تواجه صناعة المستلزمات الطبية في مصر قدراً هائلاً من التحديات، التي أثرت بدورها بالسلب علي أداء هذا القطاع الصناعي الهام، الذي يتسم بجودة منتجاته وقدرتها علي المنافسة في الأسواق العالمية، ما دفع صادراته خلال العام الماضي لتجاوز سقف الـ300 مليون دولار، وذلك علي الرغم من الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد.
كشف محمد جودة، رئيس مجلس إدارة شركة « فيروميديكا للمستلزمات الطبية » عضو المجلس التصديري للصناعات الطبية، ان القطاع يعاني العديد من المشكلات، التي أبرزها، طول اجراءات تسجيل المستلزمات الطبية لدي وزارة الصحة، حيث تحتاج الشركة إلي نحو 12 شهراً، لكي تقوم بتسجيل مستلزم طبي، وهذا يترتب عليه هروب الاستثمارات إلي الخارج، خاصة أنه لا يوجد سبب منطقي لطول فترة التسجيل، وذلك في ظل حرص شركات المستلزمات الطبية علي التعامل بالمستندات فقط.
وقال جودة في حواره مع «البورصة» إن القطاع يواجه مشكلة إغراق الأسواق بالمستلزمات الطبية المهربة من الصين، ما يهدد مستقبل هذه الصناعة المحلية، وذلك في ظل تقاعس الأجهزة الرقابية في الدولة، وخاصة الجمارك التي لا تحكم رقابتها علي المنافذ التي يتم تمرير هذه المستلزمات المهربة منها.
وأضاف أن مصلحة الجمارك مسئولة عن هذه الأزمة، وعليها أن تتصدي لها، لما يترتب عليها من إضرار بالغ بالاقتصاد القومي وصناعة المستلزمات الطبية، بل بصحة المواطن أيضا، لأن معظم هذه المنتجات غير مطابقة للمواصفات، فضلاً عن أن السكوت عن هذه الهجمة قد يترتب عليه توقف المصانع المصرية عن العمل، وبالتالي تشريد العمالة الموجودة بها.
كما يعاني قطاع صناعة المستلزمات الطبية من الزيادة المطردة التي شهدها الأسواق في اعداد «مصانع بير السلم»، التي تمثل تهديدا حقيقيا للمصانع الرسمية، لأن الأولي هي الأجدر علي توفير المنتجات في الأسواق بسعر أقل، نظراً لانخفاض تكلفة الإنتاج لأنها لا تسدد ضرائب أو رسوم محليات أو مصروفات تدريب وبحث علمي وشهادات جودة وخلافه، ومن ثم تكون التكلفة أقل بكثير.
واقترح جودة أن تقوم وزارة الصحة بتشديد الرقابة علي الصيدليات لمنعها من التعامل مع هذه المصانع التي تمارس نشاطها بدون ترخيص، وأن يقتصر تداول الصيدليات للمستلزمات الطبية المنتجة عبر شركات مرخصة، وأنه لا مانع من أن توزع وزارة الصحة كتيبا علي الصيدليات يحتوي علي الشركات المرخص لها بالعمل في صناعة المستلزمات الطبية، حتي تلتزم الصيدليات بالتعامل مع هذه الشركات فقط.
وأكد أنه لا يليق أيضا أن يسمح للقنوات الفضائية بأن تقوم بالترويج لمستلزمات طبية غير مرخص بتداولها في الأسواق، خاصة أن الفضائيات تساهم بذلك في ترويج سلع تمس صحة المواطنين، وما دامت هذه المنتجات غير مرخصة فإن استخدامها يمثل تهديدا خطيرا لحياة المواطنين، وأنه ثبت بالفعل أن هناك العديد من المستلزمات الطبية غير المرخصة التي يتم الاعلان عنها عبر شاشات الفضائيات غير آمنة طبيا، وأنها لا تخضع لأي رقابة من وزارة الصحة وقد تسبب أضرارا بل وقد تؤدي إلي الوفاة.
وأوضح رئيس فيروميديكا للمستلزمات الطبية أن أصحاب هذه المنتجات يدعون بالاتفاق مع مسئولي الفضائيات إلي أن هذه المستحضرات مسجلة في وزارة الصحة في حين أنها مستحضرات مهربة لم تسجل، ولا يتم الرقابة عليها، لذلك فإن إدارة الاعلام بوزارة الصحة مطالبة بالسعي الجاد للكشف عن كذب هؤلاء المتاجرين بصحة المصريين، وأن بعض هذه المنتجات التي يتم الاعلان عنها فضائيا غير مصرح بتداولها.
وطالب بضرورة الإسراع في اتخاذ إجراءات انشاء إدارة مركزية لشئون المستلزمات الطبية بوزارة الصحة والسكان علي غرار إدارة الصيدلة وإدارة طب الاسنان، علي أن تكون مهمة هذه الإدارة المركزية تشديد الرقابة علي الدخلاء، ممن لا يحملون سجلا تجاريا او تراخيص، وذلك في سبيل فرض الانضباط علي هذا السوق حماية لصحة المواطنين وتشجيعا لنمو هذا القطاع.
