مما يخفف الضغط على موازنة الدولة، لكنها طالبت بضرورة الاسراع بتقنين أوضاع الاقتصاد غير الرسمى طواعية لتوفير إيرادات جديدة تدعم موازنة الدولة.
اتفقت مديرة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية مع عدم تحديد هوية الاقتصاد فى الدستور الجديد لتجنب توفير حد أدنى من الاستقرار للدستور، حتى لا يتم تغير هوية الاقتصاد مع تغيير نظام الحكم.
وفى النهاية.. استبعدت د. أمنية حلمى افلاس البلاد، لأن الإفلاس معناه عجز الدولة عن سداد التزاماتها فترة طويلة واستنزاف كل البدائل والسبل لتوفير السيولة مع افتراض جفاف جميع منابع إيرادات الدولة، وهذا مالم ولن يحدث فى مصر، فالاقتصاد لايزال ينمو حتى الآن رغم كل ما يمر به.
حوار/ محمد عياد