في سوق لم تعرف أداة الصكوك من قبل ربما يسهل التعرف إلي أولئك الذين هم علي استعداد للاستثمار فيها والذين هم علي استعداد للاعتماد عليها كأداة للتمويل، لكن الذين سيديرون الإصدارات ويروجون لها لا يزالون محل تساؤل حتي الآن.
وتقول الحكومة إنها تسعي لجمع مليار دولار عبر صكوك تخطط لإصدارها في يونيو المقبل، بعد اقرار القانون المنظم لهذا النشاط والذي جعلته علي رأس أولوياتها التشريعية بعد إصدار الدستور.
والمعروف عن الصكوك أنها أداة مالية معقدة إلي جانب كونها غير مجربة من قبل في السوق المصرية، ولم تسهم أي مؤسسة مالية كبري في البلاد في عملية الإدارة أو الترويج لصكوك.
حتي في الأدوات التقليدية المشابهة للصكوك مثل السندات تعد المسألة صعبة بالنسبة لمعظم البنوك وبنوك الاستثمار، نظراً لقلة عمليات اصدار السندات في السوق المحلية. ولا يوجد سوي عدد محدود من هذه المؤسسات القادر علي إدارة اصدار السندات أو الترويج لها.
وقال أشرف طلعت، رئيس قطاع المعاملات الإسلامية بالبنك الأهلي المصري ان البنوك التي لديها إدارات للاستشارات المالية ستكون الأقرب لإدارة اصدارات الصكوك بشرط تدريب كوادرها علي هذه الأداة المعقدة.
وتعني هذه النتيجة عملياً أن البنوك الأربعة التي تعمل وفقاً للشريعة الإسلامية في مصر لن تكون قادرة علي ادارة وترتيب صكوك، نظراً لضعف أنشطة الاستشارات لديها.
وقال طلعت ان نشاط الاستشارات المالية غالبا ما يكون قادراً علي اتاحة جميع أنواع الاستشارات، فضلاً عن أن البنوك التي لديها تلك الادارات تقوم بإدارة اصدارات سندات تقليدية، لافتا إلي انها نفس فكرة اصدارات الصكوك مع اختلاف نوعية الاستثمار وطرق احتساب العائد عليها وفقا لأحكام الشريعة الاسلامية.
ومنذ إعلانها نيتها تفعيل أداة الصكوك كأداة للتمويل الإسلامي أصبحت مصر هدفاً للبنوك والمؤسسات المالية العالمية التي تنشط في مجال اصدارات الصكوك.
والتقي وفد من جي بي مورجان مسئولين من وزارة المالية للتعرف علي خطط الحكومة في هذا الصدد، وربما لترويج خدماته. كما أن اتش اس بي سي أحد الأسماء المطروحة دائما في كل مرة يدور فيها حديث عن الصكوك.
و قال مسئول ببنك مصر ان البنك يتبني خطة لتدريب كوادره علي تقديم الاستشارات للخدمات المالية الاسلامية، وأرسل موظفين لديه للتدريب في الخارج علي عمليات اصدار الصكوك لكونها آلية معقدة وتتطلب التدريب المسبق والاستعانة بالكوادر المتميزة في القطاع، مشيرا إلي ان هناك عدد محدوداً من البنوك التي لديها المقومات التي تؤهلها لإدارة اصدارات الصكوك وهي البنوك التي لديها ادارات استشارات مالية.
وقال محمد البلتاجي، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي ان البنوك هي أقدر الجهات علي إدارة إصدارات الصكوك، مشيراً إلي أن هناك عدداً من البنوك المعروفة في السوق والتي لها باع في نشاط الاستشارات المالية وعنصر المنافسة يلزمها بالقدرة علي إدارةاصدارات الصكوك المختلفة أيضا.
أضاف ان اصدارات الحكومة من الصكوك لها وضع خاص، حيث سيكون البنك المركزي الجهة المسئولة عن عملية الاصدار من خلال التعاون مع بعض البنوك العالمية التي لديها خبرة في ذلك النشاط، مشيراً إلي أن هناك عدداً كبيراً من الخبراء والقائمين علي النشاط في مصر شاركوا في عمليات ادارة للصكوك في دول اخري ولديهم الخبرة في التعامل مع تلك الاداة.
وتوقع البلتاجي ان تكون هناك منافسة ونشاط ملحوظ بين البنوك عقب الانتهاء من عملية اقرار مشروع قانون الصكوك، وأن تسارع البنوك للقيام بدور مدير ومستشار طروحات الصكوك الإسلامية.