وأشار جودة إلي أن جميع المصانع المرخص لها بالسوق المحلية تحرص علي تطبيق المواصفات القياسية، لأن المستشفيات ملتزمة بتوفير أفضل خدمة علاجية للمريض وأنها حريصة علي الحفاظ علي حياته، وبالتالي إذا كان الأمر يتعلق بمستلزمات طبية وثيقة الصلة بحياة المرضي، فإنه من الضروري الحرص علي تطبيق معايير ومواصفات تتطابق مع المعايير الدولية المتفق عليها سواء الخاصة بدول الاتحاد الأوروبي أو غيرها من الدول المتقدمة، وذلك حفاظاً علي سمعة المنتج المصري، وحماية لقطاع حيوي في المجال الطبي.
ولفت إلي أن ارتفاع سعر خام البلاستيك أدي إلي تراجع الطاقة الإنتاجية للمصانع، خاصة للمستلزمات التي يمثل خام البلاستيك الجزء الأكبر منها مثل السرنجات، التي انخفض إنتاجها بنحو 20%، وهذا يترتب عليه ارتفاع في أسعارها بالأسواق نتيجة تراجع المعروض منها.
وكشف عضو المجلس التصديري للصناعات الطبية أن تأخر الحكومة في صرف المساندة التصديرية المستحقة للشركات يؤدي إلي عدم تحقيق مستويات عالية من الجودة، وبالتالي تراجع معدلات التصدير، خاصة أن هناك 10 مصانع سرنجات مهددة بالتوقف عن التصدير بسبب التوقف عن الدعم.
وطالب المجلس التصديري للصناعات الدوائية بضرورة العمل علي رفع الدعم التصديري إلي 10% بدلا من 7% في ظل ارتفاع تكاليف الشحن البحري ووصول دعم صادرات المستلزمات الطبية في دولة مثل الصين إلي 18%، بالإضافة إلي ارتفاع رسوم الأرضيات مع زيادة توقف الموانئ، ما أثر سلبا علي عملية نقل البضائع من الموانئ، وأدي إلي انخفاض حركة الصادرات لصعوبة شحن الحاويات، وفرض غرامات تأخير يوميا علي المستوردين والمصدرين.
وقال جودة إن «فيروميديكا» تكبدت مصاريف اضافية نتيجة تحويل الشحنات المستوردة من الخامات إلي ميناء الاسكندرية بدلا من السخنة، وذلك علي الرغم من قرب ميناء السخنة من الصين وشرق اسيا، وهي اكثر الدول تصديرا لمصر من المواد الخام الخاصة بتصدير البلاستيك.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي في مصر يعاني من هبوط حاد خاصة فيما يخص المبيعات المحلية او الصادرات، وأن مركز تحديث الصناعة كان أهم الجهات، التي تقدم دعما ومساندة للمنتج المصري، هذا الدعم الذي توقف بشكل شبه كامل في أعقاب قيام الثورة، ما يهدد مستقبل هذا القطاع، ويستوجب من الحكومة أن تعيد النظر في جميع الإجراءات الاحترازية، التي تحمي المنتج المصري.
وطالب جودة البنك المركزي بضرورة ادراج المستلزمات الطبية ضمن جدول السلع ذات الأولوية في فتح الاعتمادات المستندية بالدولار، لتتمكن المصانع من استيراد خاماتها بسهولة، وذلك لما لها من أهمية بدلا من حالة «السفه الاستيرادي»، التي قد تقدم الدولارات الشحيحة بالسوق، لاستيراد سلع غير ذي أهمية.
وأوضح أن معظم المصانع لا تجد صعوبة الآن في تنفيذ قرارات البنك المركزي بعدم صرف مبالغ كبيرة من الدولارات دون مستند، لأنها تحتفظ بجميع فواتير النقل والاستيراد، وأن المركزي له الحق الكامل في اتخاذ ما يضمن توفير العملة الأجنبية، خاصة ان الاسابيع الماضية شهدت انتشار السوق السوداء التي دفعت اسعار الدولار لارقام قياسية تصل إلي 7 جنيهات.
وكشف جودة أن «فيروميديكا» تقوم علي تنفيذ خطة توسعات لزيادة الإنتاجية، وأنها تعتزم إنشاء خط إنتاج جديد لإنتاج السرنجات مع بداية العام المقبل بتكلفة مليوني جنيه.
يذكر أن شركة فيرو ميديكا من أهم 10 مصانع لإنتاج السرنجات في مصر، التي أسست عام 1996 بمدينة 6 اكتوبر علي مساحة 3 آلاف متر، وأنها حاصلة علي شهادتي جودة، وهي، ISO9001:2000 وISO13485:2003، وأن حجم صادرات قطاع المستلزمات الطبية بلغ نحو 300 مليون دولار في 2012.
كتبت – إنعام العدوي