تحذو تركيا حذو الصين والبرازيل والهند فى تأمين وجود اقتصادى وسياسى لها فى أفريقيا، وتسعى أنقرة إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن الاقتصادات الأوروبية المتعثرة، وهى لا تبحث فقط عن أسواق جديدة وإنما عن دور أكثر بروزاً على الساحة العالمية.
وافتتحت تركيا خلال الثلاث سنوات الماضية 19 سفارة فى القارة، ولديها الآن 26 سفارة فى أفريقيا جنوب الصحراء، وبنهاية يناير الحالى سوف تفتتح ثلاثاً فى تشاد وغينيا وجيبوتي.
وللدولة حضور واسع فى الصومال التى يعتبرها المسئولون الأتراك مقياساً على حرص تركيا على التواجد فى القارة السمراء، وأصبح رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوجان، أول رئيس غير أفريقى يزور الصومال فى 2011. وقال أحد المسئولين إن الهدف هو تطوير العلاقات وسد الفجوات والذهاب إلى أماكن لم نذهب إليها من قبل.
ويذكر تقرير لجريدة الفاينانشيال تايمز أن السفر إلى المنطقة أصبح أسهل، وأعلنت شركة الخطوط الجوية التركية الشهر الماضى عن بدء رحلات مباشرة إلى نيامى، وواجادوجو، وياوندي، ودوالا، لتصبح بذلك عدد الوجهات المباشرة إلى أفريقيا جنوب الصحراء 24.
واستناداً على هذه العلاقات السياسية وسهولة الانتقال بين الدولة والمنطقة، قفزت التجارة مع أفريقيا جنوب الصحراء من 742 مليون دولار فى 2000 إلى حوالى 7.5 مليار دولار فى 2011.
وقال سليم بورا، صاحب شركة انشاءات تركية، إن المنطقة تشكل 40% من أعمال شركته، وإنه مهتم بتطوير المزيد من العلاقات مع الدول الأفريقية بدءا من النيجر إلى أنجولا.
وأضاف بورا أن قطاع الانشاءات التركى يتوسع نتيجة الاستثمارات فى شمال أفريقيا ودول غرب أفريقيا الغنية بالغاز والبترول، مؤكداً أن الكثير من أصحاب الشركات التركية يرغبون فى العمل رغم ظروف صعبة واستثنائية فى القارة.
وقال إيردم باستشي، محافظ البنك المركزى التركي، إن هذه المشروعات لها نتائج اقتصادية مهمة، مضيفا أن الجمع بين أفريقيا وروسيا والشرق الأوسط باعتبارها مناطق ذات شهية عالية للواردات يساعد الاقتصاد التركى على التنوع بعيداً عن أوروبا.
وقال باستشى إن رجال الأعمال الأتراك يتحركون بسرعة كبيرة وبمرونة تجاه تلك الأسواق.
كما تقدم تركيا مساعدات لبعض الحكومات الأفريقية، ويقول سنان أولجان، دبلوماسى سابق، إن موقف تركيا من المساعدات لا يشبه ذلك لأوروبا والصين، فهى لا تربط المساعدات بشروط تفرضها على الحكومات، قائلا أن الدولة ترى الأمر أكبر من أن يكون اقتصادياً بحتاً.
وأضاف أن تركيا قدمت اكثر من 150 مليون دولار فى صورة مساعدات لدول فى أفريقيا جنوب الصحراء العام الماضي، مضيفا أن الدولة ترى أن منع المساعدات بسبب الحكومات التى تنتهك حقوق الانسان يضر بهؤلاء الأكثر حاجة لها.
ومع ذلك، حذر أولجان من أن أكبر خطر يواجه الدولة هو زيادة الوعود للقارة وعدم المقدرة على الوفاء، فالاقتصاد التركى بقيمة 800 مليار دولار ليس بإمكانه مقابلة موارد بروكسل أو بكين.
ومع ذلك، مازالت التجارة مع أفريقيا جنوب الصحراء لا تمثل سوى مقدار ضئيل من إجمالى التجارة الخارجية لتركيا البالغة 376 مليار دولار.
وبالرغم من تطلع المزيد من رجال الأعمال والساسة إلى أفريقيا، يشتكى أربل أوكسوز، مقاول من الباطن يعمل فى أوغندا منذ عام، من المخاطر الصحية فى القارة والمكانة الراسخة للشركات الصينية.
ومع ذلك، قال أوكسوز إن حاجة اوجندا لتطوير البنية التحتية واكتشاف البترول بها يستحق المخاطر، مضيفا أنه بالرغم من خطورة العمل فى أفريقيا، فإنه يجلب المزيد من الأموال.
اعداد: رحمة عبد العزيز








