مابين نظام يذهب وآخر جديد يجىء يبقى شعار المشروع القومى الذى سيخرج البلاد من الظلمات إلى النور ويحقق الرفاهية للشعب المطحون، مطبوعاً على لسان الحكام فى عصور ما قبل الثورة وما بعدها ولعل أبرز مثال على فشل الدولة المصرية فى إدارة المشروعات القومية هو مشروع توشكى الذى روج له نظام مبارك على أنه بوابة الاكتفاء الذاتى من الغذاء لمصر عن طريق استصلاح ملايين الأفدنة فى صحراء الوادى الجديد ولكن سرعان ما استيقظ المصريون على كابوس المليارات التى انفقت فى الرمال الصفراء ليدخلهم حكام العصر الجديد فى مشروع قومى آخر هو تنمية محور قناة السويس الإقليمى مروجين أنه سيجذب مئات المليارات من الدولارات لمصر ويحقق طفرة اقتصادية تستوعب البطالة وترفع من الدخل القومى لمصر.
الحكومة الحالية شكلت مجموعة وزارية لإدارة المحور تضم وزراء الإسكان والنقل والصناعة والاستثمار والتخطيط والتعاون الدولى برئاسة الدكتور طارق وفيق، وزير الإسكان، المشرف على مشروع النهضة فى حزب الحرية والعدالة، وفيق توقع أن يتم ضخ استثمارات تقدر بـ 100 مليار دولار فى مشروعات الإقليم حتى عام 2022 منها 45 مليار فى المرحلة الأولى التى تنتهى فى 2017 وأعلن أن إيرادات قناة السويس سترتفع من 5.2 مليار دولار سنوياً إلى حوالى 30 مليار دولار بعد أن تقوم مصر بإقامة مناطق
صناعية ولوجيستية على ضفتى القناة.
الدكتور وليد عبد الغفار، المشرف الفنى على محور تنمية قناة السويس، قال لـ«البورصة» إن محور تنمية إقليم السويس لن يتحول إلى توشكى جديدة رافضاً المقارنة بين نظام فاسد كان يبحث عن مصالحه الخاصة وبين حكومة ورئيس اختارهم الشعب وعليهما أن يعملا لمصلحته.
أضاف أن رؤية الحكومة الخاصة بمحور تنمية القناة هى تحويله لمحور لوجيستى وصناعى عالمى، معترفاً بأن مشروع تنمية إقليم قناة السويس ليس من ابتكار حزب الحرية والعدالة ولكن يحسب لهم إعادة تفعيل المشروع وطرح مشروعات جديدة وتحويله إلى مشروع قومى لمصر خلال السنوات المقبلة.
عبدالغفار أكد أن الفريق الاستشارى الخاص بوضع المخطط العام للمشروع لاينتمى أغلبه إلى حزب الحرية والعدالة أو اتجاه الإسلام السياسى بشكل عام ولكنهم يعملون لوضع نموذج لمشروع قومى يستمر لعدة عقود دون ربطه بحكومة معينة أو رئيس محدد.
تابع أن مخطط المشروع سيتضمن جميع الفرص الاستثمارية ومناطق التنمية فى إقليم قناة السويس بالكامل وسيتاح لجميع الشركات الوطنية والعالمية الاستثمار فى المشروع وتتكلف الدولة بتجهيز الموقع والترفيق وطرح المشروعات سيكون ملزماً للحكومات المتعاقبة ضمن خطة تنمية الإقليم ولن يتوقف بتغيير الحكومة أو الرئيس.
أكد عبدالغفار أن الحكومة الحالية تحرص على نجاح المشروع واستمراره لذا ستستمر الجولات الوزارية فى مدن القناة بعد أن تمت زيارة ميناء العين السخنة ووادى التكنولوجيا وهيئة قناة السويس، مشيراً إلى أن الاجتماعات مع مسئولى الدول التى ترغب فى الاستثمار فى محور القناة تهدف إلى عرض خطة الدولة لتنمية الاقليم والتأكيد على أن المشروع مستمر.
ذكر أن إعلان قطر عن استثمار 10 مليارات دولار فى محور قناة السويس يؤكد الرغبة الدولية فى المشاركة بتنمية الإقليم وأن الحكومة لا تستخدم المشروع للشو الإعلامى أو كسب الشعبية، وشدد على أن الاجتماعات مع الشركات التى تستثمر فى محور القناة هدفها تذليل جميع العقبات التى تواجههم وضمان حقوق المستثمرين الجادين.
الدكتور سيف فرج، خبير الاقتصاد العمرانى، حدد عدة ضمانات لنجاح مشروع تنمية إقليم قناة السويس وعدم تحوله إلى توشكى جديدة قال إن أهمها هو إعداد دراسات جدوى كافية للمشروع وتحديد البدائل التمويلية المحلية والدولية وأن يكون المشروع له مردود اقتصادى إيجابى على المدى القصير والمدى البعيد.
أضاف أن العامل الأول لنجاح المشروع هو أن يشعر الشعب بالعائد السريع له وذلك من خلال تحديد أهداف للمشروع على المدى القصير تتمثل فى تلبية الاحتياجات المحلية والبدء فى المشروعات ذات العمالة الكثيفة لاستيعاب معدل البطالة الكبير فى مصر مما يرفع من الدخل القومى.
أكد أن المشروعات التى تضع أهدافها على المدى البعيد فقط لا تستمر لأن الشعب سيرفض إنفاق المليارات على مشروعات يتأخر العائد من ورائها ويجب أن تتضمن استراتيجية المشروع خططاً قومية للتنمية البشرية والعمرانية.
تابع أن الدولة يجب أن تشكل فريقاً محترفاً للترويج للمشروع محلياً وعالمياً وتقديم دراسات واقعية عن العائد من المشروع وفرص الاستثمار لأن الدول الخارجية لا تضع أموالها فى مشروعات خاسرة وتقوم بعمل دراسات جدوى خاصة بها قبل الاستثمار فى أى مكان لضمان العائد على إنفاقها.
شدد على أن مصر يجب أن تضع فى الاعتبار منافسة إسرائيل ودبى لمحور قناة السويس من خلال إقامة موانئ بديلة جاذبة للسفن تتضمن مناطق صناعية ولوجيستية وصناعات تكميلية لتموين وصناعة السفن وتخزين البضائع ولكنه أكد أن مصر قادرة على إقامة هذه الأنشطة وتقديم جميع الخدمات فى حين أن دبى وإسرائيل لا يملكان الموقع المتميز لقناة السويس وهو ما يجب أن تستثمره مصر جيداً.
وتوقع فرج أن يعبر مشروع تنمية إقليم قناة السويس بمصر من الفقر إلى التنمية الاقتصادية بشرط توفير الدعم الشعبى للمشروع والترويج له فى الداخل حتى يتأكد المستثمرون الأجانب أن المشروع يلقى قبولاً شعبياً ويحفزهم للاستثمار فى القناة.
من جانبه، أكد اللواء محفوظ طه، الاستشارى البحرى لرئيس الجهاز التنفيذى للمشروعات الصناعية والتعدينية الرئيس الأسبق لهيئة موانئ البحر الأحمر، أنه لا توجد أى فرصة لنمو أى مشروعات صناعية أو تجارية أو لوجيستية فى مشروع تنمية إقليم محور قناة السويس إلا فى منطقتى شرق التفريعة والعين السخنة.
كتب – محمد درويش واسلام عتريس