بقلم : عمرو حمزاوي – الوطن
بعد أيام من انتخاب الدكتور محمد مرسى، طالبته (عبر مقالة فى هذه الزاوية) بإدراك أن الديمقراطية التى نريد التحول باتجاهها فى مصر والتى جاءت به وعبر صناديق الانتخاب رئيساً تلزمه، من بين أمور أخرى، بالشفافية والعلنية فى أفعاله وممارساته وكذلك تلك المرتبطة بالمحيطين به مهنياً وأسرياً. دعوت الرئيس المنتخب إلى أن يبدأ مسار التزام الشفافية والعلنية من مؤسسة الرئاسة التى سكنها استبداد وفساد واستعلاء العقود الماضية، وأن يعلن على المصريات والمصريين، وبما لا يضر بالأمن القومى أو بأمن الرئيس، ميزانية الرئاسة وميزانيته الشخصية وكافة التفاصيل التنظيمية والإدارية الأخرى.
واليوم، وبعد انقضاء أكثر من نصف عام على بدء الفترة الرئاسية، أنتقل من خانة المطالبة والدعوة إلى موقع النقد وتوجيه الأسئلة بشأن التزام الرئيس بالشفافية والعلنية. فالدكتور مرسى لم يعلن لا عن ميزانية الرئاسة ولا عن ميزانيته، ولا تزال السرية هى سيدة الموقف فى كافة التفاصيل الأخرى.
وتحول الدكتور مرسى تدريجياً من رئيس يتحدث مع شعبه، كما فعل فى الأسابيع الأولى، وبغض النظر عن تفاوت تقييم مضمون حديثه وخطأ توظيف الرئيس لدور العبادة فى مخاطبة الرأى العام، إلى رئيس صامت نراه فقط ولا يحدثنا.
والمحصلة النهائية هى أن الصورة الذهنية السلبية لدى المصريات والمصريين عن مؤسسة الرئاسة التى تغيب عنها الشفافية والعلنية، فى ظل وجود الدكتور مرسى المنتخب، لا تختلف كثيراً عنها وقت وجود الرئيس غير المنتخب والمستبد السابق. والمحصلة النهائية هى أيضاً أن الرأى العام يعود لتداول الشائعات بشأن الرئيس وإنفاقه الشخصى ومواكبه الأمنية وبشأن المحيطين به مهنياً وأسرياً.
والكارثة هى أن غياب الشفافية والعلنية عن الرئاسة يستمر فى مرحلة سياسية يحتاج بها الدكتور مرسى، إن أراد الاحتفاظ بالشرعية الديمقراطية لصندوق الانتخاب، إلى أن يخاطب الرأى العام بصراحة وموضوعية بشأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التى تمر بها مصر وسبل تجاوزها وإلى تقديم كشف حساب شفاف عن أداء حكومته خلال الفترة الماضية. ينتظر الرأى العام مكاشفة رئاسية وخريطة طريق لتجاوز الأوضاع الراهنة، بعد الإخفاق المتواصل فى ملفات الدستور والسياسة والاقتصاد. ينتظر الرأى العام مكاشفة رئاسية تخبر المواطنات والمواطنين بالحقائق ولها أن تدعوهم إلى تحمل تردى الأوضاع والصبر عليها وشد الحزام، شريطة أن يكون فى الأفق خريطة طريق للحل وشريطة أن يبدأ الرئيس وحكومته بأنفسهم.
منذ يومين، طالبت الرئيس من هنا الخروج علينا بكشف حساب عن الفترة الماضية وعن ما «تحقق» وما لم يتحقق من برنامجه الانتخابى ووعوده المتكررة. واليوم أطالبه بالإعلان عن ميزانية الرئاسة، بما فيها ميزانيته الشخصية، بشفافية. اليوم أطالبه بمخاطبة الرأى العام وبإزاحة الغموض المتعلق بأفعال وممارسات بعض المحيطين به. اليوم أطالبه بأن يعلن علينا أن الرئيس والرئاسة وفى الظروف المتردية التى تمر بها مصر سيقلص من ميزانية الرئاسة بنسبة معتبرة ويدعو حكومته إلى ضغط الإنفاق.
إلى السيد رئيس الجمهورية: أختلف معك سياسياً إلا أننى أدعوك إلى الشفافية والعلنية. صارحنا بالحقائق وقدم خريطة طريق إدارتك وحكومتك وأخبرنا بميزانية الرئاسة وميزانيتك وحدود التقليص التى سترد عليها. إلى السيد الرئيس: لا تصمت ولا تعيد بناء سياج السرية الرئاسى مجدداً.