وقال محفوظ محمد، مدير العمليات المصرفية في بنك فيصل الإسلامي، أكبر بنك اسلامي في مصر، ان الآلية حديثة في السوق المصرية ومعقدة وتتطلب ان يقوم بها البنوك التي لديها ادارات استشارات مالية، فضلا عن أن المرحلة الأولي من الصكوك تتطلب ان تتم الاستعانةبخبرات خارجية وبنوك عالمية لها باع طويل في هذا النشاط.
أضاف محمد انه لا يشترط ان تكون البنوك الإسلامية القائم علي عمليات اصدار الصكوك، لافتاً إلي ان نشاط الادارة والاستشارات المالية نشاط منفصل عن عمليات الصيرفة وكونها شرعية أو تقليدية.
وتستعد البنوك الإسلامية في مصر، وتلك التي تقدم خدمات متوافقة مع الشريعة إلي جانب خدماتها التقليدية للبحث لاستقبال أداة توظيف جديدة بعد طول معاناة من ضعف أدوات ومجالات التوظيف المتاحة أمامها في السوق.
لكن المشاكل التي يعاني منها بعض هذه البنوك، وضعف القواعد الرأسمالية للبعض الاخر سيجعلان من البنوك التقليدية المستفيد الاول من « الصكوك » التي يستعد السوق لاستقبالها خلال اسابيع. وتقول البنوك الإسلامية انها بحاجة لأداة استثمار في الاوراق المالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية بدلاً من السندات التقليدية، كما انها ستكون قادرة علي اقراض الحكومة بأداة تختلف عن سندات واذون الخزانة الحالية.
الا ان البنك المركزي وضع حدودا قصوي لاقراض العميل الواحد والاطراف المرتبطة، ولا يحق لأي بنك ان يستثمر من أمواله اكثر من 20% من قاعته الرأسماليه لدي عميل واحد، و25% لدي العميل والأطراف المرتبطة.
قال منصور قلادة، رئيس مجموعتي الاستثمارات وأمناء الاستثماربالبنك الأهلي المصري ان البنوك التي تتمتع بقاعدة رأسمالية كبيرة بالتأكيد لديها قدرة اكبر علي التوسع في استثمارات الصكوك، مقارنة بالبنوك الإسلامية التي مازال حجم قاعدتها الرأسمالية محدوداً.
اضاف ان الصكوك آليه استثمار مثلها مثل باقي الآليات الاخري ولكنها متوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية والبنك لديه الخبرات والكوادر القادرة علي ادارة وتقييم جدوي الاستثمار في تلك الآلية ونحن نرحب بالتوسع في استثماراتها طالما متوافقة مع سياسات البنك واتجاهاته.
ومن أبرز البنوك المتوقع استحواذها علي حصص في استثمارات الصكوك الفترة المقبلة بنوك الأهلي ومصر والتجاري الدولي، نظرا لقدرتها علي دراسة جدوي الصك واتساع قاعدتها الرأسمالية والتي تسمح لها بتغطية جزء كبير من طروحات الصكوك المنتظرة.
ومن جانبه، قال رئيس قطاع المعاملات الإسلامية ببنك مصر ان البنوك الكبري ستكون المستثمر الاول في إصدارات الصكوك المرتقبة، نظراً لكونها الاقدر علي الدراسة والتأكد من جدوي تلك الاستثمارات كما أن القاعدة الرأسمالية لتلك البنوك تتيح لها التوسع في ذلك النشاط، لاسيما أن الفترة الماضية كان هناك حالة من الركود في التمويلات المختلفة، ما يسمح لها بالتوسع في استثمارات الصكوك الجديدة.
أضاف ان البنوك التقليدية تتعامل مع آلية الاستثمار في الصكوك علي أنها ذات جدوي، لافتاً إلي انه لا يوجد ما يحول دون امكانية توسعها في الاستثمارات الإسلامية طالما ستتعامل بنفس اشتراطات وقيود الشريعة الإسلامية.
وتوقع ان تكون البنوك الاكبر حصة في استثمارات السندات حاليا هي الاكبر في استثمارات اصدارات الصكوك المختلفة خلال الفترة المقبلة.
وقال محفوظ محمد، مسئول ببنك فيصل الإسلامي إن البنوك الإسلامية محكومة بقاعدة رأسمالية تحدد لها حجم استثماراتها وتمويلاتها، مما سيؤثر علي توسعها في استثمارات الصكوك المختلفة، مشيرا إلي انها من الممكن ان تتغلب علي ذلك من خلال الاتجاه لرفع رؤوس اموالها، مشيرا إلي ان البنوك التقليدية ستظل الاكثر قدرة علي ان تتصدر قائمة المستثمرين في اصدارات الصكوك المختلفة وذلك لاتساع قاعدتها الرأسمالية.
إعداد: رغدة هلال