بقلم: رولا خلف
تابع العالم فى وسائل الإعلام المختلفة أزمة الرهائن فى منطقة نائية بمجمع الغاز فى الصحراء الجزائرية، والسؤال الذى يطرحه الكثيرون: هل نجح العالم فى التغلب على الإرهاب على مدار العقدين الماضيين؟!
لم تكن الأحداث الدرامية التى وقعت فى الجزائر منذ أيام قليلة هى الوحيدة، فقبل الجزائر ومالى كان هناك بنغازى والهجوم الذى شنه الجهاديون على القنصلية الأمريكية وأعلنت جماعة جهادية فى سوريا أنها من أقوى عنصر فى القوى الثورية التى تقاتل من أجل الإطاحة بنظام الأسد.
كل ذلك يتعارض مع المعلومات التى استقيناها حيال محاربة الإرهاب من وسائل الإعلام على لسان مسئولين فى دول كبرى فكم مرة قيل إن تنظيم القاعدة هُزم وإن حرب الطائرات الأمريكية دون طيار كانت تقضى على أى بقايا لهذا التنظيم؟ أليست أيديولوجية الجهاد العالمى بدأت تنتشر بغض النظر عن التعبير القوى بشأن المقاومة السلمية ضد الطغاة فى العالم العربى؟ الإجابة على هذا السؤال هى نعم.
فى السنوات التى أعقبت هجمات 11 سبتمبر 2001 فى نيويورك وواشنطن، قادت الولايات المتحدة حملة ضد الإرهاب ركزت على تفكيك القيادة المركزية لتنظيم القاعدة فى أفغانستان وباكستان، لا أحد يستطيع أن ينكر الانجازات التى تحققت وتوجت بمقتل أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة فى 2011.
ولكن لا أحد يستطيع تجاهل الحقيقة بأن اتباع تنظيم القاعدة مازالوا على قيد الحياة فى اليمن والبعض الآخر فى الصحراء الكبرى، وحاول هؤلاء الاتباع أن يتطوروا وقد نجحوا إلى حد ما فى الاحتفاظ بقوتهم.
وسواء كانت هناك علاقة مباشرة بين تلك الجماعات وما تبقى من القيادة المركزية لتنظيم القاعدة، فهى مسألة جدل بين الأجهزة الأمنية، فهم قد يتبادلون المعلومات الاستخباراتية وشبكات التمويل، ولكنهم على الأرجح يعملون من تلقاء أنفسهم وفقاً لبيئتهم المحلية.
فى المغرب يظهر مختار بلمختار، الزعيم الجهادى من تنظيم القاعدة الذى قاد المجموعة التى شنت هجوما على القاعدة البترولية بالصحراء الجزائرية، قد يكون الدافع وراء هذا الهجوم المسلح على موقع غاز ميناس هو منافسته لتنظيم القاعدة فى المغرب والتدخل الفرنسى فى مالي، فضلاً عن ذلك فهناك عداء بينه وبين السلطة الجزائرية على مدى عقدين، فقد كانت الصناعة الجزائرية وشريان الحياة للنظام هما هدفه الأساسي، بالإضافة إلى سعيه لتسليط وسائل الإعلام العالمية الضوء عليه.
وهناك عامل آخر مهم وراء هذا الهجوم وهو استغلال الجهاديين الفراغ الأمنى فى شمال افريقيا الذى أعقب الثورات العربية، وللأسف وجد المتطرفون فرصة للعودة حيث تم الإفراج عن الإرهابيين المشتبه بهم ممن كانوا فى السجون، الأنظمة الديكتاتورية وجميع أجهزتها الاستخباراتية القوية حل محلها سلطات ضعيفة تناضل من أجل إثبات ذاتها.
فى ظاهرة غريبة من نوعها آخذة فى التطور من اليمن حتى شمال افريقيا ظهر عدد من المجموعات على مدار العام الماضى لا علاقة بينهم ولكنهم جميعا يحملون اسم أنصار الشريعة يقول البعض إنها سلمية ونجد أن جميعها منوطه تطبيق الشريعة الإسلامية فى البلاد التي تعيد بناء نفسها.
على سبيل المثال، جماعة جبهة النصرة فى سوريا، يبدو أن أهدافها محلية بخلاف الأجندة العالمية لبن لادن ولكنهم قد يحولون اهتماماتهم إلى الخارج اعتماداً على التقدم الذى يحققونه فى معاركهم المحلية، كما أن سقوط نظام القذافى فى ليبيا كان بمثابة ضربة قوية لاحتواء ميليشيات تنظيم القاعدة على الجبهة الجنوبية للبحر المتوسط.
لا يمكننا الإجابة بسهولة عن كيفية معالجة هذا التغيير الأكثر انتشاراً وتحولا للجهاديين، ولكن تطورهم لابد أن يواكبه تطور فى السياسة الغربية، حتى لو كانت كل أفعال الجهاديين تبدو واحدة فمن الضرورى إدراك التغيير السريع الذى تشهده البيئات المحلية والظروف الأمنية والسياسية التى سمحت لهم بالتواجد.
الخطر البديل الذى يواجهنا هو اضطرارنا إلى مواصلة المعارك التى خضناها العقد الماضي.
اعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز








